صباح الخير على الوطن البدوي رئيساً للوزراء

صباح الخير على الوطن  البدوي رئيساً للوزراء
  • 10 يوليو 2020
  • لا توجد تعليقات

عبدالله الصادق الماحي


الأوضاع بالوطن تتقهقر إلى الوراء ولا تتقدم إلى الأمام والسبب ان حمدوك شخص بلا شخصية ولا حضور ولا إرادة. ينهره حميدتي فيستدير فاتحاً فاه، ويطقطق له كوادر الشيوعي من يمينه ويساره فوقه ومن تحته، فيطأطئ راسه ويقبض كلتا يديه كالتلميذ أمام المعلم…

حمدوك وزير مالية الإنقاذ الذي نفد في آخر لحظة، ما كان يحلم يوماً أن يكون وزيراً في دولة السودان ولم يكن مهيئاً نفسياً يوما أن يكون الرجل الأول حتى في قريته، فهبطت عليه الرئاسة بلا مقدمات واربكت كيانه ومازال لأكثر من عام في حالة انعدام توازن واضح لا يتحدث الا همسا ولا يمشي الا حذراً، ويستدير حيثما كان المنادي أعلى صوتاً.
هذا الرجل بشخصيته المنكسرة هو سبب كل البلاوي التي يعيشها الوطن، وسيورد البلاد موارد الفشل بعد أن يكبلها بالتزامات ثقيلة وبلا مبررات واستحقاقات.

ما هو وزن هذه الحركات على الأرض وما إمكانية تأثيرها على الوطن في ظل ميلاده الجديد، وما فرص تأثيرها على مجريات الأحداث؟ لقد انتهى أثرها على الأرض، بعد أن حسمها حميدتي تماماً واجبرها للخروج خارج حدود الوطن، وفقدت كل معين حتى اصبحت تؤجر بندقيتها لصالح الأجندات الخارجية لتعيش.

وعلى الأرض في دارفور فقد خرجت الجماهير في اعتصامات مدنية سلمية ورفعت مطالبها مباشرة إلى الحكومة المركزية وبلا واسطة من أي دعي من الحركات المسلحة. ويؤكد ذلك أن دارفور تبرئ جراحها بنفسها وتعود بكل نبل وكبرياء للاندماج مجددا في الوطن الموحد بلا شرط ولا قيد، وهو ما يؤكد أيضاً أنها قد أحسنت قراءة المعاني في التغيير الذي حدث في السودان وأنها جاهزة للتعامل معه بإيجابية عالية تستحق الإشادة والدعم من المركز حكومة ومجتمعات مدنية وسياسية ولو أن حمدوك وكل الذين من حوله يفهمون مجريات الأحداث كما يجب لشكل هذا التحول تغييراً جزريا في طبيعة تقديرهم.

هذه الحركات فقدت كل كروت الضغط التي كانت تدعيها وحتي سكان المعسكرات من المتوقع عودتهم حتى قبل أن تنطلق حملات إعادة التوطين والانتشار، أن أحسنت حكومة حمدوك قراءة التحول الكبير الذي حدث في دارفور ودافعت ودعمت هذا الحراك المجتمعي والذي يؤكد اندماج أهل دارفور في إطار هذه الثورة العظيمة بمفاهيمها الجديدة، ويؤكد تحررهم الكامل من كل قيود الذين اختطفوا قضيتهم وتاجروا بها إبان سنوات الانقاذ.

قيادة الدول تتطلب رجال حكماء يحسنون تقدير المواقف ويتمتعون بالشجاعة والثقة في النفس وقادرون على اصدار القرارات الحاسمة وتحمل تبعاتها والدفاع عنها ببسالة الفرسان.

خطأ حمدوك انه وضع ثقته المفرطة في الشيوعي ولم يحسن التعامل مع قوى الحربة والتغيير، وجعل لجان المقاومة بديلا لها وهي ليس جزءا من قوى الحرية والتغيير، وكان الاوفق ان يضغط لإضافة لجان المقاومة إليها ويحرص على تقويمها وجعلها ملاذه الأول والأخير بلا خيار وفقوس من بين مكوناتها، فهي حاضنة الثورة والأخطر تاثيرا على استمراره واستقرار حكومات.

إرتباك حمدوك المستمر وتنقله بين روافع التأثير على المشهد بلا خطة ورؤية، سيؤدي إلى انفضاض الجميع من حوله وبالتالي إلى فشل عاجل لحكومته، وسيكون الشيوعي أول الناكرين لحمدوك والخارجين عليه. وأخشى ما أخشى ألا يتمكن حمدوك من إتمام الفترة الانتقالية وان يتقدم باستقالته للبرلمان في أول أيام تكوينه.

أكبر الأخطاء التي وقع فيها حمدوك قبول استقالة وزير المالية والذي كان يتمتع بشخصية أكثر ثبات وثقة وشجاعة من حمدوك نفسه. ولعل إصرار وزير المالية على تنفيذ مشروعه للإصلاح برغم صراخ الشيوعي يؤكد قوة شكيمة الرجل. بل إن وزير المالية كان يمثل الجانب الوحيد المشرق في حكومة حمدوك. كما أنه من قلائل الوزراء الذين اكسبوا حكومة حمدوك دعما مجتمعي وسياسيا قوي من عودها داخل الخدمة المدنية وحفزها للتفاني في دعم موارد الدولة، وبفقدانه يفتقد حمدوك أكثر جوانب الحكومة اشراقاً.

كان الدكتور البدوي يقف على رؤية متكاملة واضحة للنهضة الاقتصادية وكان قادرا وبارعا في الدفاع عنها، وهي رؤية تقوم علي تبني الاقتصاد الحر مع تأمين اقتصادي واضح للطبقات الضعيفة لدرء كل الآثار الجانبية قبل وقوعها، وقد استقطب لذلك دعماً معلناً في مؤتمر شركاء السودان.
ولا أدري أي بديل للوضوح المشهود في سياسات الدكتور البدوي، الا الدغمسة في إطار صراخ الشيوعي ونزوعه لمواجهة اقتصاد السوق الحر الذي حرر كل أسواق العالم ونقل كل المجتمعات إلى حيث التطور المنظور حتى داخل روسيا قبلة الاشتراكية.

وماذا عن وزير الزراعة والذي حتى ولو بالبركة في وجوده أخرجت الأرض أفضل ما فيها من القمح والذرة والفواكه وأنزلت السماء أمطار واعدة بدأت بشائرها من الآن. كان يمكنه إزالة وزارات ووزراء هامشيون ظلوا يعيشون في ظل المشهد ولم يسمع عن خيرهم احد وتأذي منهم الكل. التعليم العالي والداخلية والصحة والطاقة والتجارة والصناعة والحكم الاتحادي وغيرها من الوزارات التي ظلت بلا نكهة ولا لون، ثم يدعم الوزارات التي كانت تتحمل كل تبعات الضعف الموروث من تركة الإنقاذ الثقيلة بوزراء دولة من أهل الكفاءات وليس المحاصصات. لعل هذا كان ذلك اوفق وأفضل للعبور بدل الائتمان بوزراء جديد يحتاجون لستة أشهر على الأقل لفهم الواقع المتشابك الذي كان يتعامل فيه الوزراء قبلهم.

واذا كان حمدوك في ظل اضطرابه وعدم حكمته المشهودة يوافق على منح الوعود الوافرة لمن لا يملكون غير الحلاقيم الكبيرة في الجبهة الثورية ومسارات الكذب والادعاءات الخائبة، فمن أين للوطن أن يلبي شروط الذين يمتلكون الدروع والأسلحة الثقيلة (الحلو)، والآخر الذي يتمتع بدعم سخي ومستمر ويركب على أجندة للعمالة وتساوم به دول كاملة في إطار تآمر استراتيجي يمتد لعشرات السنين القادمة.

انا أدعو إلى إقالة حمدوك وتعيين الدكتور إبراهيم البدوي رئيساً للوزراء عطفا على ما رأيناه فيه من ثبات وقوة شخصية وشجاعة وكمال رؤية للمشهد الوطني وهو بلا أدنى شك الشخص الأقدر والأجدر للتعامل مع هذا الواقع الوطني المعقد.

التعليقات مغلقة.