وداعاً حسان علي أحمد.. عندما تغادر النوارس فجراً

وداعاً حسان علي أحمد.. عندما تغادر النوارس فجراً
  • 28 يونيو 2019
  • لا توجد تعليقات

سيبويه يوسف

تقرير- التحرير:

عندما عانقت عقارب الساعة ليلة الثاني والعشرين من يونيو الجاري، أغمد المحارب القديم سيفه، وتوشح بأوسمة الرحيل، وناحت الأرجاء تنعي الفنان الإنسان حسان علي أحمد، الذي أفنى العمر غريباً، ينافح عن فكرة، ويقاتل من أجل مبدأ.

حسان وخلفه إحدى لوحاته

 تدثرت ليالي القاهرة بسواد يطوف على محيا رفاقه في المقاهي العتيقة، تمتد الاحزان من عابدين القديمة، مروراً بمقاهي باب اللوق، حيث يتجمع التشكيليون في مقاهي مميزة يتبادلون فيها أخبارهم وأحزانهم.

 طوى حسان غربة 30 عاماً خبر فيها دروب المنافي، غربة تجاسرت على جراحه الكبيرة، وظل كطائر يحمل جناحيه المكسورين ويحلق حزيناً. يحمل هموم وطنه وأشجان شعبه، بعد أن اختار الريشة واللوحة، واختار تفاصيل الأمكنة.

 حسان علي خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذي يقاتل بلوحاته بعيداً من خبث الساسة. لم تتلوث يداه بالخطب المخادعة، ظل صديقاً للكتاب والمعارض، يحتفي بإبداع قبيلته من التشكيليين، بل تجاوز حزن المراحل، وانتمي الي جيل الأطفال معلماً ومنافحاً، وأصدر وصمم عدد اًمن الكتب التي تعينهم على مستقبل آمن.

 امتلأت الأسافير تنعي صديقاً وفياً، وهاهم تجمع التشكيليين السودانيين يصدرون نعيا تشق له القلوب، ويتبارى أصدقاؤه في رثاء مؤلم، ها هو يحيى فضل الله من أصقاع كندا الباردة يذكر صديقه في الليالي الدافئة، وهناك القاص عادل القصاص الذي يكفكف دمعاً قصياً ناعياُ رفيقاً عزيزاً، ومحمد الأسباط من فرنسا يتحاور مع ذكريات ليالي عابدين في القاهرة، والحزن الأكبر يكمن لدى الدكتور حيدر ابراهيم علي الذي رنت كلماته علي مسامعي وهو ينعى صديقاً ورفيقاً، ينعى خاطرة مرت سريعاً، وتركت من حوله دنيا من التعب تزيده رهقاً على رهق، وقال دكتور حيدر: فقدت صديقاً، ولم يعد لدي ما أفقده.

 علاقة حيدر وحسان بين أضابير الثقافة ودهاليز السياسة، بين فن الممكن والمستحيل، يحضنان بعضهما في ليالي القاهرة وشتائها الحزين. يتقابلان معاً في صيفها المنعش، يجوبان معاً معارضها وندواتها، يقابلهما زوار المبدعين السودانيين معاً، يحتفلان معاً ويحفظان ذكريات بعضهما.

 ومن الرياض ينعى محمد جميل أحمد رفيق جولاته في معرض القاهرة الدولي، وهو يحتفي بصورة تجمعه مع الراحل ودكتور حيدر إبراهيم.

رحل الفنان الانسان حسان علي، ويظل السؤال: إلى متى يرحل مبدعي السودان بعيداً من الوطن في المنافي؟ وإلى متى يظل الجرح السوداني مفتوحاً على مدى الأفق يفقد فيه كل يوم حلماً بيوم جديد ينعم فيه السودان بالحق والخير والجمال.

الوسوم سيبويه-يوسف

التعليقات مغلقة.