في وداع عبد المنعم المكي .. أحد أبرز رموز العلاقة (الشعبية) السودانية القطرية

في وداع  عبد المنعم المكي  .. أحد أبرز  رموز  العلاقة (الشعبية) السودانية القطرية
  • 12 أغسطس 2020
  • لا توجد تعليقات

محمد المكي أحمد

انتقل الى رحمة الله مساء اليوم (١١ أغسطس ٢٠٢٠) الأستاذ، المستشار القانوني ، وصاحب القلم الرصين ، عبد المنعم عبد الله المكي.

تلقيت خبر رحيله بمزيد من الحزن ، اذ نعاه (سودانيو قطر) وعددوا خصاله الجميلة .

عرفت الرجل في الدوحة قبل سنوات عدة، وجمعتنا علاقة احترام متبادل ومودة.

كان شخصية متميزة بكل المقاييس، خلقا ورصانة، وموقفا وطنيا شجاعا في زمن عاش فيه السودانيون أسوأ أوضاع القمع، خلال الثلاثين عاما الماضية.

الأستاذ عبد المنعم كان كبيرا بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات، عرفناه خلال سنوات مضت رئيسا للجالية السودانية في العاصمة القطرية الدوحة،وكان حتى لحظة رحيله عميدا للجالية بعطائه وأدواره التاريخية،وقد احتفى به (سودانيو قطر )وكرموه تقديرا لعطائه .

فترة قيادته للجالية السودانية في الدوحة كانت من أكثر فترات الجالية استقرارا وتميزا.

كان يدرك بعقله ووعيه وسماحة نفسه أن الجالية مظلة للجميع من دون أية تصنيفات سياسية ضيقة كما جرى الحال في زمن الديكتاتورية المبادة في السودان التي مزقت شمل السودانيين في الداخل والخارج وقمعتهم .

يعرف أبناء وبنات السودان في الخارج أن هناك سفراء استخدموا السفارات السودانية في دول خليجية وعربية ولجان الجاليات استخداما سيئا لخدمة الطغيان لا الشعب .

الذكريات كثيرة في هذا الشأن ، لكن ليس هنا ميدانها أو توقيتها المناسب، اليوم أترحم على الفقيد الراحل العزيز عبد المنعم ، وأذكره بكثير من المحبة والتقدير.

كانت الجالية متماسكة في زمنه الجميل بسبب وعيه وروحه النبيلة، وأيضا كانت كذلك في أزمنة الحرية (قبل انقلاب الثلاثين من يونيو ١٩٨٩) ساحة لتكاتف السودانيين لا شوكة أو خنجرا في ظهر هذا الشخص أو ذاك، أوهذا الصحافي أو الكاتب .

بعد الانقلاب المشؤوم هناك رجال ونساء في الدوحة من السودانيين وفي دول عدة لم ينحنوا للطغيان ولم يؤثروا الصمت والسلامة الشخصية والوظيفية.

كان عبد المنعم خبيرا قانونيا ممتازا في مؤسستين من أهم المؤسسات القطرية ،وفي الوقت نفسه كان مهموما بهموم شعب السودان ومنحازا لحقوقه المشروعة في العيش الكريم .

عمل الراحل قبل سنوات عدة مستشارا قانونيا في مؤسسة ( قطر للبترول) ثم مستشارا قانونيا في (مؤسسة قطر ) قبل أن يتعرض لوعكة صحية أقعدته عن العمل خلال السنوات الأخيرة.

لكنه ترك بصمات لن تنسى بعطائه وفكره وخبرته، فقد كان وسيبقى رمزا شامخا من أبرز رموز العلاقة السودانية القطرية (الشعبية) التي تقوم على المودة والاحترام المتبادل والتفاعل الانساني الحميم .

عاصرت الراحل في عالم الكلمة ، فقد اشتهر اعلاميا بكتابة عمود في صحيفة قطرية ، اتسم بالرصانة ووضوح الرؤى في زمن صعب، والأهم أنه كتب حروفا انحازت لخيار الشعب السوداني في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم.

رحيل الأستاذ عبد المنعم عبد الله المكي فقد كبير ليس لأسرته فقط، بل لسودانيي قطر ، والسودان، ولكل أحباب وعشاق الكلمة الرصينة الشجاعة الصادقة، خصوصا في زمن الديكتاتورية.

أسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة ،والتعازي لأسرته وأهله وأحبابه وعارفي أدواره ومواقفه الوطنية الرائعة كروعة قلبه وانسانياته، التي تجلت في نبض تعامله الانساني، المتواضع، الودود .


لندن – ١١ أغسطس ٢٠٢٠

التعليقات مغلقة.