لا ثقة للمواطن في الحكومة ونُحذر من العنف

سياسيون لـ “التحرير” عن أزمة الخبز: الحكومة في وضع صعب والاحتجاجات تتصاعد

سياسيون لـ “التحرير” عن أزمة الخبز: الحكومة في وضع صعب والاحتجاجات تتصاعد
  • 10 يناير 2018
  • لا توجد تعليقات

الخرطوم- التحرير:

استحوذت تفاعلات الأزمة الاقتصادية، التي تعاني منها البلاد، والتي تفاقمت بشكل أكبر خلال هذه الأيام، على إهتمام أهل الشأن الاقتصادي والسياسي، والمواطن السوداني باعتباره المكتوي الأول بنيرانها، والدافع الأكبر لفاتورتها، بسبب الزيادات الكبيرة التي طالت السلع الأساسية، حيث أثقلت كاهله بأعباء إضافية لا قبل له بها.

وفي إطار اهتمامنا بتطورات هذه الأزمة وتفاعلاتها، يجيء هذا الاستطلاع الذي أجرته (التحرير) مع سياسيين، لإلقاء الضوء على أبعاد الأزمة الحالية في السودان، بعدما تم رفع سعر الخبز، وأصبحت الرغيفة الواحدة بجنيه.

صدقي كبلو: الحكومة تعيش في وهم كبير

الخبير الاقتصادي والقيادي بالحزب الشيوعي السوداني صدقي كبلو أشار في حديثه لـ (التحرير) الى الوهم الكبير الذي تعيشه الحكومة بشأن اعتقادها بأن توحيد سعر الدولار بـ (18) جنيهاً سوف يحل مشكلة سعر الصرف والتضخم.

وتابع: هذا وهم لأن أهم شيء لإصلاح النقد الاجنبي يتمثل في زيادة الصادرات وتقليل التضخم. ويرى كبلو أن هذين الشرطين لن يتحققا بسبب أن صادرات البلاد بها عنصر نقد أجنبي ورفع سعر الدولار سيقلل من الكلفة، ما سيقلل ايضا من منافستها.

ويشير الخبير الاقتصادي الى أن المنتج سواء كان مزارعا صغيراً أو كبيراً لا يحسب الأسعار النقدية فقط بل يحسب الأسعار الحقيقية، فزيادة دخله من محصول الصادرات هي عبارة عن زيادة نقدية، وبالتالي فإن الأموال التي بحوزته سيشترى عن طريقها بضائع قليلة، وعليه فإن عنصر التحفيز في هذه المسألة غير وارد.

وقال كبلو إن أهم عنصر من عناصر الاجراءات المصاحبة للموازنة قُصد منها تخفيف العجز في الميزان التجاري وفي الموازنة نفسها وهذا لن يحدث، وأضاف  أن عجز الموازنة يبلغ  83 مليار جنيه  وليس 28 مليار جنيه كما تقول الحكومة ، وأن هذا العجز الضخم سيؤدي الى إفراط مالي، ما سيطر الحكومة لتغطيته من أجل زيادة كمية النقود.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن الزيادة التي شهدتها أسعار الخبز وغيره من السلع قد أفقدت المواطنين الثقة في الحكومة، وهذه الثقة من المسائل الهمة جدا في العملية الاقتصادية وهذا الأمر ادى الى عدم استقرار سياسي كما شاهدنا، حيث اندلعت تظاهرات في عدد من المناطق بالبلاد ، وسينعكس عدم الاستقرار السياسي على معاملات الدولة الخارجية، سواء من ناحية القروض او المنح او رأس المال الأجنبي للاستثمار في السودان.

ويقول كبلو إن الحكومة إذا غيرت الحكومة سياساتها تحت ضغط الجماهير، فإن ذلك يعتبر ايضاً عدم استقرار سياسي، واذا ما اصرت عليها واستمرت المظاهرات فإن ذلك أيضا يُعد دليلاً على عدم الاستقرار السياسي.  ويرى أن الحكومة قد أدخلت نفسها في مشكلة يصعب الخروج منها.

ومن ناحية سياسية يؤكد كبلو أن موازنة 2018 دفعت بالمزيد من الناس الذين كانوا يصنفون بانهم خارج نطاق العمل السياسي الى ساحة العمل السياسي وبدأت أصواتهم ترتفع بالاحتجاج، وتوقع حدوث زيادات أخرى على أسعار السلع، مشيراً الى ضرورة عدم الاعتماد  على الثروات الطبيعية كالذهب والبترول باعتبارها ثروات غير دائمة ، وحذر من أن عدم تغيير  ذلك النهج سيؤدي الى تفاقم الوضع أكثر مما هو عليه  الآن، هذا  فضلاً عن  أن عدم صدقية الدولة ستؤدي الى افقار البلاد .

إبراهيم الأمين: البلاد مقبلة على مرحلة خطرة للغاية

يرى الأمين العام السابق لحزب الامة القومي د. ابراهيم الأمين أن قوة الدولة لا تكمن في إمتلاكها آلة عسكرية فقط، بل تكمن في انتاجها وقوة اقتصادها، باعتبار أن  الاقتصاد هو القائد للسياسة ، وعليه مالم تكن الدولة متمكنة اقتصادياً لا تستطيع أن تنافس الدول الأخرى وستبقى عالة عليها.

وأكد الأمين في افادته لـ (التحرير)على أن ازمة الاقتصاد السوداني هي أزمة بنيوية هيكلية لأن كل المؤسسات المنتجة تكاد تكون متعطلة، بالإضافة إلى إهمال الدولة لعملية الانتاج واعتمادها الكلي على الضرائب والجمارك، ما انعكس سلباً على المؤسسات الاقتصادية المختلفة، وبالتالي  تفاقمت الأزمة  الاقتصادية واستفحلت. وتابع بالقول: ما لم نجد الحل السريع لتلك الازمة فسيترتب على ذلك الأمر أزمات متلاحقة لأن الأزمة في المقام الأول هي أزمة سياسية، وإذا لم تحل بإيقاف الحرب والصرف عليها، وإيقاف الصرف على مؤسسات الدولة المترهلة، وحدوث تحول ديمقراطي حقيقي وسيادة دولة القانون واطلاق الحريات ، فإن البلاد ستكون مقبلة على مرحلة خطرة للغاية ، الأمر الذي يستوجب الوقوف مع الذات لتدارك ذلك الخطر ولتجنب حدوث الكارثة و تفادي امكانية قدوم ما هو اسوأ .

التجاني مصطفى: تفاقم الأزمة قد يؤدي الى إنهيار الدولة 

رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي التجاني مصطفى نوه في قراءته لـ (التحرير) إلى أن الوضع الاقتصادي بالبلاد قد وصل  الى مرحلة كبيرة جداً من السوء، وأن معاناة المواطنين في الحصول على احتياجاتهم الأساسية باتت لا تطاق ، لافتاً الى أن كل اشكال معالجات الدولة لمشاكل الاقتصاد عملت على زيادة أعباء المواطنين ، مستشهداً بالموازنة الحكومية الأخيرة ( 2018) وقال إنها تعتمد بشكل كبير على المواطنين بفرضها المزيد من الضرائب، وفي المقابل هنالك هدر للأموال من قبل الجهات الحكومية، من خلال المنصرفات العالية جداً على مؤسساتها .

وطالب مصطفى الدولة بمشاركة المواطنين في تحمل تبعات الأزمة الاقتصادية وإعادة النظر في النظام الاتحادي الذي تتبعه الدولة الآن والذي شكل عبئاً كبيراً على اقتصادها. وتابع بالقول: “مالم يشعر المواطن بأن الدولة تشاركه الأزمة من خلال خفض الصرف على الجهاز الحكومي المترهل، فإن الأزمة الاقتصادية ستتفاقم وستؤدي الى المزيد من المواجهات الحادة والعنيفة”.

وفيما أكد في الوقت نفسه انعكاس أزمة الحريات على الواقع الاقتصادي بالبلاد، دعا رئيس حزب البعث الحكومة الى الاتجاه نحو زيادة الإنتاح والانتاجية والاستعانة بأهل الاختصاص لإعادة تأهيل المشاريع الكبيرة التي دمرتها الحكومة، وخلص إلى أنه: “مالم تحدث تلك المعالجات فإن الأزمة الاقتصادية ستتعاظم أكثر وستكون نتائجها مدمرة، هذا فضلاُ عن امكانية (حدوث) الانهيار الكامل للدولة .

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.