وحي الفكرة-إيهما المعتل الوطن أم المواطن؟؟

وحي الفكرة-إيهما المعتل الوطن أم المواطن؟؟
  • 03 أغسطس 2020
  • لا توجد تعليقات

محجوب الخليفة

السودان وطن مأزوم دائما فما هو السبب ؟
والمواطن السوداني في معاناة مستمرة حتي وإن تغيرت الحكومات وأنتصرت الثورات وتبدلت أنظمة الحكم فما العلة إذن؟؟

وأيهما المعتل الوطن نفسه أم المواطن ؟ اﻹجابة علي هذا السؤال واضحة كوضوح اﻹجابة علي الجدل البيزنطي القديم والعقيم( ايهما اولا البيضة أم الدجاجة؟) جهل اهل بيزنطا يومها بحقيقة الخلق جعلهم يدخلون في جدل عقيم فعلا فهم واستنادا علي المشاهدة يرون أن الدجاحة تخرج من البيضة فرخا صغيرا ثم تكبر مثلما يشاهدون البيضة تخرج من الدجاجة فينقسمون الي فريقين أحدهما يزعم ان الدجاجة تخرج من البيضة ولذا البيضة أولا أما الفريق الثاني فيري أن البيضة تخرج من الدجاجة ولذا فالدجاجة أولا.
ولكن حقيقة الخلق واضحة في النهج اﻹسلامي وهي أن اصل اﻷشياء خلق اﻷصل الحي أولا ولذا فإن الدجاجة هي التي سبقت البيضة الي الوجود وليس العكس.

اﻹشارة للجدل البيزنطي هذه اوردناها ﻷن جدﻻ شبيها سينشأ في بحثنا عن السؤال المطروح ( أيهما المعتل الوطن أم المواطن؟) ، فهناك من يري أن العلة في السودان كوطن تشكل بيئته عوائقا تصيب المواطن بالعجز وتمنعه من اﻹنتاج واﻹبتكار وتدفعه دفعا الي المهن الطفيلية واﻹنحراف نحو الفساد و تنمي في دواخله روح الجشع والطمع واﻷنانية ، فالوطن ( الدولة) لاتشجع المواطن ولاتقدم له أي معينات ليكون مواطنا إيجابيا يحب وطنه ويضحي من أجله فالدولة بدلا من دعمه بتوفير الخدمات اﻷساسية من صحة وتعليم وكهرباء وماء لا تقدم له تلك الخدمات الضرورية حتي وأن دفع مقابلا باهظا لخزينة الدولة ، وهي نفس الدولة التي تلاحقه بالضرائب واﻷتاوات والرسوم كلما حاول أن يتجه للعمل واﻹنتاج فيجد نفسه مضطرا إلي اﻹنحراف نحو الفساد والمهن الهامشية واختراع طرق التحايل مثل المضاربات حتي يصل اﻷمر الي اختلاس المال العام وبيع املاك الدولة وتعمد اﻷضرار بالوطن، فقناعة هؤلاء ان العلة في الوطن (الدولة) ومن الواجب البحث عن سبب العلة ولماذا تظل الدولة معتلة في إدارتها وطريقة حكمها وتصريفها للحياة ، وهل العلة الملازمة للدولة وحكوماتها المتعاقبة مرض موجود داخل السودان أم انها جرثومة تنشط دوائر خارجية في نقلها ﻷي حكومة تستلم مقاليد الحكم حتي وأن جاءت تلك الحكومة نتيجة لثورة شعبية تنشد اﻹصلاح ومعالجة الحالة المرضية المزمنة التي تضعف الوطن.

وهناك من يري أن العلة في المواطن السوداني وليس الوطن ، وأصحاب هذا الرأي لهم تفسيرهم الداعم لرأيهم هذا فهم اولا يتساءلون عن معني الوطن والدولة ؟ فإذا اقتنع الناس بأن الوطن رقعة من اﻷرض ذات حدود معينة يقطنها مجموعة من البشر توافقوا علي طريقة آدارة شؤؤنها عبر القبول بإسناد امر إدارتها لنخبة منهم (حكومة) فإن ذلك يعني أن عافية تلك الدولة مرتبطة بسلامة ساكنيها فإذا كانت العلة متفشية بين سكانها فإن النخبة (الحكومة) التي تديرها ستبقي معتلة أيضا.

إذن ووفق هذا الرأي فإن علة السودان تكمن في المواطن وليس الوطن ، فهناك ثمة خلل تربوي وثقافي أوسلوك سالب موروث او مكتسب هو المسئول عن دوامة اﻷزمة المستمرة والتي تجهض الثورات وتفسد الحكومات وتمنع السودان من التقدم وتجعله رهينا لتلك العلة المزمنة.

الثورة الحقيقية في السودان هي أن نتمكن من إقتلاع هذه العلة ومنع انتقالهاإلي اﻷجيال الجديدة ، ولكن كيف يحدث ذك؟ ومن يصنعه؟ ذلك هو السؤال.

التعليقات مغلقة.