والله ماك سوداني

والله ماك سوداني
  • 26 نوفمبر 2018
  • لا توجد تعليقات

عواطف عبداللطيف

لم تجف أحبار قلمي ولم تطو صفحة مقالي الأخير (مركز الطفولة بجامعة قطر لونها بالأمل)،ذلك المهرجان الذي كان بحق رسالة تربوية كاملة الدسم، وناضجة ومفعمة بكل جميل كاستحقاق لاستنهاض القيم الإبداعية، وحض المكونات الإنسانية، وزرع البذور الطيبة في جيل المستقبل، إلخ، إلى أن وصلني فيديو لمهرجان آخر يتسنمه متشبه بالنساء فاجر انتزعت عنه الرجولة وكل معاني الحشمة والوقار، وليس هذا هو المحير، ولكن الموجع حقاً أن يكون ذلك الفعل الكريه في مهرجان للتسوق بإحدى الدول الخليجية للأسر، ووسط حضور كبير جداً للأطفال فلذات الأكباد رجال الغد، ورحيق الأمة وأنفاسها، بل عظمها القوي وسندها وثروتها وثرائها .

أن يقوم متشبه بالنساء وبزي الرجال ووسط جمهور من الأطفال اليافعين بالتلوي الممجوج والغنج الفاضح، وهو يرتدي الثوب الرجالي والعمامة السودانية ويحشو موخرته بما يشبه البالون بحيث يكون مسخاً لا هو بالمرأة حاشا لله، ولا هو بالرجل، فهذا القبح بعينه، والفعلة النكراء في أوج مراتبها.

كثير من المبدعين الممثلين وأصحاب الفكر الناصج والرسالات التربوية أثروا الساحات الفنية بفن التنكر، ارتدوا الزي النسائي أو ارتدت ممثلاث الملابس الرجالية لإيصال رسائل إيجابية تعليمية أو تربوية اجتماعية تثقيفية للتوعية والنصح، أو لمعالجة خلل مجتمعي، أو أسري او للترويح والمحاكاة والتقليد الخ، وقد جدت القبول في كثير من المجتمعات لأنها مدروسة ولها أهداف سامية ونبيلة، كرسائل مجتمعية مؤثرة، ولكن أن يقوم أحد الأفراد بلباس زي قومي له مكانته واحترامه وتقديره ورونقه وجماله ويشوهه، ويعبث به، بما لا يشبههه من قريب أو بعيد، فهذا قمة الغباء والمسخ المقيت.

إن ما قام به ذلك المشوه النكرة هو جرح للطفولة قبل أن يكون جرحاً لذلك الزي القومي وأهله، وهو غرس لقيم باطلة جارحة للإنسانية أياً كانت جنسيتها أو سحنتها، إنها خنجر مسموم غرس في دواخل الطفولة النقية، بل إها إذلال للجنس الرجالي اينما كانوا، وطمس للقيم المجتمعية السوية التي تكره المنكر ،فما بال أن تاتي تلك الممارسة الفجة الكريهة المبتذلة وفي مقام تجمع أسري اكثره من الأطفال اليافعين فهذا هو الباطل بعينه.

أي رسالة تلك التي يراد بها الاحتفاء في ذلك المهرجان وأي ضحك او ابتذال وأي قيم أو مفاهيم تلك التي يراد إيصالها. إن من ارتدى الزي الرجالي وماثل النساء بتقعيره لمؤخرته العارية وإيحاءاته الحركية المنحطة لم يهين ذلك الزي ولا أهله وناسه ولا بنتقص من( الثوب البسند العمة)، لكنه غرس بذرة فاسدة نتنة في جيل بأكمله، وهم الاطفال المجني عليهم في المقام الأول، فأين الموسسات التربوية والتعليمية؟ وأين الموسسات المجتمعية من مثل هذا الفجور المستعر والجهل المستتر الذي لم نسمع به حتى في أكثر البلدان فجوراً وإباحية.

إن ما رأيته لا يماثل حتى أفعال الشياطين والعياذ بالله، وقد وجد الاستهجان والاستنكار في كثير من مواقع التواصل الاجتماعي، فتباً لمن قام بهذا الفعل المستهجن، وحسبنا الله ونعم الوكيل علي كل من يزرع السموم الفاسدة في جيل المستقبل، التي لن يكون حصادها إلا فجوراً ودماراً للفطرة السوية وبذراً للبذور الفاسدة في قيم الشعوب واإسانية التلاقي الأخلاقي التظيف، وابلغ تعبير عن استهجان ذلك ما جاء بقصيدة عصماء، بعنوان “والله ماك سوداني” للأديبة اية يوسف نقتبس منها عنوان مقالنا، وبعض الأبيات المعبرة:
والله ماك سوداني

سيفنا المقالد ايدنا
رقصة رجال بهمومنا
اللعنة ليك يا قاصر
من وين لبست هدومنا
لا بتشبه امدرمانا
لا جابتك خرطومنا
نحنا الشرف لابسنو
عارفنا قاصي وداني
والله ماك سوداني
والله ماك سوداني

* اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر

awatifderar1@gmail.com

التعليقات مغلقة.