حكومة الثورة جلباب فوق جسد حكومة البشير

حكومة الثورة جلباب فوق جسد حكومة البشير
  • 10 فبراير 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

الحلول التي وضعتها الحكومة الانتقالية لأزمة الخبز كافية جدا على الورق ، وكافية جدا لو كانت الظروف مختلفة عن الواقع الذي تعافر فيه الحكومة الانتقالية ، فالواقع مليء بالمطبات والعراقيل التي يراها الشعب والتي لا يراها ، تبدأ هذه العراقيل من عدم وجود ولاة مدنيين يتبعون وجدانيا وثوريا للثورة وعدم وجود معتمدين مدنيين ملتزمين بخط الشهداء وعدم وجود وحدات إدارية ثورية ملتزمة في إطار الدولة بتحقيق شعارات الثورة وعدم وجود مؤسسات وزارية ملتزمة بخط الثورة ، فجميع الموظفين في المؤسسات القومية مازال معظمهم كيزان لم يصلهم بعد سيف التفكيك في ظل البطء السلحفائي لعمل لجنة التفكيك، الذي يحدث الآن ان الحكومة الانتقالية مازالت مجرد جلباب فوق جسد دولة البشير ، وبالتالي متوقع ان تذوب كل الحلول الفوقية التي يضعها وزراء الحكومة الانتقالية في المستويات الدنيا ويغلق الباب أمام تحويلها لواقع، هذا الاشكال الواقعي بكل تاكيد هو ما جعل رئيس الوزراء حمدوك يمضي قدما نحو الاستعانة بموظفين من الأمم المتحدة في النواحي الفنية التي سيفرزها السلام وهي بلا شك نواحي لو تركت مجددا للموظفين السودانيين من لابسي جلباب البشير فإن السلام سوف ( يطرشق ) في اول اختبار .

من الخطأ تحميل السادة الوزراء كل المسؤلية، فهم في نهاية الأمر موظفين، يتخذون القرارات وفق الرؤيا العلمية لمعالجة الأزمة ويضعون الحلول الناجزة ، مثلا وزير الصناعة والتجارة وفر من الدقيق ما يفوق حوجة البلاد ، هذا هو دور الوزير ان يوفر السيولة وان يوفر المواد ،وقام بهذا الدور بكفاءة ، ثم يأتي دور الموظفين الأدنى في غرف التوزيع وغرف متابعة الدقيق وغرف الرصد وهي غرف منتشرة على مستوى السودان وتضم موظفين مدنيين وجهاز أمن وجيش وشرطة واتحاد مخابز ووكلاء والخ ، الأزمة ان هذه الغرف ينتشر فيها الوجود الكيزاني وتعمل ببطء متعمد او تكسر القرارات بصورة متعمدة ولكن بطرق يصعب فضحها امام الوزير ، فالبلد واسعة والعدد ضخم والتقارير ضخمة ومن المستحيل أن يراقب شخص الوزير كل هذا العمل بمفرده واذا أوكل أمرها لغيره أوكله بلا قصد لكوز أخر وضاعت الحقيقة.

هذا هو الواقع بلا مساحيق ، حكومة ثورة عبارة عن جلباب فوق جسد حكومة كيزان ، المظهر من الخارج حكومة ثورة ديسمبر والجوهر من الداخل حكومة ينتشر فيها الكيزان والرافضين للحكومة الانتقالية ، هذا الواقع وحله لا يكون اطلاقا باستبدال الوزراء كما ينادي البعض ، فالوزير الجديد نفسه سيلبس هذا الجلباب وسوف يفشل لا محالة ، الحل الصحيح هو استكمال هياكل الثورة وصحصحة لجنة تفكيك التمكين وضربها بيد من حديد .

استكمال هياكل الثورة يعني السرعة في تعيين الولاة المدنيين ، مع التشديد على الولاة في السرعة في تعيين حكومات ولايات كاملة من معتمدين ووحدات إدارية ومؤسسات حكومية من الثوار واستبدال كل الجوقة التي كانت ضمن حكومات الكيزان وتسير الأمور الآن ، ثم اسراع لجنة التفكيك في تصفية المؤسسات القومية بدون الالتفات لصرخات بعض الذين ينتقدون عملها من داخل وخارج قوى التغيير ، ثم تشكيل المجلس التشريعي وانتخاب مجالس شرعية للنقابات ، هذه هي الطريقة الوحيدة لإنجاز الملفات اليومية الاقتصادية المستعجلة والتي تضمن أستبدال جسد حكومة المخلوع تحت جلباب الحكومة الانتقالية بجسد جديد من الثورة والثوار فتصبح الحكومة الانتقالية حكومة ثورة في جلباب الثورة، وحكومة بهذا الوصف سوف يطابق مظهرها جوهرها وسوف تنتج عملا يخدم الثورة تتنزل فيه القرارات بسلاسة ويسر من الوزير للغفير .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.