كلام عابر

الله يكضب الشينة

الله يكضب الشينة
  • 14 سبتمبر 2018
  • لا توجد تعليقات

عبدالله علقم

لم يشد انتباهي خبر إقالة الحكومة السابقة وتعيين رئيس وزراء جديد(حيكومات تجي وحيكومات تغور). ما شد انتباهي وأقلقني فعلاً ما ورد في “باج نيوز” أن رجال أعمال عرب دخلوا في مفاوضات مع جهات قيادية بالدولة من أجل إكمال عملية شراء بعض الأندية الرياضية السودانية “بهدف تطوير كرة القدم في السودان”.

وبحسب مصادر موثوقة لباج نيوز فإن تعارض قانون الرياضة الولائي والإتحادي  في السودان مع مثل هذا العرض حال  دون الإعلان عن عروض الشراء المقدمة. ويقال أن هذه الخطوة، أي بيع أندية كرة القدم لمستثمرين أجانب تهدف لتطوير كرة القدم ذات الشعبية الكبيرة في السودان.

رغم أن مصداقية “باج نيوز” ليست موضع شك إلا أنني أتمنى أن يكون الخبر غير صحيح، ولو كان ذلك خصماً من هذه المصداقية.

أندية كرة القدم في السودان مع أن مستوى كرة القدم نفسها تراجع كثيرا مثلما تراجع كل شيء في حياتنا، ليست مجرد أندية رياضية لممارسة كرة القدم والرياضات الأخرى مثل البلدان الأفريقية والعربية، ولكنها كيانات اجتماعية وثقافية أهلية ارتبطت في ذاكرة المجتمع السوداني بكونها منابر وطنية قاومت الاستعمار، وأسهمت في تحقيق الاستقلال، وكانت، وما زال بعضها، مقراً للمسارح وفصول محو الأمية والتوعية المجتمعية.

هذا من جانب، أما الجانب الآخر والأكثر أهمية في مثل هذه الظروف أن الأندية تملكها جماهيرها التي شيدتها بجهودها ومواردها الذاتية، وفي بعض الأحيان بعون حكومي لا يعول عليه.

وضع هذه الأندية يختلف عن الأندية الرياضية في قطر والسعودية والإمارات التي جاءت منها عروض الشراء غير المعلنة حسب “باج نيوز”.

في هذه البلدان تكفلت الدولة بتشييد الأندية الرياضية التي تضم بجانب استاد كرة القدم كل الملاعب والنشاطات الرياضية المختلفة، بجانب سكن ملحق بكل ناد، هذا بجانب الدعم المالي الضخم الذي تقدمه هذه الدول لأنديتها الرياضية، كما إن إدارة الرياضة بما فيها الأندية لها نهجها المختلف عن المتبع في بلادنا.

أنديتنا ترفد خزينة الدولة وتصرف على اتحادات الكرة.

المنطق يقول إن الدولة السودانية لا تستطيع التصرف في الأندية بالبيع مثلما باعت أملاك الوطن داخل السودان وخارجه؛ لأنها لا تملك هذه الأندية.

لم تصدر بعد القوانين التي تحول أنديتنا إلى شركات مساهمة عامة أو مقفولة بإدارات متفرغة، وهي متطلبات الاحتراف، وهي مراحل لم نبلغها بعد، ولا توجد تسمح أساساً ببيع أنديتنا التي نحسبها من الأشياء القليلة الجميلة التي بقيت على حالها مع أنها، أي الأندية، وتحديداً ناديي الهلال والمريخ، قد تراجع مستواها سواء في الملاعب أو على مستوى إداراتها التي ليست في قامة وتاريخ النادي الوطن.

ليت المستثمرون يوجهون استثماراتهم إلى أندية أخرى في أرض الله الواسعة بما فيها أندية بلادهم، فهي أكثر أماناً وجدوى بجميع المقاييس، فلا الهلال للبيع ولا المريخ للبيع، وليت الأمر كله يكون مجرد شائعة خبيثة على الرغم من التجارب السيئة.

والله يكضب الشينة.

التعليقات مغلقة.