أمير الكويت.. سياسة حكيمة وقيادة رصينة

أمير الكويت.. سياسة حكيمة وقيادة رصينة
  • 14 ديسمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

محمد المكي أحمد

(رسائل روما) القطرية السعودية كسرت جدار الصمت ومهدت لقمة الرياض

(رسائل روما) الحيوية، المهمة ، بشأن محادثات جرت بين السعودية وقطر ،تمهيدا لإطفاء الأزمة في منطقة الخليج ، جاءت اليوم (٦ ديسمبر٢٠١٩) على لسان وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني .


هذا المسار عززه (تفاؤل ) بدا واضحا في تأكيدات أبداها وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية السيد عادل الجبير في هذا الشأن .


الوزير القطري كشف للمرة الأولى في منتدى حوارات المتوسط في روما (ايطاليا) ، عن (محادثات “جرت ” مع الأشقاء في السعودية ونأمل أن تسفر عن نتائج إيجابية)، وكان لافتا قوله ( انتقلنا من طريق مسدود في الأزمة الخليجية إلى الحديث عن رؤية مستقبلية) .

في هذا الشأن أوضح أن الحديث لم يدر عن المطالب ال ١٣ لعودة العلاقات مع الدوحة، وأن المفاوضات تبتعد عن ذلك .
التواصل السعودي القطري مهم، لأن الدوحة ترى منذ سنوات (قبل أزمة يونيو ٢٠١٧ المستمرة حتى الآن)وما تزال لديها القناعة نفسها ، وهذا معلن، بأن السعودية هي الشقيقة الكبرى ،لكن القطريين يجددون التأكيد دوما بأنهم متمسكون باستقلالية قرارهم الوطني، وهم لا يمانعون من مناقشة أية مخاوف لدى دول في المنطقة.


أعتقد بأن الأزمات التي شهدتها منطقة الخليج خلال السنوات الماضية أكدت أنه ليس بمقدور أحد أن يتجاوز حقائق التاريخ والجغرافيا وأيضا حقائق العصر،وبينها أن قطر دولة تبنت سياسات تتسم بالاستقلالية منذ العام ١٩٩٦، ومن الحقائق التي لا جدال حولها أن السعودية دولة كبرى في المنطقة، وتؤثر بقوة وتتأثر بشدة كغيرها من الدول بتطورات الأحداث ومساراتها.


في ضوء هذه الحقيقة فان التواصل القطري السعودي هو المدخل الصحيح لحل تعقيدات الأزمة الراهنة في الخليج، لأن الحصار كما تراه قطر ، اوالمقاطعة كما تراها أربع دول من جهة أخرى (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) قد أضر بالجميع،شعوبًا وحكومات.


تأكيد الوزير القطري بأن الأزمة لم تعد في طريق مسدود وأنها انتقلت من مرحلة الاستعصاء يؤكد أن اتصالات سرية مكثفة جرت بين الجانبين (السعودي والقطري) وجهات أخرى،وبينها أميركا .


وكان الرئيس دونالد ترمب سببًا في تأجيج الأزمة،لكن موقفه تجاه الدوحة تبدل بسرعة،خصوصا أن مؤسسات أميركية فاعلة كوزارتي الخارجية والدفاع وأصوات مؤثرة في الكونغرس كانت وما تزال ترى في قطر حليفا مهما وحيويا .


التواصل السعودي القطري بعيدا عن الأضواء يعكس حرصا مشتركا على تجاوز الوضع المأساوي الحالي.


اعتقد بأن الدول الأربع (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)
تتفق مع الرؤية القطرية بشأن تجاوز الطريق المسدود الذي كان عنوانه ال١٣ شرطا التي اعلنتها الدول الأربع كأساسيات لعودة المياه الى مجاريها مع الدوحة.


المتوقع ان يتمسك الجانبان بمواقف معلنه ، لكن شواهد التاريخ تقول إن قطر لن تتخلى – بحسب معرفتي على مدى سنوات عدة – عن استقلالية سياستها الداخلية والخارجية، وهذا لا يمنع ان تعدلها أو تطورها بارادتها .
من جانب آخر لن تتخلى الدول الأربع عن مخاوفها،ويشمل ذلك ما تسميه بتمويل قطر ل (الإرهاب) وللدوحة ردود في هذا الشأن، وهي التي تتمتع بعلاقات قوية وتحالفات مع دول تحارب الإرهاب كأميركا وبريطانيا وفرنسا.


المتوقع ان يتم تجاوز النقاط الخلافية على قاعدة تثبيت وتأكيد الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحفاظ على أمن دول الخليج الست .


في سياق هذه التفاعلات قال الجبير
ان (تغير الموقف من قطر مرهون بمواقف منها) و جدد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية السعودي التأكيد لدى مخاطبته منتدى روما إن بلاده وجهت دعوة لأمير قطر لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي التي ستعقد في الرياض الثلاثاء المقبل.


الدعوة تسلمها وزير الخارجية القطري من السيد عبد اللطيف بن راشد الزياني الامين العام لمجلس التعاون الخليجي ، وعكس مشهد تسليم الرسالة تطورًا جديدًا ظهر في طريقة الاستقبال.


وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري تسلم دعوة الى الأمير للقمة الخليجية السابقة ،أي الآن ارتفعت درجة الاستقبال والتسليم .


التطور الجديد الذي تعكسه تصريحات محمد بن عبد الرحمن وعادل الجبير ،يجيء في ظل تفاعلات إيجابية تجري في إطار منافسات كأس (خليجي ٢٤) التي تشهدها الدوحة حاليا بمشاركة سعودية وإماراتية وبحرينية.


الرياضيون الخليجيون كسروا بقرارات من حكوماتهم (الحصار)، فانفتحت الأجواء للمشجعين من دول خليجية ،ولعل من المشاهد المؤثرة التي حملت رسائل إيجابية وقوف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والأمير الوالد (السابق) الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والشيخة موزا المسند والجماهير أثناء عزف النشيد الوطني ل(السعودية والإمارات والبحرين) قبيل انطلاق مباريات شاركت فيها منتخبات الدول الخليجية الثلاث .


القطريون استقبلوا الوفود الرياضية الخليجية بروح واخلاق رفيعة المستوى،وعكس ذلك أيضًا ومن دون شك أخلاق القيادة وتوجيهاتها ،وقد نجح المعلقون الرياضيون في قنوات قطرية باتباع نهج رياضي مهني ومحترم خلال تغطية تفاعلات مباريات شاركت فيها منتخبات السعودية والإمارات والبحرين.


هذا يعني أن قطر (بشعبها وقياداتها) قد سجلت نجاحًا اخلاقيا وإنسانيا قبل النجاح في تنظيم المنافسات الرياضية، وهذا ما أكده رئيس البعثة الرياضية السعودية في تصريحات جرى بثها في السعودية ومتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي .


شدني في هذا الإطار المعلق الرياضي القطري الزميل يوسف سيف عندما كان يعلق على مباراة كان المنتخب البحريني أحد فرسانها.


قال ( ولد خالتي جاء من البحرين لحضور المباراة)، كانت هذه الكلمات بليغة ومؤثرة وعاطفية ،وتكشف أبعاد العلاقات الأسرية بين شعوب دول مجلس التعاون الست .


و كان ترحيب الأمير الشيخ تميم في حفل افتتاح العرس الرياضي الخليجي بليغًا ومختصرًا ويحمل أروع الدلالات ، قال(نرحب بالجميع في دوحة الجميع).


كل هذه التفاعلات تؤشر الى أن مياهًا جرت تحت جسر التواصل السعودي القطري، ودول أخرى ، وأن قمة الرياض الخليجية المقبلة سترسم ملامح هذا التواصل وأبعاده .
الاجتماع التحضيري للقمة الخليجية سيكشف التطورات الإيجابية لقمة الرياض،لأن وزراء الخارجية غابت اجتماعاتهم في ظل الأزمة الخليجية.


هذا يعني ان اجتماع وزراء الخارجية في التاسع من ديسمبر الجاري (الاثنين المقبل) سيكشف المناخ الذي بدأ يتشكل و الخطوات الخليجية الإيجابية التي ستشهدها الرياض وتساهم بفاعلية في صناعتها ، وهي تمثل مركز الثقل الخليجي،سياسيًا واقتصاديًا ، ومعلوم انها مركز الثقل الروحي للمسلمين كافة.


وهنا لابد من الإشارة الى الجهود التي لعبها ويلعبها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، فقد بادر منذ حدوث الأزمة الى طرح المبادرات، وطرح تصورات حل الأزمة. الشيخ صباح يوصف منذ سنوات بأنه رجل الدبلوماسية الأول ،وقد تولى حقيبة الخارجية في بلاده على مدى سنوات عدة، الكويت التي زرتها لحضور مؤتمرات واتابع سياستها تتميز بسياسة حكيمة وقيادة رصينة تحظى باحترام خليجي وعربي وأفريقي وعالمي.


السودانيون عرفوا الكويت وسفيرها الراحل الأخ الصديق عبد الله السريع (عبد الله جوبا)عندما كان السودان بلدًا واحدًا(قبل استقلال الجنوب) بمشاريعها ودعمها للسودان من دون من أو أذى،وما زلنا نتطلع لدعم أكبر للسودان الجديد.


تذكرت في خضم هذه التفاعلات أن قياديًا خليجيًا سألني قبل أشهر عن توقعاتي بشأن مسارات العلاقات الساخنة بين الدول الأربع من جهة وقطر من جهة أخرى في ظل حملات اعلامية شرسة بين الجانبين.


قلت في ردي إن الأزمة تدخل حاليا مرحلتها النهائية)، قال كيف؟ قلت خبرتي بالشؤون الخليجية تقول ذلك،أي ان هناك خيارين امام الجانبين،إما أن يتصالحا احترامًا لحقائق التاريخ والجغرافيا ،أو يدخلا في حرب مدمرة ويواصلا ضرب الرؤوس على الحائط.


أكدت في إطار التحليل (والقيادي الخليجي حي يرزق وأسأل الله أن يطيل عمره فهو صاحب خبرات متراكمة) إن الأزمة الى انفراج رغم شراسة الحملات الإعلامية ، وأن المواجهة (العسكرية) مستحيلة لاعتبارات داخلية واقليمية ودولية،أي أن القطيعة لا غطاء لها منذ تاريخ انفجارها في العام ٢٠١٧، لا شعبيا ولا إقليميا ولا دوليا.


قلت للقيادي الخليجي رفيع المستوى: المستقبل للتواصل وتفاعل الشعوب والدول ،وبناء التكتلات الكبرى في عالم لا يحترم أو يرحم من يبددون طاقاتهم ومصادر قوتهم .
أضفت ان في تماسك دول مجلس التعاون الخليجي وتقوية أواصر شعوبها واحترام حق أي دولة في أن ترتاد آفاق العصر ضمانة كبرى للاستقرار والأمن والنهضة ومواجهة التحديات المشتركة.


وخلصت الى القول إن التجارب المريرة تحمل في جوفها دروسًا مفيدة للجميع، وإشراقات قد تطل من عمق الأحزان والأوجاع .
– لندن

التعليقات مغلقة.