ندوة ” الثورة السودانية: التحديات والفرص” تستعرض حاضر السودان ومستقبله

ندوة ” الثورة السودانية: التحديات والفرص” تستعرض حاضر السودان ومستقبله
ابراهيم البدوي يطرح ورقته
  • 17 يوليو 2019
  • لا توجد تعليقات

تقرير خاص- التحرير:

نظمتها الجامعة الامريكية بالقاهرة

القاهرة: سيبويه يوسف

نظمت الجامعة الامريكية بالقاهرة، ندوة حملت عنوان ” الثورة السودانية: التحديات والفرص”، قدمها الاستاذ المشارك بالجامعة الأميركية د.حامد التجاني علي بمشاركة القيادي بالحزب الشيوعي السوداني وعضو تحالف الحرية والتغيير د. الشفيع خضر، والخبير الاقتصادي د. ابراهيم البدوي، الذي عمل مستشاراً بالبنك الدولي، وتولى مناصب كثيرة في المؤسسات الدولية، والقيادي بحزب الأمة القومي د. صلاح مناع، وسط حضور مميز من الجالية السودانية بالقاهرة.


الشفيع خضر

ابتدر الشفيع خضر الندوة باستعراض شامل للثورة السودانية التي انطلقت في 19 ديسمبر من العام المنصرم، وقال خضر: “إن الثورة عكست توجهاً شعبياً كاسحاً، وتميزت بإجماع كافة الشرائح الاجتماعية والإثنيات المختلفة، ولم تكن تياراً فكرياً محدد، بل تمثل كل السودان.

 وأشار إلى أن الثورة لم تكن “ثورة جياع”، ولم تكن لها أهداف قصيرة المدي، وعدّها خضر ثورة جيل ضد حكم استمر 30 عاماً، مشيرا إلى الدور الكبير للمرأة السودانية التي تعرضت للقمع والإذلال، وصياغة قوانين تحط من كرامتها، بجانب شريحة الشباب الذين ترعرعوا في فترة الإنقاذ، وتكونت في دواخلهم جينات المقاومة، وكانوا متنازعين ما بين الهجرة خارج الوطن، أو الارتماء في احضان السلفية والتطرف الديني، وما بين الغرق في ثقافة الترفيه، وأضاف خضر بأن الثورة السودانية استفادت من مخرجات الثورة التكنولوجية، وتم تحويلها إلى تراكم ثوري، ورغم قطع خدمات الإنترنت، تمكن الشعب من ابتداع أساليب جديدة، مشيراً إلى بروز عدد من المؤشرات المهمة في الحراك السوداني، أهمها الانتقال من الفكر الكلاسيكي، بوجود القيادي التقليدي، إلي القيادي الشاب الذي يبدع وسط مجموعته، وتحولت فكرة السياسي المحترف، إلى المناضل المهني، والاستفادة من العولمة من طرق التفكير المغلق، إلى التفكير المفتوح، وابتكار لغة جديدة وهتافات مبدعة.

ويري د. الشفيع خضر أن أهداف الثورة المعلنة: “حرية سلام وعدالة”، تحتاج إلى فترات وثورات صغيرة للوصول إلى نهاية المطاف، مشيراً إلى الثورات التي عرفها العالم، ومن ضمنها الثورة الفرنسية، التي امتدت فترات طويلة لتحقيق أهدافها.

جانب من الحضور

تحديات تواجه الثورة السودانية

أشار الشفيع خضر، إلى جملة من التحديات تواجه الثورة السودانية، أبرزها عدم وجود الثقة بين الشعب والمجلس العسكري، وتوقع أن تمر الشراكة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري بكثير من الاحتكاكات والمشكلات، لاسيما أن هنالك امتداداً ضمنياً بين المجلس العسكري واللجنة الأمنية في حقبة الرئيس المخلوع. وأضاف خضر أن فترة البشير حولت السودان إلى مرتع لصراعات المحاور في المنطقة، وهذا يعدّ من ضمن التحديات المنتظرة، بجانب الحرب الأهلية، التي إذا لم يتم إيقافها سوف تؤدي إلى تقسيم البلاد، بجانب أن فترة البشير عرفت السماح بوجود حركات دينية متطرفة، مثل: داعش والقاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وأشار إلى الصراع في منطقة البحر الأحمر وأثره في المستقبل القريب، مضيفاً بان السودان يملك موارد هائلة وأراضي خصبة ومن الممكن أن تصبح مطمعاً لبعض الجهات.

 ونادي الشفيع خضربضرورة أن تعيد ” قوى الحرية والتغيير” تنظيمها، وتتحول من قوة تحرك الشارع، إلى قوة داعمة للحكومة، وأن يتولى المناصب التنفيذية خبراء مختصون، وتنفيذ البرنامج الاقتصادي الإسعافي، وتقديم ضمانات لمصالح الدول التي تتناقض مع أهداف الثورة، والتوافق على مشروع وطني لبناء دولة سودانية.

عقد اجتماعي جديد في السودان

ابتدر د. ابراهيم البدوي، حديثه بتوضيح أهمية توظيف أهداف الثورة لتحقيق البرنامج الاقتصادي، وقال: “يجب أن تكون المرجعية للبرنامج الاقتصادي”، مشيرا إلى أن فترة الجبهة الإسلامية شهدت تمكيناً لفئة أيديولوجية معينة، احتلت السودان وأسست عقداً اجتماعياً مجروحاً، ودمرت تراثه الحضاري، مشيراً إلى أهمية الاقتصاد في العقد الاجتماعي، وأن يظل محل حوار مستمر بين ” قوي الحرية والتغيير” والمجلس العسكري، وتعبئة الموارد التى لم تعد كالسابق، بعد أن تشرذم السودان إلى مؤسسات ” مليشاوية”، وأصبح هنالك ما يسمي بــــ” التجنيب”، وتمكين وزارة المالية من السيطرة علي المال وإدارته، وأن يكون هنالك حوار استراتيجي بين المركزوالهامش، وإعادة صياغة توزيع التنمية بعدالة .

وأشار د. البدوي في معرض حديثه إلى وجود كيانات إقليمية هشة ابتدعها النظام السابق، ليست لديها قدرات مالية، واعتمدت علي الولاءات القبلية ولترضية زعماء القبائل، وهذا تسبب في تدهور رأس المال البشري والاجتماعي.

 وطالب البدوي بضرورة العودة إلى الأقاليم التاريخية القديمة، وذلك لتخفيف العبء علي المواطن من الجبايات والضرائب، بجانب تعظيم العلاقات الاقتصادية البينية مع دول الجوار، خاصة “مصر وإثيوبيا”، وإدارة حوار بين الطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة، لأن معظم الدعم يذهب للطبقة الوسطى دون الطبقات الفقيرة، مشيراً إلى أن دعم المحروقات يبلغ 80%، بينما دعم الصحة والتعليم أقل من 10%، وأوضح إمكانية الاستفادة من تجربة التضامن الاجتماعي في مصر.

 ودعا البدوي إلى توافق عقد اجتماعي يؤسس شرعية ثورية تتضمن شرعية اقتصادية في الإعلان الدستوري، بجانب برنامج إسعافي علي مستوي الاقتصاد الكلي، وملاحقة الفساد والمكاسب غير المشروعة، وتكوين صندوق للإعمار وبناء القدرات، ومجلس استشاري لوزارة المالية .


صلاح مناع

تحديات الدولة العميقة في السودان

بدأ القيادي بحزب الأمة القومي د. صلاح مناع حديثه باستعراض بداية الحراك السوداني، وقال: “إن نضال الشعب مستمر منذ عام 1989م، وإعدامات رمضان تؤكد ذلك”، واضاف بان النضال انطلق من الهامش، وانتهى بتقسيم السودان لدولتين بانفصال الجنوب، وأشار مناع إلى جملة من التحديات، أهمها: التدخل الإقليمي في الشأن السوداني، مضيفاً أن الثورة في السودان “سودانية خالصة”، وواجهت عنفاً مفرطاً، وقدمت مئات الشهداء، مشيراً إلى وجود دولة عميقة لا تزال تعمل، في الوقت الذى ركز المجلس العسكري جهده في محاربة قوى” الحرية والتغيير”، وذهب مناع إلى ضرورة مشاركة الحركات المسلحة في مراحل الاتفاق كافة، محذراً من نتائج وخيمة في حالة عدم استصحاب الحركات في الاتفاقية.

 ومن جملة التحديات، قال مناع: “الجيش السوداني تعرض لاختراق كبير من الجبهة الإسلامية، عندما قامت بتجنيد عناصرها، بجانب بناء جيوش موازية، مثل: الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية وعدد من الأجسام العسكرية لاتزال تعمل حتى اليوم، مشيراً إلى أن إحدى المليشيات يتجاوز دخلها الشهري 220 مليون دولار.

 ودعا مناع إلى ضرورة حسم ملف الترتيبات الأمنية لدمج القوات كافة حتى تصبح هناك “بندقية واحدة”، تتبع للجيش فقط، مشيراً إلى تحدي وجود مليشيات في الشوارع، بجانب تمكين الجبهة الإسلامية من الاقتصاد السوداني، وقدّر ممتلكات التنظيم الإسلامي بـــــ 30 مليار دولار، وضرب مثلاً بان السودان ينتج 90 طناً من الذهب وما يسجل لدى بنك السودان المركزي 29 طناً فقط، موضحاً أن السيولة النقدية توجه إلى أربع جهات فقط، وتتبع للأجهزة الأمنية.

 وأضاف مناع أن انتشار السلاح يمثل تحدياً إضافياً، كاشفاً عن وجود أكثر من 300 ألف قطعة سلاح موجودة لدى تنظيمات الإخوان المسلمين وغيرهم من المواطنين.

وأضاف مناع أن تحديات حكم الجبهة الإسلامية لــ 30 عاماً جعلت من السودان رمزاً للتنظيم الإسلامي الأبرز في المنطقة، وأن جامعة أفريقيا العالمية تفرخ كل الزعماء الإسلاميين في أفريقيا، وبالتالي لن يسمح التنظيم بسقوط رمزيتهم في السودان.

التعليقات مغلقة.