التوقيع بالأحرف الاولى… Initial Signature: ماذا يعني؟ وما دلالاته؟

التوقيع بالأحرف الاولى…  Initial Signature: ماذا يعني؟ وما دلالاته؟
  • 20 يوليو 2019
  • لا توجد تعليقات

الخرطوم - التحرير :

محمد آدم الضي (الشريف)

مدخــل

لم يكد الأطراف المفاوضون يعلنون اكتمال المفاوضات، التي نُظمت بوساطة من دولة إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، بين قوى قوى الحرية والتغيير من جهة والمجلس العسكري من جهة أخرى، وتتويج ذلك الجهد بتوقيع الاتفاق السياسي بين قحت والمجلس العسكري، حتى قفزت الى سطح الاحداث عبارة أنه قد تم التوقيع بالأحرف الاولى على الاتفاق السياسي.

فماذا يعني يُقصد بهذا المصطلح من حيث حصول واستمرار الالتزام القانوني والأخلاقي للطرفين؟ هل يعني ذلك أن من حق الطرفين المتفاوضين اللذين وقعا بالأحرف الاولى على الاتفاق السياسي ان يتراجعا او يتراجع أحدهما من الالتزام؟!

خلفية توضيحية:

في كثير من الأحيان تنشأ مصالح أو منازعات واختلافات ومشاكل وأزمات بين الدول، والشعوب، والشركات، والأفراد ، قد تؤدي الى الاحتراب والاقتتال وذلك، اما بسبب السلطة، او الهيمنة او بسبب الاحتياجات والمصالح المتقاطعة لتلك الدول، والشعوب والشركات والافراد… او بسبب اختلاف وجهات النظر في تحقيق وتنفيذ مسألة.

والحــل في نهاية المطاف لا بد من التوصل الى حلول واعادة المياه الى مجاريها وبأي ثمن …

وللتوصل الى حلول للمسائل المختلف حولها، نجد الاطراف المتصارعة يدخلون في مفاوضات ومناقشات ومحادثات مارثونية مطولة لايجاد مخرج من الازمة، يقوم اي طرف من أطراف النزاع او الازمة بتعيين شخص او مندوب او فريق للتفاوض والنقاش حول المسألة موضوع الأزمة ، بغرض التوصل لاتفاق لحلحلتها …

في الغالب لا يكون الفريق او المندوب المفاوض لديه صلاحية كاملة وكافية لإبرام الاتفاقيات أو المعاهدات او المواثيق في صورتها النهائية الملزمة للاطراف.

لذلك، وبعد الفراغ من تحديد النقاط والمواد والبنود المطلوبة، واحالتها للجان الفنية والقانونية لصياغتها، والاتفاق على الصياغة الفنية النهائية، تعرف بالمُسَوَدَة، شكلا ومضمونا، يقوم المتفاوضون بالتوقيع على وثيقة المسودة الأولية، بالأحرف الأولى، أي أن المُفاوض يقوم بالتأشير (وضع اشارة) على الوثيقة بالحرف الأول من اسمه فقط ، دون ان يكتب اسمه او أن يضع توقيعه كاملا ، وتعرف عملية التوقيع بالأحرف الاولى في بعض الدول (بالتَرْكِين)…
وشكليا فإن التوقيع بالأحرف الأولى يعني انتهاء المفاوضات والمناقشات.

يتم عرض مسودة الوثيقة الموقعة بالأحرف الاولى على الجهة ذات الصلاحية النهائية لمراجعتها، من ناحية فنية وقانونية، تمهيدا لاقرارها و توقيعها بصورتها النهائية الملزمة …

السؤال هل يعتبر الاتفاف السياسي الذي تم بين المجلس العسكري ملزما للأطرافه ام انه غير ملزم الى أن يتم توقيعه بصورته النهائية توقيعا كاملا …

يذهب بعض القانونيين الى أن التوقيع بالأحرف الاولى يجعل الوثيقة قابلة للتعديل بالحزف او الاضافة او الاثنين معا وبذلك فهي أي الوثيقة لا تزال فابلة للنقض أو الرفض …

ويذهب فريق آخر الى أن التوقيع بالأحرف الاولى، هو مسألة شكلية فقط، ولا يقدح فب كون الوثيقة ملزمة لأطرافها، قانونيا وأخلاقيا، ولا يمكن التنصل عنها بأي حال من الأحوال الا باتفاق الطرفين… وان أي خرق لها من جانب أحد الطرفين دون أخذ موافقته خطيا، فسوف يعتبر اخلالا قانونيا وأخلاقيا …

بالنظر الى السلطات والصلاحيات لتوقيع وإمضاء الاتفاق السياسي الراهن ، فإن المفاوضين نيابة عن قوى الحرية والتغيير، يستمدون سلطاتهم وصلاحيتهم من مجموع الشعب السوداني الذين نزلوا الى الشوارع في مليونيات غير مسبوقة… الامر الذي يمنح المفاوضين أرضية قوية لابرام وتوقيع أي اتفاق طالما يصب هذا الاتفاق في المصلحة الوطنية، ويهيئ أرضا وبيئة صالحة لقيام دولة سودانية وطنية مدنية معاصرة … ولكن، وبما أن قحت تتشكل من كيانات كثيرة ومتعددة، فيجب على المفاوضين ان يحسبوا ألف حساب لهذة الكيانات ومشاورتها قبل اتخاذ اي خطوة قد تقود الى عدم رضا او عدم قبول أي كيان يؤدي الى رفض الاتفاق بحجة انه جاء دون سقف توقعات الجماهير، بغض النظر عن القاعدة القائلة: بأن ما لا يُدرَكُ كُلُّه، لا يُترَكُ جُلُّه…

أما بالنسبة للمجلس العسكري فإن المفاوضين كانوا ولا يزالون يملكون كامل السلطة والصلاحية للتوقيع على الاتفاق السياسي وامضائه، لذلك فليس على المجلس العسكري الا الالتزام الكامل، قانونيا وأخلاقيا، بالاتفاق بغض النظر عما اذا كان التوقيع بالأحرف الاولى او كان نهائيا، وذلك لسبب بسيط وهو أنه لا توجد سلطة اخرى يتفاوض ممثلو المجلس باسمها حتى يرجعون اليها لطلب موافقتها من عدمه … فالمجلس العسكري كان ولا يزال يفاوض بالأصالة عن نفسه ويملك كامل السلطة والصلاحية لتوقيع الاتفاق…

ومع ذلك فإن المخاوف قد تحدث وذلك في حال لم تتوصل الأطراف المعنية الى اتفاق بشأن الاعلان الدستوري الذي يعتبر ملحقا وحزءا لا يتجزأ عن الاتفاق السياسي…

ويظل الضابط لحماية الاتفاق من الانهيار يتمثل في تماسك جماهير قوى الحرية والتغيير … وتوفر حسن النية من قبل الطرفين الشريكين.

التعليقات مغلقة.