افتحوا أجواء التظاهر ضد ترمب   

افتحوا أجواء التظاهر ضد ترمب   
  • 08 ديسمبر 2017
  • لا توجد تعليقات

محمد المكي أحمد رئيس تحرير صحيفة "التحرير" الالكترونية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يستحق عن جدارة انتقادات العرب والمسلمين وأوروبا وأحرار العالم، وإداناتهم المتواصلة هذه الأيام، بشأن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل (6 ديسمبر 2017).

الرئيس الأميركي أكد مجدداً أنه متهور، مستفز للشعوب، وخطير على أمن العالم واستقراره، يهدد بسياساته الرعناء مصالح بلده، ويسيء اليها بتحرشه بأصحاب الديانات، وعدم احترامه المقدسات.

موقفه تجاه القدس يأتي في إطار سلسلة مواقف سلبية، منذ توليه مسؤوليات الرئاسة، فقد أثار عاصفة انتقادات شديدة في أميركا، منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية في 9 نوفمبر 2016، ليكون خلفاً للرئيس الديمقراطي باراك أوباما، الذي كان رغم تردده في حسم ملفات قضايا دولية مهمة، حكيماً، وعاقلاً.

على سبيل المثال، أطلق ترمب تصريحات مستفزة للعرب والمسلمين، بل أصدر قراراً تنفيذياً في 28 يناير 2017حظر بموجبه دخول اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأميركية، كما حظر دخول مواطني سبع دول عربية وإسلامية إلى أميركا، وهي سوريا وإيران والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن.

القضاء الأميركي المستقل والصحافة الحرة وقفت بقوة ضد إجراءاته التعسفية، التي لا تفرق بين الإنسان العادي والإرهابي، واضطرته لإجراء بعض التعديلات في القرار، وهو تلقى لطمة يستحقها.

لكنه واصل سياساته الظالمة، وفي الوقت نفسه مًد جسور التواصل مع دول مهمة في المنطقة العربية، في سياق حرصه على إبرام صفقات، ولم يظهر أي اهتمام إيجابي بقضايا الاستقرار، بل صب الزيت على نار الخلافات، وتجاهل حقوق الشعوب، وقضاياها العادلة، وفي صدارتها حقوق الشعب الفلسطيني، المظلوم.

وها هو الرئيس ترمب، يسجل سابقة سيئة في تاريخ الرؤساء الأميركيين، بالتوقيع على قرار يسلب الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين وأحرار العالم حقوقاً وطنية وإنسانية وتاريخية في القدس.

تجاهل متعمداً قرارات دولية حول القدس، صدرت منذ العام 1967، حيث توافقت دول العالم الكبرى على أن يبقى مصير القدس مرهوناً بمفاوضات الحل النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهناك إجماع دولي يؤكد أن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.

في هذا الإطار نحيي مواقف الدول الكبرى وفي صدارتها الأوروبية، والمنظمات التي رفضت قرار ترمب، واعتبرته انتهاكاً صارخاً لحقوق تاريخية.

لكن الأهم في هذا السياق أن نشير إلى أن الرئيس الأميركي يستغل ضعف الحال والانقسامات في صفوف الفلسطينيين والدول العربية والإسلامية، ويستخف بها، لأنها غارقة في وحل صراعاتها، وخلافات قادتها، وأجندتهم، التي تضر بمصالح الشعوب.

حقائق الواقع ودروس التاريخ تؤكد أن قوة مواقف الدول، ومكانتها على الخارطة الدولية، تُستمد من نبض شعوبها، واحترام إرادتها الحرة، فالدول الغربية مثلاً، وبينها الولايات المتحدة تولي اهتماماً واحتراماً للرأي العام، وهو مؤثر، وفاعل، وقادر على أن يهز، أو يسقط حكومات، أو يجبرها على تغيير مواقفها.

هذا معناه أن التحركات الدولية، وخصوصاً سياسات ترمب ، لن تحترم الدول العربية والإسلامية، أو تراعي مصالحها، وحقوق شعوبها، في حال واصلت دولنا مسلسل الخلافات والصراع، والخصومة، و سياسات قمع الشعوب وقهرها.

نرى أن مفتاح المناصرة الناجع، للحقوق الوطنية والإنسانية، وبينها حقوق الشعب الفلسطيني وشعوب الأمتين العربية والإسلامية، يكمن في عودة الحكام إلى الشعوب، فهي التي تحمي ظهر الحكام، أو تتفرج عليهم في أوقات المحن، أو تسقطهم، وهي القادرة على التأثير في السياسات الدولية.

الدعوة إلى احترام إرادة الشعوب، تدفعنا إلى دعوة الفصائل الفلسطينية التي أضاعت وأهدرت أثمن الأوقات في التناحر والصراع، إلى وفاق حقيقي، يعلو على الضغائن، ولا يضيع الوقت في الخصومات.

كل هذا يعني أن قرار ترمب حول القدس يُمكن أن يشكل فرصة سانحة للقادة الفلسطينيين وللحكام العرب، كي يتفاعلوا مع قناعات الشعوب، ويفتحوا أمامها مناخ التظاهر، السلمي، الحضاري.

ندعو إلى فتح أجواء التظاهر للشعوب العربية والإسلامية، كي يسمع الرئيس الأميركي صوتاً جماعياً، هادراً، مدوياً، يقول ” لا للظلم” و” لا لسياسات ترمب العدائية، الحمقاء “.

لغة الشعوب العربية والإسلامية، إذا انطلقت، هي أقوى تأثيراً على الرأي العام الدولي، من الإدانة “الكلامية” البائسة، التي تصدر عن الدول العربية والإسلامية.

نبض الشعوب، يُمكن أن يساهم، في حال تواصلت المظاهرات، والرفض الشعبي لقرار ترمب، في بلورة رأى عام أميركي، يتفهم عدالة القضية، وقد يدفع ساكن البيت الأبيض، إلى إعادة النظر ومراجعة السياسات الأميركية الخاطئة.

العملية ليست سهلة، تحتاج إلى تكامل الجهود الشعبية والرسمية، ليتم تجاوز حالة الجلوس على رصيف الأحداث..

modalmakki@hotmail.com

التعليقات مغلقة.