مِداد حيَّويْ –خابت آمالهم ..!

مِداد حيَّويْ –خابت آمالهم ..!
  • 23 فبراير 2020
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل


من المنظور المبدئي فإن الصورة الأساسية التي لا يستقيم مع غيابها مثول المبدأ الديموقراطي على أرض الواقع ، دخول الشرطة في مواجهة مع  المواكب السلمية وإستعمالها للعُنف أياً كانت درجاته ، اللهم إلا إذا كان أمر المواجهة وإستعمال القوة تفرضهُ الضرورة القصوى المتعلِّقة في أغلب الأحيان بالحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة وذلك أمر يتطلَّب سعة صدر وسعة أُفق من القيادات الشرطية الميدانية والتي تصاحبها الآن كوادر من وكلاء النيابة حتى تساعد وعبر دراسة الواقع الميداني (للحالة) على رسم صورة تقديرية يمكن من خلالها إتخاذ القرار بإستخدام القوة من حيث المبدأ ، ثم صورة تقديرية أخرى لحجم  وأدوات هذه القوة بالقدر الذي يجعلها (تتناسب) مع الأحداث والمهدِّدات والمخاطر.

إن المنهج الديموقراطي الذي يُبيح حرية التعبير ويدعو إلى حماية المواكب والمتظاهرين بواسطة القوات الشرطية ، هو في الحقيقية مبدأ ليس (مُطلق) ولا هو بابٌ مفتوحٌ على مصراعيه كما يعتقد بعض المتحمسين لتحقيق (شكليات) المنهج الديموقراطي على حساب مضامينهُ ، فالسماح والإباحة والحماية للمواكب في النُّظُم الديموقراطية مشروط (بسلمية) المواكب وعدم تهديدها للمصالح العامة والخاصة والتجاوزات التي تضُرُ بحُرية وحقوق الآخرين من غير المشاركين فيها ، لذلك فإن مجموعات بسيطة بقصد أو بغير قصد تستطيع وبإفعال بسيطة أدناها الإستفزاز اللفظي للقوات الشُرطية أو المارة وأعلاها التخريب وتعريض الآخرين للأذى ، قادرة وفي دقائق معدودة أن تجعل القيادات الميدانية الشُرطية ومعها وكلاء النيابة يُقرِّرون وعبر السلطة التقديرية بأن الأمر يستدعي إستعمال القوة في الحدود التي يرونها مناسبة.

ما حدث من مواجهات وتداعيات سالبة في موكب إعادة هيكلة المؤسسات النظامية  ، في رأيي الشخصي أضر به بعض المتفلِّتون من المُندسينن ، وسدنة النظام البائد الذين كانوا من أكثر الداعين والمُتحمِّسين لخروج هذا الموكب بالرغم من التحفُّظات الكثيرة التي أبدتها الكثير من المؤسسات والتنظيمات وبعض الناشطين الموثوق بهم ، من حيث مُسببات خروج الموكب وشعاراته المرفوعة وتوقيتهُ ، مما يؤيّد فكرة أن مقاومة الدولة العميقة للحكومة الإنتقالية وبرامجها قد نجحت في (التأثير) المباشر وعبر وسائط النشر الإلكتروني في (توجيه) ردود الفعل السياسية للجان المقاومة المختلفة ، وذلك في إختراق غير مباشر يحدث لأول مرة  ، أما نجاحهم الأهم فيتمثَّل وعبر إثارة الشغب في جر القوات الشرطية للمواجهة العنيفة مع الموكب بالقدر الذي (تمنوا) أن يحقِّق مطلبهم الأكبر المُتمثِّل في (تعميق) الشِقاق وتأجيج الصراع بين المكوِّنين العسكري والمدني داخل منظومة الحكم الإنتقالي ولكن خابت آمالهم. 

ما حدث في موكب إعادة هيكلة المؤسسات النظامية درسٌ يجب أن يستفيد منه الجميع ، وما أقرة السيد رئيس مجلس الوزراء في خطابه الأخير والذي إحتوى تكوين لجنة للتحقيق العاجل هو أقصى ما يمكن أن نسميه (صواباً) في مبادرات معالجة الموضوع وضمان عدم تكراره مستقبلاً ، فليس أفضل من أن يلقى كل مُخطيء ومتجاوز جزاءهُ عبر القانون والنُظُم واللوائح.

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.