مزاعم “الإخبارية”.. والصادق المهدي

مزاعم “الإخبارية”.. والصادق المهدي
  • 08 أغسطس 2017
  • لا توجد تعليقات

محمد المكي أحمد - رئيس تحرير صحيفة "التحرير" الالكترونية

بثت، ووزعت قناة الإخبارية” السعودية مزاعم وافتراءات، عبر “تغريدات. ذكرت أن “سفير قطر(في السودان) والصادق المهدي يتفقان على تأليب الرأي العام في السودان ضد السعودية”، و”رئيس حزب الأمة الإخواني في السودان  يعمل على دعم السلطات في الدوحة، ويطالب بقبول موقفها” و” الصادق المهدي يحرض ضد مشاركة السودان في تحالف دعم الشرعية” في اليمن.

شكلت تفاعلات هذه الافتراءات، قضية الساعة في السودان ودول خليجية وعربية، والمؤكد أنها حظيت باهتمام وقراءة دولية لأبعادها، لأن المهدي شخصية دولية.

تفنيد ودحض ادعاءات ” الإخبارية”، لا يحتاج إلى اختلاق الحجج والبراهين، أو نشر الأكاذيب، كما فعلت”الإخبارية”.

أولاً: نشير إلى وضوح موقف رئيس حزب الامة القومي إمام الأنصار الصادق المهدي، منذ الأيام الأولى التي شهدت اندلاع الأزمة الخليجية، هو يرى أن السعودية ومصر دولتان يجب احترامهما” وأنهما ” كبيرتان”، وأن قطر لعبت أدواراً مهمة، كدورها في جمع شمل اللبنانيين، ومساعيها ومبادرتها التي سعت إلى إطفاء الحريق في دارفور، ويرى أن الدوحة بقدراتها يمكن ان تلعب أدواراً إيجابية.

نبًه أيضاً في هذا السياق إلى خطورة انعكاسات “عزل الدوحة”، لأن ذلك سيؤدي إلى “الاستقطاب والاستقطاب المضاد”، وهذا معناه أن فكر الرجل وتفكيره أعمق وأكبر من مسالة السقوط في وحل الاستقطاب.

موقفه يشدد على أن يتم حل الأزمة سلمياً، داخل البيت الخليجي والعربي، بل سعى الرجل إلى موقف عملي لا كلامي، ببلورة ” مبادرة” للمساهمة في حل الأزمة، بدلاً من الجلوس على رصيف الأحداث، كما يفعل كثيرون هذه الأيام، وأنطلق في ذلك من رئاسته المنتدى العالمي للوسطية (الإسلامية)، وحدد تشكيلة وفد يضم حكماء المنتدى، ليزور دول المنطقة، لشرح أبعاد المبادرة، في حال جرى تحديد موعد للقاء.

هل يلعب ويمارس لعبة الانكفاء، والانغلاق، والاستقطاب، والانحياز ضد هذا الطرف أو ذاكـ، من يطرح مبادرة لجمع الشمل؟.

المنطق يقول لا، إلا إذا أرادت ” الإخبارية” إجهاض مبادرة حكماء منتدى الوسطية العالمي الذي يقوده المهدي. نشير أيضاً إلى أن المهدي عضو في ” نادي مدريد” الذي يضم شخصيات دولية، تبوأت رئاسة حكومات في العالم عبر الانتخابات أي انه عضو في محفل دولي عريق، يضم صفوة  قيادات منتخبة لم تتربع على كراسي الحكم  بالانقلابات.

الصادق شخصية عالمية، يعرف قادة العالم أفكاره، ورؤاه ومواقفه الحكيمة، ما يعني أن أية محاولة لتشويه فكر الرجل ومواقفه تفضح جهل من يروج لها، وضعف الحجة والإدراك، وازدواج البصر، واعتلال الرؤيا.

ثانياً: في شأن الحرب اليمنية، للمهدي وحزب ” الأمة القومي” موقف معلن ومعروف لمن يتابع الأحداث، وهو أن السودان ينبغي أن يلعب دور الوساطة، لا الانخراط في الحرب، وكان المهدي قال إن السودان مؤهل لهذا الدور، انطلاقاً من علاقاته الأخوية الطيبة مع طرفي الحرب (السعودية والحلفاء) والطرف اليمني الآخر.

انتقاداته في هذا الشأن وجهها للنظام السوداني، الذي انخرط في الحرب، وصب الزيت على نارها، لم يوجهها للسعودية أو غيرها، وجهها للنظام في الخرطوم، انطلاقاً من دور المهدي الوطني، الذي يدفعه للتعبير عن مواقفه ونبض الناس.

هذا موقف ليس ضد السعودية أو الدول الأخرى في الخليج، هو موقف يتعلق بشأن داخلي سوداني. في هذا السياق نقول إن المهدي لا يمارس أساليب النفاق السياسي، التي يتقنها قادة النظام الحاكم في السودان، من خلال أسلوب تعاملهم مع السعودية وقطر والإمارات والبحرين ومصر ودول أخرى بأكثر من وجه ولسان.

المهدي زعيم تاريخي، ومفكر إسلامي عصري ومعتدل وديمقراطي، وخبير استراتيجي، وحكيم سياسي، وإنسان شفاف، وقريب بطبعه وخصاله إلى قلب وعقل من اقترب إلى نبضه.

من حق الناس في كل مكان أن يتفقوا مع أفكاره، أو يختلفوا معها، لكن ليس من حق “الإخبارية” فبركة المعلومات، إلا أذا أرادت ضرب المهنية والصدقية، وإطاحة معايير مهنة الصحافة والإعلام، لتمارس شيئاً من نهج التشويه للمهدي، وهو نهج مردود عليه، ومرفوض، ومدان، وأوقعها في مستنقع مبغوض.

ما بثته” الإخبارية” ليس إساءة فقط للمهدي وحزب الأمة القومي والسودانيين، الذين يكنون التقدير والاحترام لإخواننا في السعودية وقطر ومصر والإمارات والبحرين، ما جرى يشكل محاولة لإثارة غبار كثيف  فوق جسور التواصل والتفاهم والاحترام المتبادل ، لكن المحاولة  مفضوحة ، ومحكوم عليها بالفشل الذريع.

لن يفلح من فبًرك، ولفًق في هز الأواصر بين السودانيين وشركاء الأفراح والأتراح في دول الخليج ومصر، نحن نفرح لأفراحهم، ونحزن لأحزانهم، والأهم من لغة المشاعر والعواطف – وهي مهمة انسانياً – أن تتكامل المصالح، لأنها العنصر الفاعل، والحيوي، لتقوية الأواصر والصلات بين الدول والشعوب.

والأهم في هذا الإطار أن تنطلق قوافل التعاون، استناداً إلى رؤية استراتيجية، تضع مصالح الشعوب في صدارة الأولويات، مع أهمية إشاعة مناخ صحي، يُتيح في المنطقة حرية التفكير، ولا يُجرًم عملية تباين وتبادل الآراء، والاجتهادات والأفكار.

ربما سعت “الإخبارية” – في لحظة ” انفلات” غير مهني، وكبوة داهمتها بغتةَ – وهي قناة أضافت ملامح تجربة جديدة وحيوية للإعلام السعودي المرئي، فور انطلاقها في 11 يناير 2004 – ربما سعت إلى توسيع مساحات انتشارها بين السودانيين. (في صحيفتنا الالكترونية “التحرير “استطلاع رأي بعنوان ” قادة رأي وسياسيون لـ” التحرير”: اتهامات “الإخبارية” للمهدي و” الأمة” خاطئة وظالمة وعليها الاعتذار) وتأملوا المضامين، وما ما قاله عميد الصحافيين السودانيين الأستاذ محجوب محمد صالح عن ” الإخبارية”.

تذكرت بهذه المناسبة سؤالاً وجهتُهُ إلى الإمام  الصادق المهدي، عن أسلوب تعامله الإنساني، الرصين، مع صحافيين وسياسيين، درج بعضهم على استخدام  أساليب التهريج والتجريح فيما يكتبونه عنه، أو يصرحون به من  أقوال، إذ يلجأ بعض الناس إلى أساليب فجًة، خشنة، فظًة أحياناً، لكنه يعاملهم  جميعاً بلطف فطري، ينطلق من معدنه الطيب وسجاياه، لا يبدى تبرماً وتَضَجُّراً وسأماً بهم، ولا يُظهر علامة من علامات الغضب، الأمر الذي يغضب أنصاره وأحبابه، لكنهم يكتمون الغيظ.

قال المهدي، رداً على سؤالي، أثناء لقاء خاص خلال إحدى زياراته إلى قطر قبل سنوات ، “إن صحافياً  سودانياً اعترف  وقال لي أنه يهاجمني في شدة وقسوة ، كي يشتهر”، ضحكنا، ورددت المثل العربي ” شر البلية ما يُضحك”.

هل اختارت قناة ” الإخبارية”، وهي قناة عُرفت منذ انطلاقتها بأنها تحاول الاحتكام إلى معايير المهنة، وتحرص على الصدقية، هل اختارت نهج الصحافي السوداني، فاقد الشهرة، لتشتهر، في الأوساط السودانية، كـشهرة “بي بي سي” و”الجزيرة “و”العربية” و”سكاي نيوز عربية “والحرة و”فرنسا 24″ومونت كارلو الخ؟

أمام ” الإخبارية” فرصة لتصحيح خطأ مهني وسياسي وانساني كبير، إذا أرادت أن تعالج سقطة بثها معلومات غير صحيحة، ومُضللة لمشاهديها، كي تحظى باحترام المشاهد في كل مكان، وخصوصاً في أوساط السودانيين.

في مقدورها كما قال مساعد رئيس حزب “الأمة القومي” السوداني المستشار البشرى عبد الحميد في حديثه إلى ” التحرير” (منشور حالياً في التحرير) أن تبادر بمحاورة المهدي حواراً شاملاً، عن قضايا الساعة، لتؤكد صدقيتها المجروحة، ومهنيتها التي انتهكت معاييرها وأصولها.

تكسب “الإخبارية” احترام الملايين داخل السودان وخارجه لو حرصت على بث مواقف وأفكار وتحليلات من أساءت إليه، فأساءت إلى نفسها، وتجربتها وتاريخها المهني.

الكرة في ملعب زملائنا في “الإخبارية”، وخصوصاً في ملعب من حبك الحُبُك، ونسج، وبث “التغريدات” الضارة بأهله، قبل غيرهم.

modalmakki@hotmail.com

 

التعليقات مغلقة.