هذا المجلسُ العسكريُّ الموقَّر، إما أنه ما عارِف، أو أنه (عارِف وحارِف) كما يقولُ المثلُ السودانيُّ المعروف !!

هذا المجلسُ العسكريُّ الموقَّر، إما أنه ما عارِف، أو أنه (عارِف وحارِف) كما يقولُ المثلُ السودانيُّ المعروف !!
  • 30 أبريل 2019
  • لا توجد تعليقات

د. بشير إدريس محمدزين

• فالقواتُ المسلحةُ السودانيةُ دورُها، وبوضوحٍ شديد، هو حمايةُ الوطن، شعباً، أرضاً، سيادةً، ودستوراً، من كلِّ إعتداءٍ يتهددُه..هذا الدورُ أوكله الشعبُ السودانيُّ إليها بموجبِ عقدٍ كانت هيَ فيه بمثابة الأبناء، والطرفَ الثاني بنفس الوقت، وكان الشعبُ السوداني هو الوالدَ، والطرفَ الأول، وبإعتباره كذلك هو المخدِّمُ، صاحبُ الوطن، والأرض، والسيادة، والكرامة، والدستور.. إنتهى..

• عندما بدأ ثوارُ الشعبِ السوداني الإعتصام، بكل فئاتهم، وقطاعاتهم، وتوجهاتهم، أمامَ بوابةِ قواتهم المسلحة، إبتداءً من السادس من أبريل الجاري، كان الغرضُ من ذلك أن يقولوا، وبوضوحٍ شديد، لقواتهمُ المسلحة: إنَّ دورَكم، الذي تعاقدنا معكم عليه، قد حان الآن يا قواتنا المسلحة، وهو أن تحمُـونا، نحنُ الشعب السوداني، من بطش، وتغوُّل، وتجبُّر، ودهس، وقتل رباطةِ حكومةِ إسلامويي الإنقاذ.. وأن تعيدوا إلينا ما سلبونا من سيادةٍ، وعزةٍ، وكرامةٍ، وأرضٍ، ومالٍ، ودستور، وهذا -نكرر- هو دورُكم الذي تعاقدنا معكم عليه بإعتبارنا نحنُ الشعب السوداني طرفاً أولا، وأنتم، قواتُنا المسلحة، طرفاً ثانياً.. إنتهى

• نهض المجلسُ العسكريُّ، وليس مُهماً معرفة (نهض كيف)، المُهم أنه نهضَ مشكوراً، ممثِّلاً لقواتنا المسلحة، لتنفيذ بنود العقد الذي بينها كطرفٍ ثانٍ، وبين الشعبِ السوداني كمخدِّمٍ، وطرفٍ أول، وهو -نكرر- حمايةُ هذا الشعب السوداني، وطناً، وأرضاً، وسيادةً، وكرامةً، ودستوراً من تغوُّل حكومةِ الإسلامويين عليه، ومن كل تغولٍ آخرَ في المستقبل.. إنتهى

• إلي هُنا المفروض أن المجلسَ العسكري الموقَّر، ممثِّلاً لقواتِ الشعبِ السوداني المسلحة، يعرفُ، وبموجب تدريبه، وتأهيله العسكريِّ والأمني، الذي صرف مخدِّمُه، الشعبُ السوداني، عليهِ أن يتأهله ويتدربه..المفروض أنه يعرفُ ما هي أُولي الإجراءاتِ الواجبِ أن يتخذها، وفوراً، ليحميَ الشعب السوداني، وثورتَه، وقبل كل شئ، من تغوُّلِ، وبطشِ، وقتل، وسرقة، ونهب، وتآمرِ إسلامويي حكومة الإنقاذِ المُبادةِ عليه..
إنَّ أُولي هذه الإجراءات الفورية التي من المفروض أن المجلسَ العسكري يعرفُها بداهةً، هي أن يُوقفَ فوراً، ويتحفَّظَ بلا توانٍ، ويتحرَّز علي كلِّ رؤوسِ المتغولين، والباطشين، والقتلة، والنافذين من حكومة الإنقاذ البائدة، مع ممتلكاتهم، ومواردِهم، من أصغرَ تنفيذيٍّ فيهم، وإلي أكبر رأسٍ مجرم، وهو الرئيس المعزول عمر البشير.. إنتهى

• طيِّب، هل قام المجلسُ العسكريُّ الموقَّر بهذه الإجراءات الإحترازية، التحفظية، الفورية لحماية مخدِّمِه الشعبِ السوداني، وثورتِه بموجب العقدِ بينهما؟!!!

بكلِّ أسف، المجلسُ العسكريُّ الموقَّر لم يفعل ذلك إلا جُزئياً حتي الآن، وببطءٍ شديد، وبجرجرةِ رجلين، ودِفّير، ولِـزليز !!

• والسبب، أن المجلسَ العسكري الموقَّر، يبدو الآن، وكأنّهُ يعتبرُ الأمرَ ببساطة، هو أن هناك (خِناقةً) حصلت بين الشعبِ السوداني وبين لصوصِ الإنقاذ، وأستنجد الطرفُ الضعيف، وهو الشعبُ السوداني، بالمجلس، ليخلّصه من طرفٍ آخرَ قويٍ، وباطش، فجاء المجلسُ العسكري بذات (البطء، والدّفير، واللِّزليز) ففصل بين (المتشاكليْن) المتصارعيْن فعلاً، وحبسَ (بعضَ) عناصرِ العصابةِ المُعتدية، ثم بدأ فوراً، وقبل أن يُكملَ تأمينَ البيت وصاحبه حتى، بدأ يتصارع مع الشعب السوداني (الطرف الأول، والمُخدِّم)، ويشترط عليه، ويقول له: إذا أردتني الآن أن أحميَك، واستمِرَّ في حمايتِك، فيجب أن تعطيَني كذا غرفة في هذا البيت، وكذا سرير، وكذا حمام، وكذا دولاب، لكَي أتمكن من الإستمرارِ في حمايتك !!!

• رُبما نسيَ المجلسُ العسكري الموقَّر، أو تناسَى، أن قوةَ حمايةِ الأوطان، والدساتير، والمؤسسات، وبموجب العقد، ليس مكانها داخل البيت، ولا بالمكاتب، ولا علي الكراسي !!

• إنَّ أوجبَ واجباتِ إخواننا، وأبنائنا، في المجلسِ العسكري الموقَّر، أن يأمِّنوا ثورةَ شعبِهم أولاً -هذا إذا كانوا يعتبرونها كذلك- بإعتقالِ كل تنفيذيٍ، ودستوريٍّ، ونافذٍ من فلول النظام السابق، وفوراً، وبلا تأخير..وأن يتحفظوا علي أصولهم، ومواردهم، وذلك لتأمينِ الثورةِ أولاً، ولتأمينهم هم أنفسهم من غضبِ الثوار ثانياً، ولإكتسابِ ثقةِ شعبِهم أنهم ما يزالون منهم وإليهم ثالثاً..
• كما عليهم، أن يتحفظوا، وفوراً، علي حلفاءِ لصوصِ الإنقاذيين، ومناصريهم، ومسانديهم، والمصفقين لهم، والساكتين علي تغوُّلهم، وظلمهم، وإفتئاتهم، وقهرهم، وبطشهم، وجبروتهم، وقتلهم..ولذات الأسباب..وهذا ما فعله، وبالضبط، الإنقاذيون أنفسُهم، حين قاموا بإنقلابهم في ٣٠ يونية ١٩٨٩م..

• ثم عليهم بعد ذلك، أو أثناءه، أن يتفاهموا مع مخدِّمِهم، الشعبِ السوداني، ويتشاوروا معه، وينفِّذوا له ما يرى، بإعتبارهم طرفاً ثانياً، بموجب العقد، بشأنِ تأمينه ليُكمِلَ تأسيسِ دولةِ مواطنةٍ متساوية، ديموقراطيةٍ، وحُرة، ومُستقرة، وبالكيفية التي يراها الشعبُ السودانيُّ كطرفٍ أول، لا كما يملونها هم عليهِ كطرفٍ ثانٍ..مع حفظِ كلِّ التقديرِ لمقاماتهم السامية، وأدوارِهم المحترمةِ العظيمة.. 

• علي مجلسِنا العسكريِّ الموقَّر، ألَّا يعتبرَ نفسَــه (حجَّازاً)، بل  (مُنحازاً)..وبموجبِ شروط العشمِ والدستور..

التعليقات مغلقة.