حــكاوي وذكــريات من بـلاد العـــم ســــام

حــكاية البت ســـمُّوية العســـولة

حــكاية البت ســـمُّوية العســـولة
  • 06 أكتوبر 2018
  • لا توجد تعليقات

د. بشير إدريس محمد زين - ديترويت - ميشيغان الأميركية

اليوم، ومن غير سبب، أو احتمال بسبب، تذكرت قصة عمنا الحسن وبنتو (سموية السمحة) ..أصلو عمنا الحسن-الله يرحمو ويتقبلو في الصالحين- كان عندو كنتين في الحلة مُلحق ببيته مثلما تكون عادةً الكناتين بتاعات الحلة..وكان لعمنا الحسن بنت جميلة جمال شديد خلاس.. عيونها كُباااار، ولونها فاااااتح، وطوييلة، وسواقينا وضُرعاتا ملياناااات..وضحّاااااكة، وضحكتها جمييييلة، وحلوااااا ما شاء الله عليها (دا حسب كلام الشباب).

وكانت عندما تضحك ضحكتا الجمييييلة دي، بتقوم تقفل خشمها بيدها، وبترفع عيونها لفوووق، وتختم الضحكة قائلة (حيييييا أنا يا الله)..فيهمهم الشباب الحاضرون ضحكتها عندئذٍ بتوجّع، ووجْد، ووحوحة، وحيحية، ويرددون خلفها بتكتُّم (أحييييييا أنا دا)…(حكاية سواقينا وضُرعاتا دي لإنو الكنتين كان مُلحق بالبيت، فأحياناً لما تكون عايزة تتناول ليها حاجة بسرعة من الدكان بتطلع من البيت حفيانة، وخاتة ليها طرحة بس في راسا ومرات من غير طرحة) !!

المُووووهم، البنت دي كانت منجّمة الشباب نجام شديييييييييييييد خلاس.. وكان اسمها سامية زي ما قلت، ولكيين الشباب تحِت تحِت بسمّوها (سـمُّوية العسل أو العسولة).. والظاهر عمّنا الحسن كان سامع بلقب بنتو دا، لإنو كان زول لطيف، وروحو شبابية جداً، ولمَّاح وشرَّامي كبير جداً.. (إنتو مش ملاحظين يا جماعة إنو أيّ بت إسمها سمّوية بتكون عسولة؟! مجرّد ملاحظة يعني)!!..برضو كان من عجائب شباب الحلة مع (سموية) إنو عندما يظفُر أحدهم برؤيتها متألقة كان يتقبَّل التهاني والتبريكات في ذلك اليوم من بقية الشباب الراقدين (سَلَطة) وكدة !!

المُووهم واحد صاحبنا كان مطلوب منو في معاملة حكومية حاجة إسمها (إقـرار سكن).. وعمّنا الحسن كان مسؤول من الحاجات دي في الحِـلة..أها الشاب دا مشي لعمنا الحسن في الكنتين، وعلي التعتِّرُو لقي ليك (سموية العسل) ذااااتا بعيونها الكبار ذاااتِن..وبلونها الفاااتح داك، ومتألقة كأبدع ما يكون الألق، وكمان حفياااانة، وخاتة ليها طرحة خفييفة فوق راسا، وواقفة ورا الكاونتر مع أبوها، وتتبسم كما يتبسم الجمال نفسُو !! ياخي السودان دا كان لذيذ خلاس..

أها صاحبنا إتجَهجَه جهجهة شديدة، وإرتبك، ورجف، وتصبب عَرَقاً، وصوتو راح..ولكنه توكَّل وبدأ الكلام بصوت مبحوح، مخاطباً عمنا الحسن، وعينو علي بنتو سموية، وقال ليهو:
باللهِ يا عمّي (العَسَل) داير لي إقرار سكن !!..
عمّنا الحسن حدجُو ليك بنظرة من وراء نظاراتو التخينة ديك من فوووق لتحت، وقاليهو: قلت شنووووو ؟!!
قاليهو: قلت ليك يا عمي الحسن داير لي (إقرار عَسَل)..!!

عمنا الحسن بروحُو الحلوة ديك، وبخفة دمو المعهودة قاليهو يا ولدي والله لسه كلامك متلخبط، لكيين أنا فهمتو..حاضر بطلع ليك إقرار سكن..ما إقرار عسل !!..صاحبنا قال والله يا داب (بمطاعنة) عمي الحسن دي حتي إنتبهت لدربكتي..ووالله من شدة ما خِجلت (وأتكرمشت) ما أنتظرت (إقرار العسل) ذاتو أشيلو..جريييييي !!

تخــريمة..
مرت السنون والأعوام، وتفرقت بنا السبل، وتخطفتنا المهاجر البعيدة، وتقطعت بنا الحِيَل والأخبار، وسمونا وتسامينا فوق ذكرياتنا وطيشنا، وضحكاتنا القديمة..ولكن قُبال مدة قصيرة كدة سافرت السودان في إجازة محدودة وخاطفة، ومشيت أزور أحد أصدقائنا وأقربائنا شغال أستاذ بجامعة مشهورة بالسماحة والقيافة، فوجدت -وبالصدفة المحضة- صاحبتنا بت عمنا الحسن ديك ذااااتا، وبنفس مواصفاتها ديك ذاااتا، وفي سماحتا ديك ذاااتا، ومعها بنتها -هي الأُخري سمحة سماحةً كمان ما شاء الله تبارك الله- قالت جايباها توصلها الجامعة.. فتسالمنا، وإتباكينا، علي أنفسنا وعلي أمواتنا الذين رحلوا لِواذاً، ومنهم عمنا الحسن، ثم ضحكنا من بعد، وإستعدنا الذكريات الضاحكة الجميلة البريئة..وفي النهاية قلت ليها والله من الصباح يا (سموية العسولة) وضغطت علي كلمة (عسولة) دي بين أسناني شديييييييد..من الصباح كلما تضحكي أنا أنتظرك تقولي في نهاية الضحكة(أحييييييا أنا يا الله)..لكنك أصلك ما قلتيها..قالت لي والله عارفاااك يا لئيم منتظرها عشان كدة أصلو أبيت أقولها..وضحكنا مجدداً ومطوَّلاً كأحلي ما يكون الضحك(ما زالت لئيمة بت اللزينا)!!

التعليقات مغلقة.