نأملُ أن يكون خطابُ رئيس وزرائنا بالأمم المتحدة إيذاناً بعودةِ أمةٍ متحضرةٍ كريمة، لا تمُدُّ أياديها إلا لصداقة الشعوب!!

نأملُ أن يكون خطابُ رئيس وزرائنا بالأمم المتحدة إيذاناً بعودةِ أمةٍ متحضرةٍ كريمة، لا تمُدُّ أياديها إلا لصداقة الشعوب!!
  • 19 سبتمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

د. بشير إدريس محمد زين

• سيكون رئيسُ وزرائنا د. عبد الله حمدوك بنيويورك الأسبوع المقبل لإلقاء خطاب السودان -ومن مدةٍ طويلة- من على منصة الأمم المتحدة، في دورة إنعقادها الجديدة !!

ولقد بات مؤكداً الآن، أنه سيلتقي بالجالية السودانية بأمريكا بعدما تردد بقوةٍ أنه لن يستطيع ذلك لضيق وقته..ولو فعل سيادته غير ذلك فستكون تلك غلطة الشاطر بحق، إذ لم يكن خافياً عليه، ومن المؤكد أنه كان يعلم، ويراقبُ كلَّ التحركات التي قامت بها كلُّ الجاليات السودانية بالشتات، والجالية السودانية بأمريكا على وجه الخصوص، شرقيّها وغربيّها.. كما أنه يعلم كذلك الضغط الهائل الذي نتج عن هذه التحركات، مما ساهم في محاصرة النظام البائد حصاراً شديداً، وأفقده الأصدقاء، وعرَّاه عن كلِّ إدعاء، ووضعه في طريقٍ واحدة في مواجهة المجتمع الدولي، وهي طريق التنازل عن السلطة، أو مواجهة النبذ، والعزل، والحصار، ثم السقوط..

• لقد ساهم سودانُ المهجر العظيم، والذي يقدر عديدُه في الشتات بما لا يقل عن عشرة ملايين، في خلخلة أركان النظام، وفي كشفه، وتعريته، وسحب كلِّ بُسُط الإحترام الدولية عنه!!
كما ساهمت الجاليةُ السودانية بأمريكا تحديداً، وبما لها من إتصالاتٍ، ونشاطٍ، وتواصلٍ وسط مراكز صناعة الرأي والقرار الأمريكية، بحشد كوكبةٍ مقدَّرة من بين عضوية لجان الكونجرس المختلفة، لمساندة القضية السودانية للدرجة التي جعلت بعض أعضاء الكونغرس يخرجون في (مسيرات المحاصرة) الهادرة إعترافاً بعدالة مطالبنا، ولإحكام تطويق النظام..ولقد خاطب بعضُهم تلك المسيرات، وتبنَّوا قراراتٍ داخل أروقة الكونجرس بشأن السودان، من وحي تلك المسيرات المتدفقة !!

لم يكُن مستغرباً أبداً أنَّ أعضاء الجالية السودانية-الأمريكية كانوا يقطعون مئات الأميال، وعبر البراري المترامية، للمساهمة في تلك المسيرات، والحشود، بخاصةٍ التي نُظِّمت بالعاصمة الأمريكية واشنطون، وبمدينة نيويورك.. وأعرفُ شخصياً مَن قطع ما يزيد عن عشرين ساعةً بالسيارات، عبر أراضي أمريكا الشاسعة، لنيل شرف المشاركة في مواكب حصار النظام من أمام البيت الأبيض ومن أمام مقار المنظمات الدولية!!

• وعليه، فإن إلتقاء سعادة رئيس الوزراء، ومخاطبتَه هذه الجالية الضخمة، والمؤثرة، وإستغلال الفرصة من منصتها لمخاطبة كلِّ الجاليات السودانية، في كل أنحاء العالم، والإعتراف بدورها، وشكرِها، ومن ثم، مناداتها للمزيد من البذل، والتداعي، والعطاء هو فرصةٌ عظيمةٌ لا يجب تفويتُها أبداً، وتحت أي ظرفٍ كان !!

ولا شك أن سعادته يعلمُ كذلك، أنه يتنامى الآن شعورٌ عظيمٌ في قلب كلِّ سودانيٍّ بالمهاجر المختلفة للتضحية، والعطاء من أجل الوطن العزيز، ولبذل كلِّ ما هو مستطاعٌ في سبيل إنتشاله من الوهدة السحيقة التي يرسفُ فيها.. وأنَّ من مظاهر ذلك أن أظهرت الجالياتُ السودانية المختلفة تدافعاً غير مسبوق لدعم الحِراك الثوري الذي أطاح بالنظام البائد، كما ساندت الأُسر السودانية على الصمود، ووقفت بقوةٍ مع الثوار أيام الإعتصام العصيبة العظيمة..وما تزال هذه الجاليات تدعمُ، وتتكفلُ، بعلاج كلِّ الثوار الذين أصيبوا إصاباتٍ بالغة، وقابلةٍ للعلاج، والمعافاة، ولو خارج البلاد..
وعليه، فإنَّ من الحصافة أن يستغل رئيس الوزراء هذا الإستعداد المُخلص للبذل، والتساهم لرفعة الوطن، ويوجِّهه توجيهاً صميماً وذكياً لإستدرار دعم (سودان الشتات) في حملةٍ ضخمة بقيادته شخصياً، ويشارك فيها كلُّ سودانيي المهجر بما يعادل مائة دولار مثلاً ونسميها (مائة الكرامة)، ويُتاحُ له شخصياً رِيعُها، للتصرفُ فيها، عبر حسابٍ ببنك السودان، يوجهه للإستنهاض الفوري لهذه الأمة الجبارة، وليطلق، بهذا، صافرةَ بدءِ هذه الحملة-النفير، في لقائه بالجالية السودانية الضخمة بمدينة نيويورك !!

• إن إلتقاء رئيس الوزراء، ومخاطبته للجالية السودانية بأمريكا هو -في الحقيقة- إلتقاءٌ، ومخاطبةٌ للجزء العزيز من الوطن، الذي دفع ثمن مقاومته، ورفضه لظلم، وطغيان النظام البائد تشريداً وتشتيتاً في إتجاهات الدنيا الأربع..

• وآخيراً، فإنَّ سعادة رئيس الوزراء يعلمُ أن أكثر من خمسين قراراً دولياً بالإدانة قد صدرت بحق نظام الإنقاذ المباد، مما جعله نظاماً منبوذاً لا يأبه له أحد، وجعل بلادنا -من ثم- في عزلةٍ جائرة، ولا يُعرفُ عنها عالمياً إلا أنها بلادُ القمع، وإنتهاك الحقوق الإنسانية، ودعم التطرف والإرهاب !!

• وعليه فإنّ خطابَ سيادته، في هذا التجمع الدولي الكبير، نأملُُ أن يكون خطابَ عودةٍ ظافرة، إلى الحظيرة الدولية المتحضرة، عبر ثورةٍ شعبية، سلميةٍ، لا يُعرفُ لها مثيلٌ في تاريخ البشرية الحديث!!
نأملُه أن يكون خطاباً يبشّرُ بعودةِ أمةٍ، مسالمةٍ، متمدينةٍ، لا تستجدي أحداً، ولا تتنازلُ عن كبريائها لأحد، ولا تمُد أياديها إلا لطلب صداقة الشعوب المتمدنية، المتحضرة، والمحبة للسلام..

bashiridris@hotmail.com

التعليقات مغلقة.