البحث عن هدف الثورة بين الصراخ والصراع

البحث عن هدف الثورة بين الصراخ والصراع
  • 28 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

قامت ثورة ديسمبر من أجل اقتلاع نظام الإنقاذ واستعادة دولة الحرية والديمقراطية ، كان هذا هو الهدف الأساسي ، وهو هدف ظهر مع اول شعاع شمس بعد ليل ٣٠ يونيو المشئوم، وظل كما هو عبر السنين .

كان هو هدف التجمع الوطني الديمقراطي اول تجمع سياسي معارض لانقلاب البشير ، هدف رفض وشجب ومظاهرات الجامعات ومنظمات المجتمع المدني والصحافة والقانونيين والأحزاب السياسية والخ ، هدف الحركات المسلحة من القتال ، هدف الشهداء والجرحى والمفصولين تعسفيا طيلة ثلاثين عاما ، وهو ذات الهدف الذي قامت من أجله ثورة ديسمبر وثابرت حتى انتصرت . لكن أين هذا الهدف الآن؟! تعرض لتشويه ومط وتنميط صرف تركيز السياسيين والجماهير عنه ، ظهر واقع جديد من الصراخ والصراع غطى على كل الأهداف الراسخة والتاريخية التي لم تتزحزح يوما.

هناك أشكال ناتج عن الخلط بين نجاح الثورة والهدف منها ، لا يمكن ربط نجاح الثورة الا بتحقيقها الهدف منها ، والهدف هو اقتلاع الحكم الدكتاتوري وإقامة الحكم الديمقراطي ، ربط نجاح الثورة بهدف غير هذا هو انحراف مكلف .

الكثيرون ربطوا نجاح الثورة بمحاسبة البشير !! محاسبة البشير مهمة ، ولكنها ليست هدف استراتيجي من أجله نهدر الطاقات ونغرق في الخلافات وتكون النتيجة تعثر الوصول إلى الهدف الحقيقي من الثورة وهو دولة الحرية والديمقراطية .

بعضهم ربط نجاح الثورة بتمام الفترة الانتقالية لفترتها!! وما علاقة ذلك بالحرية والديمقراطية !! وجود فترة انتقالية طويلة نفسه مخالف لمباديء الديمقراطية التي تنص على أن لا يتنسم قيادة الشعب الا من يختاره بمحض إرادته وعبر انتخابات حرة ونزيهة . لذلك ان كان ثمة حزب سياسي رفض المشاركة في الحكومة الانتقالية فهو حزب أخلاقي لأبعد الحدود ، إذ لا يجوز لأي حزب سياسي ان يحكم الشعب الا عبر الانتخابات ، كذلك أن كان هناك من يدعو إلى انتخابات مبكرة في حال تعثر وفشل الحكومة الانتقالية فهو بالتأكيد مؤمن راسخ بالغاية من الثورة وهي تسليم الشعب سلطاته ليختار حكامه وليس الاستمرار في فرض أشخاص معينين حكاما عليه .

رفعت الثورة الفرنسية شعارات حرية مساواة إخاء ، ولم تحقق منها شيئا وانصرفت إلى معارك ذاتية من تصفية أعداء الثورة وتخوين الثوار لبعضهم البعض حتى انتهى بهم المطاف تحت أقدام الإمبراطور نابليون بونابرت. الآن اذا لم يتجه الجميع نحو تحقيق هدف الثورة الحقيقي وهي إقامة نظام ديمقراطي يكفل القانون والحريات فإن مصير هذه الثورة أن تنتهي تحت أقدام دكتاتور جديد، فهل نعي الدرس ؟!


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.