ستتراجع وتتلاشى ما لم تجد الدعم

رحلة اللغة العربية في جنوب السودان

رحلة اللغة العربية في جنوب السودان
  • 03 أبريل 2017
  • لا توجد تعليقات

تمهيد:

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وخصه بلسان أو لغة يتواصل بها على مستوى الأسرة والعشيرة والقبيلة والأمة. كما أرسل الله كل رسول لتبليغ رسالته بلسان قومه. وقد تمكن البشر في مختلف أنحاء المعمورة من التواصل وإقامة العلاقات، الأمر الذي ساعد على تعلم اللغات وتعليمها فيما بين الناس والأمم، وتبادل المعلومات والثقافات والمنافع ونقل الخبرات والتجارب لمصلحة الإنسانية.

اللغة وسيلة للتعبير والتواصل بين الناس والأمم والقوميات، كما أنها وسيلة لحفظ التراث والثقافة والتقاليد والعادات والموروثات البشرية، ما يجعل العالم يحافظ على التعدد والتنوع الثقافي والديني؛ لتعزيز الديمقراطية والوحدة والاستقرار وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين الشعوب.

وقد وجهتْ المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، السيدة إيرينا بوكوفا، بمناسبة اليوم الدولي للغة الأم لعام 2013م الرسالة الآتية إلى العالم:

“في عصر التكنولوجيات الجديدة، تبقى الكتب أدوات قيمة وسهلة الاستخدام ومتينة وعملية لتبادل المعارف والتفاهم والانفتاح على العالم. وإنها دعائم مجتمعات المعرفة، وهي في طليعة تعزيز حرية التعبير وتوفير التعليم للجميع”.

أُعلن الاحتفال باليوم الدولي للغة الأم في مشروع القرار (30 C/DR.35) المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في شهر نوفمبر من عام 1999م.

لماذا الاحتفال في هذا التاريخ باليوم الدولي للغة الأم؟

تحتفل هيئة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة بهذا اليوم (21 فبراير) سنوياً في جميع أنحاء العالم نسبة للانتصار الذي أحرزته حركة (اللغة البنغالية)، وهي حركة سياسية في بنغلاديش عندما كانت تعرف باسم شرق باكستان.

طالبتْ الحركة بالإعتراف بـاللغة البنغالية لغةً رسميةً في الدولة، واستخدامها رسمياً على جميع المستويات والهياكل في الشؤون الحكومية والتعليم ووسائل الإعلام والعملة والطوابع.

وفى عام 1947م وعقب استقلال الهند بقيادة الزعيمين مهاتما غاندي ومحمد علي جناح، تم تقسيم الهند إلى دولتين لكل منهما السيادة المستقلة.

تشكلتْ حكومة باكستان، وكانت تتألف من مجموعات عرقية ولغوية متنوعة وجغرافياً غير متصلة بإقليم بنغال الشرقي (بنغلاديش) الذي اُطلق عليه في عام 1956م باكستان الشرقية، التي تضم سكان بنغاليين في المقام الأول.

وفى عام 1948م فَرضتْ الحكومة الباكستانية اللغة الأردية اللغة الوطنية الرسمية الوحيدة لجمهورية باكستان الإسلامية، مما أثار إحتجاجات واسعة ونزاعات طائفية للأغلبية المتحدثة بـاللغة البنغالية في بنغال الشرقية. تحدىَ طلاب جامعة دكا وغيرهم من النشطاء السياسيين ذلك القانون والحكومة المركزية، ونظموا مسيرات للاحتجاج في 21 فبراير 1952م، ووصلتْ الحركة الاحتجاجية إلى ذروتها عندما قتلتْ الشرطة مجموعة من الطلاب المتظاهرين في ذلك اليوم، وأثار قتلهم الذعر والاضطرابات المدنية بقيادة (حزب رابطة عوامي الإسلامي) الذي تغير اسمه بعد ذلك إلى (حزب عوامي الوطني).

وبعد كثير من الصراعات تراجعتْ الحكومة المركزية عن قرارها ومنحتْ الصفة الرسمية للغة البنغالية في عام 1956م.

وفى عام 1999م، جعلت منظمة اليونسكو يوم 21 فبراير اليوم الدولي للغة الأم، وعطلة رسمية؛ تكريماً لحركة اللغة واحتراماً لمطالب وحقوق الإنسان في كافة أنحاء العالم.

وحفزتْ حركة اللغة إلى تأكيد الهوية الوطنية لـولاية باكستان الشرقية (بنغلاديش) التي أصبحتْ رائدةً للحركات القومية البنغالية ومنها (حركة 6 نقاط وتحرير بنغلاديش) في عام 1971م بقيادة حزب عوامي.

وفي 16 مايو 2007م، أهابتْ الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها رقم A/RES/61/266، بالدول الأعضاء (التشجيع على المحافظة على جميع اللغات التي تستخدمها شعوب العالم وحمايتها). وأعلنتْ الجمعية العامة، في القرار نفسه سنة 2008م سنةً دوليةً للغات لتعزيز الوحدة في إطار التنوع ولترسيخ التفاهم الدولي حول تعدد اللغات والتعدد الثقافي.

ويُحتفل بهذا اليوم الدولي سنوياً من فبراير 2000م من أجل تعزيز التعدد اللغوي والثقافي، متخذة من ذكرى مدينة دكا منطلقاً.

ويأتي الاحتفال باليوم في هذا العام في وقت تتفاقم فيه الأخطار المحدقة بالتنوع اللغوي. فاللغات وسيلة جوهرية للتواصل ‏بكافة أنواعه، والتواصل هو ما يجعل التغيير والتطور ممكناً في المجتمع البشري. فاستخدام أو عدم استخدام ‏لغة معينة كفيل بفتح أو بسدّ الأبواب أمام شرائح واسعة من المجتمع في أرجاء شتى من العالم. ‏

وللاحتفال بالسنة الدولية للغات، تدعو اليونسكو الحكومات وهيئات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع ‏المدني والمؤسسات التعليمية والجمعيات المهنية وجميع الجهات المعنية إلى مضاعفة أنشطتها الرامية إلى تعزيز ‏ جميع اللغات وحمايتها، ولا سيما اللغات المهددة، وذلك في جميع مجالات الحياة الفردية والجماعية. ‏

اللغة العربية في السودان

اللغة العربية من أقدم اللغات التي دخلتْ فى إفريقيا منذ عهد بعيد، بل من أعرقها أيضاً، إذ كان بعض التجار العرب يفدون إلى تلك البلاد عبر البحر الأحمر والطرق البرية.

وقد عرفها السودان مع مجيء الخلافة الإسلامية فى عهد الخليفة عثمان بن عفان، عندما فتح واليه على مصر عبد الله بن سعد بن أبى السرح بلاد النوبة فى عام 31هـ، حيث انتشرتْ العربية في شمال السودان الجغرافي على حساب اللغات الوطنية القديمة. وقد استمرتْ العربية اللغة السائدة في الشمال في عهد الحكم التركي المصري والمهدية (1821م -1896م).

اللغة العربية في السودان في عهد الحكم الثنائي (1896م – 1956م)

لم تتدخل إدارة الحكم الثنائي في أمور التعليم وبخاصة موضوع اللغة العربية في الشمال الجغرافي، وتركتْ الأمور التعليمية تستمر كما كانت باللغة العربية. أما فيما يخص جنوب السودان وجنوب كردفان / جبال النوبة ومنطقة النيل الأزرق، فقد وضعتها الإدارة الإنجليزية تحت قانون خاص تم تطبيقه بدايةً من عام 1920م. حيث منع تعليم اللغة العربية فيها ودخول الموظفين والتجار الشماليين فيها، وتم تشجيع تطوير اللغات المحلية وتدريسها في تلك المناطق.

وقد عُقد مؤتمر سلارا في جبال النوبة بغرض وضع سياسات لغوية في جبال النوبة والنيل الأزرق. أما بخصوص السياسة في جنوب السودان، فقد عُقد مؤتمر الرجاف في عام 1928م لتطوير وكتابة اللغات الوطنية في الجنوب.

نظام التعليم في جنوب السودان في بدايات الحكم الإنجليزي للسودان

لم تتدخل الحكومة كثيراً في شؤون التعليم في شمال السودان، أما في جنوب السودان فقد سمحتْ الحكومة للبعثات المسيحية (البروتستانتية والكاثوليكية) للعمل بالجنوب، فشرعتْ هذه البعثات بفتح المدارس الإرسالية، وتُعدّ مدرسة مليك الأولية الواقعة جنوب مدينة بور التي أسسها القس الأنجليكاني شو (Mr. Shaw) في عام 1899م، من أوائل تلك المدارس الأولية النظامية التي تم فتحها في جنوب السودان. وكان الهدف هو استيعاب جميع التلاميذ من الجنوب في هذه المدرسة، إضافة إلى أطفال من أوغندا وكينيا وتنزانيا.

ومن أشهر التلاميذ الذين درسوا في مدرسة مليك المرحوم السيد/ ميلتون أوبوتي، رئيس جمهورية أوغندا الأسبق ومولانا/ أبيل ألير، نائب رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التنفيذي العالي للإقليم الجنوبي الأسبق، والفريق معاش/ جوزيف لاغو، نائب رئيس الجمهورية الأسبق.

وقد توالى فتح مدارس مشابهة لاحقاً مثل: مدرسة أوكارو في شرق الإستوائية، ومدرسة لوكا الوسطى بالولاية الإستوائية الوسطى، ومدرسة أكوت بولاية البحيرات، ومدرسة التونج بولاية واراب، ومدرسة عطار الوسطى، ومدرسة أوبيل بأعالي النيل.

كانت أعداد التلاميذ المسجلين بتلك المدارس قليلة جداً بسبب القيود الصارمة للقبول المطبقة من إدارة التعليم في الجنوب، وإحجام عدد كبير من الآباء بعدم إرسال أبنائهم إلى هذه المدارس؛ لخوفهم من التأثيرات الثقافية في عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم.

ولحل هذه المشكلة، اقترح بعض رجال الدين والتربويين بضرورة إيجاد طريقة لإقناع الجنوبيين بإرسال أبنائهم إلى المدارس الإرسالية.

وقد تبلور هذا الاقتراح في ضرورة إيجاد طريقة لكتابة اللغات الجنوبية وتدريسها في مدارس القرية (سنتين) قبل الالتحاق بالمارس الأولية (ثلاث سنوات).

مؤتمر الرجاف اللغوي عام 1928م

عُقدَ مؤتمر الرجاف عام 1928م تحت رعاية الحكومة وإشراف المعهد الدولي للغات والثقافات الإفريقية بلندن، وجُمعتْ له الحشود الكبيرة من علماء اللغات وممثلي الإرساليات. وقد استفاد المؤتمرون من أهداف ومقررات مؤتمر سلارا اللغوي الذي عُقد مطلع العشرينيات بجبال النوبة.

مقررات مؤتمر الرجاف اللغوي ونظام التعليم في الجنوب

انتهى المؤتمر إلى اختيار ستٍ لغات من لغات القبائل الجنوبية هي: لغة الدينكا، ولغة النوير، ولغة الشلك، ولغة الزاندي، ولـغة الباريا، ولغـة اللاتوكا، ثمّ أُضيفـتْ إليها فيما بعد لغات أُخرى.

وقد اتفق المؤتمرون على كتابة هذه اللغات بالحروف اللاتينية، وإضافة رموز للأصوات التي لا يوجد ما يقـابلها فى أحرف الكتابة اللاتينية، كما قررتْ الحكومة أن يتم استخدام اللغة الإنجليزية فى التعامل الرسمي.

وقد تم تعديل نظام التعليم الأولي أو الابتدائي في الجنوب. فتقرر فتح مدارس القرية (Village or Bush Schools) التي كان التلاميذ يلتحقون بها قبل جلوسهم امتحانات الدخول إلى المدارس الأولية.

كان التلميذ يقضي سنتين بمدرسة القري إذ يدرس خلالهما في الصف الأول مواد: اللغة الأم والحساب باللغة الأم واللغة الإنجليزية، وفي الصف الثاني يستمر في دراسة اللغة الأم والحساب باللغة الإنجليزية واللغة الإنجليزية، ثم مقدمة في الصحة العامة.
ولتشجيع التلاميذ على الالتحاق بالتعليم، قررتْ إدارة التعليم السماح للتلاميذ بارتداء الزي القومي للجنوب (اللاوا) بدلاً من الزي الكنسي، وتقديم الرقصات القبلية مرة كل أسبوع (الثلاثاء) كل حسب قبيلته أو منطقته. تم تدريب عدد كبير من مدرسي مرحلة مدارس القرية، الذين عُرفوا بمصطلح (Upgraded or Approved Teachers).
ونتيجة لنجاح فكرة كتابة بعض اللغات الوطنية في جنوب السودان بالحرف اللاتيني، خاصة بعد اجتياز عقبة إيجاد حروف أو رموز صوتية للأصوات التي لم تتوافر لها حروف لاتينية في اللغات الجنوبية، قررتْ الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في كانتربيري ترجمة الكتاب المقدس -العهد الجديد (Holy Bible – New Testament ) من اللغة الإنجليزية إلى اللغات الوطنية في جنوب السودان.

ولإنجاح هذا المشروع تم ترشيح وتدريب بعض المتعلمين من القبائل التي كُتبتْ لغاتهم الأم بالحرف اللاتيني. حيث تم التدريب على عدة مراحل في الجنوب وإنجلترا في تجويد اللغة الأم واللغة الإنجليزية والترجمة وعلوم اللاهوت (Theology). وبعد عدة سنوات من العمل الدؤوب تم الانتهاء من أعمال الترجمة والتفسير للكتاب المقدس ــــ العهد الجديد، وأصبحتْ النسخ متوافرة بعدة لغات وطنية جنوبية. وقد شجعتْ هذه الفكرة أبناء الجنوب بالإقبال على المدارس الإرسالية وأوجدتْ فيهم روح التنافس والتحدي لتعلم اللغة الأم. كما دعمتْ الكنيسة الأسقفية بإنجلترا الكنائس البروتستانتية في الجنوب بمواد لوجستية مثل الطابعات ومستلزمات الطباعة فضلاً عن تدريب كثير من الكوادر لتدريس اللغات الأم وتدعيم أعمال الترجمة في الكنيسة.

اللغة العربية في جنوب السودان

دخلتْ اللغة العربية إلى جنوب بواسطة جنود حملات محمد علي باشا إلى خط الإستواء ومنطقة البحيرات العظمى والتجار الجلابة في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي.
وعند انتقال السلطة إلى إدارة الحكم الثنائي بعد سقوط الدولة المهدية، تم وضع قيود بعدم نشر اللغة العربية في الجنوب والنيل الأزرق وجبال النوبة، فقد أصدرتْ الحكومة في عام 1922م إجراءات تقيد دخول الموظفين والتجار الشماليين إلى المناطق المذكورة إلا بإذن خاص من الجهات المختصة.

كما شجعتْ الحكومة على تطوير اللغات الوطنية في المناطق الثلاث، فتم عقد مؤتمر سلارا بجبال النوبة لهذا الغرض ثم مؤتمر الرجاف اللغوي بجوبا.

وبعد نيل السودان الاستقلال، جندتْ وزارة المعارف كثيراً من الأساتذة ذوي الخبرة للإشراف على تعليم اللغة العربية فى جنوب السودان، وتمّ إنشاء معهد التربية بمريدي، واستقدمتْ وزارة المعارف الخبير المصري الدكتور/ خليل محمود عساكر يعاونه من السودانيين الدكتور/ يوسف الخليفة والمرحوم الدكتور/ محيي الدين خليل، وتمَّ وضع خطـة لكتابة اللغات الجنوبية بالحروف العربية عوضاً عن اللاتينية، وقد تم تطبيق الفكرة على لغـات الدينكا، والباريا، واللاتوكا، كما تم تدريب عدد من المعلمين على كتابـة لغــاتهم بالحـرف العربي، وكذلك وضعتْ سلسلة العربية السهلة والعربية للكبار.
وكان الدكتور/ يوسف الخليفة أبوبكر أول مدرس لغة عربية قام بتدريس اللغة العربية في مدرسة رومبيك الثانوية في العام الدراسي 1953م ــ 1954م.

وبعد استلام الرئيس عبود الحكم في عام 1958م تمّ توحيد منهج التعليم، وجُعلتْ العربية لغة رئيسة للتعليم فى جنوب السودان وشماله؛ إلا أن سياسات حكومة نوفمبر اتسمتْ بإجراءات سياسية أكثر منها تعليمية وتربوية تهدف إلى التعريب والأسلمة، فقد اتخذتْ الحكومة بعض الإجراءات التي تؤكد هذا التوجه، إذ طُردتْ البعثات المسيحية، وأعداد كبيرة من القساوسة الأوربيين والأمريكان والأفارقة الذين كانوا يعملون في المديريات الجنوبية والنيل الأزرق وجبال النوبة، وتم تحويل العطلة الأسبوعية في الجنوب من يوم الأحد إلى الجمعة كما تم توجيه نظار/ مديري المدارس بعدم السماح للتلاميذ الجنوبيين التحدث بلغاتهم الوطنية إلا العربية في جميع الأوقات بالمدرسة.
من ضمن الخطوات التي اتخذتها وزارة المعارف لتعزيز اللغة العربية في الجنوب تعيين المرحوم السيد/ سر الختم الخليفة، مساعداً لوكيل وزارة المعارف للمديريات الجنوبية وقد وضع خطة لتعميم اللغة العربية لتكون لغة تدريس جميع المواد العلمية في جميع المراحل الثلاث في الجنوب، على أن يتم إنجاز هذه الخطة بنسبة 100% بحلول العام الدراسي 1966م – 1967م.

كما طلبتْ الحكومة مساعدات تعليمية من بعض الدول العربية لتعزيز التعليم العربي والإسلامي في الجنوب، فتبرعتْ المملكة العربية السعودية ببناء ثلاثة مجمعات علمية تعليمية (دينية إسلامية) في الجنوب للمرحلتين الأولية والوسطى.

وبالفعل تمّ بناء هذه المعاهد الدينية العلمية في جوبا (الإستوائية) وواو (بحر الغزال) وكدوك (أعالي النيل). قام المرحوم اللواء محمد أحمد الطاهر، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحاكم العسكري للمديريات الجنوبية بافتتاح هذه المعاهد في عام 1963م.
كان الهدف من هذه المعاهد أن يتعلم التلاميذ الجنوبيون حتى المرحلة الوسطى المنهج الديني الإسلامي والعربي في الجنوب، ثم يلتحق بمعهد أم درمان العلمي لإكمال المرحلة الثانوية، ثم الالتحاق بالأزهر في مصر أو بالجامعات الإسلامية بالسعودية.

كما شهدتْ فترة الفريق إبراهيم عبود افتتاح بعض المدارس الوسطى للبنين والبنات، إضافة إلى مدرسة جوبا بنات الثانوية التي كان من المفترض أن تستوعب جميع البنات من المديريات الثلاث.

اللغات القومية في جمهورية جنوب السودان

للحديث عن اللغات الوطنية في جنوب السودان لا بد من إعطاء معلومات عامة جمهورية جنوب السودان على النحو الآتي:

  • تاريخ الاستقلال: استقلتْ جمهورية جنوب السودان عن جمهورية السودان في 9 يوليو 2011م.
  • العاصمة: مدينة جوبا التي تقع على الضفة الغربية لبحر الجبل.
  • الدول المجاورة: تجاورها كل من السودان في الشمال وإثيوبيا وكينيا في الشرق والجنوب الشرقي وأوغندا في الجنوب والكنغو في الجنوب الغربي وأفريقيا الوسطى في الشمال الغربي.
  • المساحة: تبلغ مساحة جمهورية جنوب السودان حوالي 600 ألف كيلو متر مربع، أي ما تساوي ثلث مساحة السودان القديم.
  • التقسيم الإداري: تنقسم جمهورية جنوب إدارياً إلى عشر ولايات، وهي:
  • ولاية الإستوائية الوسطى وعاصمتها جوبا، وتنقسم إلى ست (6) مقاطعات (محافظات) و(45) مركزاً، وتبلغ مساحتها 43.023 كيلومتر مربع، وعدد سكانها نحو 1.103.557 نسمة.
  • ولاية غرب الإستوائية وعاصمتها يامبيو، وتنقسم إلى عشر (10) مقاطعات و(48) مركزاً، وتبلغ مساحتها 73.472 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 619.029 نسمة.
  • ولاية شرق الإستوائية وعاصمتها توريت، وتنقسم إلى ثماني (8) مقاطعات و(53) مركزاً، وتبلغ مساحتها 79.343 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 906.161 نسمة.
  • ولاية البحيرات وعاصمتها رومبيك، وتنقسم إلى ثماني (8) مقاطعات و(49) مركزاً، وتبلغ مساحتها 43.595 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 695.730 نسمة.
  • ولاية واراب وعاصمتها كواجوك، وتنقسم إلى سبعة (7) مقاطعات و(47) مركزاً، وتبلغ مساحتها 45.567 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 972.928 نسمة.
    – ولاية غرب بحر الغزال وعاصمتها واو، وتنقسم إلى ثلاث (3) مقاطعات و(16) مركزاً، وتبلغ مساحتها 91.076 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 333.431 نسمة.
  • ولاية شمال بحر الغزال وعاصمتها أويل، وتنقسم إلى خمس (5) مقاطعات و(39) مركزاً، وتبلغ مساحتها 30.543 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 720.898 نسمة.
  • ولاية جونقلي وعاصمتها بور، وتنقسم إلى عشر (10) مقاطعات و(75) مركزاً، وتبلغ مساحتها 122.581 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 1.358.602 نسمة.
  • ولاية الوحدة وعاصمتها بانتيو، وتنقسم إلى تسع (9) مقاطعات و(73) مركزاً، وتبلغ مساحتها 37.837 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 585.801 نسمة.
  • ولاية أعالي النيل وعاصمتها ملكال، وتنقسم إلى عشر (10) مقاطعات و(70) مركزاً، وتبلغ مساحتها 77.283 كيلومتر مربع وعدد سكانها نحو 964.353 نسمة.
  • التعداد السكاني: يبلغ تعداد سكان جمهورية جنوب السودان نحو 9 ملايين، و700 ألف نسمة.
  • رمز الإنترنت: SS.
  • رقم الهاتف الدولي: +211
  • العملة: جنيه جمهورية جنوب السودان (SSP)، 1 دولار أمريكي = 2.86 جنيه في البنك المركزي = 3.96 جنيه في السوق الموازي أو الصرافات التجارية الخاصة.
  • الديانات: غالبية سكان جنوب السودان تدين بالديانات الإفريقية ثم المسيحية والإسلام.

أما بخصوص اللغات القومية في جنوب السودان، فتوجد في الجنوب نحو 63 قبيلة، تتحدث أكثر من 60 لغة ولهجة. وتشكل لغات الدينكا والزاندي والنوير والشلك أكبر لغات الجنوب انتشاراً بحكم حجم هذه القبائل من ناحية التعداد. وهناك عدد من اللغات التي انقرضتْ وأهمها: توغويو(Togoyo) وميتو(Mittu) وهوما (Homa).

في عهد ثورة مايو أصدر الرئيس نميري بيان التاسع من يونيو 1969م، الذي اعترف فيه بخصوصية الوضع في الجنوب. وتم توقيع اتفاقية أديس أبابا في 27 مارس 1972م التي جاء من ضمن بنودها:

  • اللغة العربية هي اللغة الرسمية لجمهورية السودان والإنجليزية هي اللغة الأساسية للإقليم الجنوبي.

ب – التخطيط التعليمي من الأمور القومية.

كما قررتْ وزارة التربية والتعليم في عهد مايو بأن يُسمح لطلاب الجنوب الذين يدرسون باللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، بأن يجلسوا في الامتحانات المرحلية النهائية لمادة اللغة العربية (Special Arabic) ومادة التربية الإسلامية الخاصة (Special Islamic) للطبة المسلمين الذين يدرسون باللغة الإنجليزية. كان مقرر هاتين المادتين أقل من مستوى المواد المقررة على مستوى القومي.

أما بخصوص اللغة العربية في جنوب السودان، فهناك مستويات مختلفة في استخدامها من السكان. ويمكن تلخيص هذه المستويات على النحو الآتي:

  • المستوى القومي: ويستخدمه الصفوة المتعلمون والمسؤولون والموظفون والتجار كتابةً وتحدثاً، مثل زملائهم في الأقاليم السودانية الأخرى.
    2- عربي الجنوب: ويستخدمه سكان الجنوب بشكل عام، ولا يتقيد المتحدثون ببعض قواعد اللغة العربية، مثل التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع بأنواعه والضمائر… إلخ. ويتفوق سكان أحياء الملكية في إجادة هذا المستوى على غيرهم من السكان بحكم ثقافتهم الإسلامية منذ بعيد.
    3- عربي جوبا: ظهرتْ إلى الوجود في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي بواسطة جنود محمد علي باشا وأسرهم وطائفة التجار العرب والمصريين في جوبا، وهذا المستوى نشأ وسيلةً للتعامل التجاري في وسط سكان مدينة جوبا، وهناك تأثير كبير من لغة الباريا في عربي جوبا، كما أن بعض مفرداتها جاءت من أوغندا وبخاصة من قبائل مقاطعة غرب النيل، مثل: الكاكوا والنُوبِي ولوقبارا. ومن المصطلحات الشائعة في عربي جوبا (لوندو ومعناه جلابة أو عربي، ومندوكورو ومعناه عربي من الشمال، أليوارا ومعناه شيء مستعمل أو من الدرجة الثانية، ماقيندو ومعناه السمسرة، أنا قيه لانغا ومعناه إنني أتجول بلا هدف، هارامبي ومعناه لحم بشوربة)، وغيرها من المصطلحات الكثيرة. ويعدّ الدكتور/ عُشاري أحمد محمود، أستاذ علم اللسانيات سابقاً بمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، أحد الأكاديميين السودانيين القلائل المتخصصين في مادة عربي جوبا. فقام بإجراء بحث واسع في مدينة جوبا وضواحيها عن عربي جوبا عندما كان يحضرُ لدرجة الدكتوراه بجامع جورج تاون بأمريكا في أوائل الثمانينيات.

وعربي جوبا لغة التعامل التجاري في السوق والمناسبات الاجتماعية بين شرائح مختلفة من السكان الذين يستخدمونها على نطاق واسع بوصفها لغة تخاطب يومي (Lingua Franca)، كما يستخدمها بعض المسؤولين في المناسبات العامة والسياسية.
هناك أمثلة كثيرة في العالم لهذا المستوى من اللغة وبخاصة اللغة السواحيلية في شرق إفريقيا، وهي خليط من كلمات من لغة البانتو والعربية والفارسية والإنجليزية، ولغة الأردو في باكستان وأجزاء من الهند (راجستان وحيدر أباد) وهي لغة التعامل في السوق وتتكون من كلمات من اللغة الهندية والفارسية والعربية والإنجليزية والبشتو، بالإضافة إلى لغة أفريكانا (Afrikkana) وتتكون من كلمات من البانتو والهولندية (البوير) والإنجليزية، وهي اللغة الرسمية للسكان البيض في جمهورية جنوب إفريقيا الذين استعمروا واستوطنوا في هذا الجزء من القارة منذ نحو أربعة قرون.

هناك أيضاً لغة عربية هجين تسمى عربي نوبي في مقاطعة غرب النيل بأوغندا. وقبيلة (نُوبي) ينحدر أفرادها أساساً من أبناء جنود محمد علي باشا الذين وصلوا وعسكروا في منطقة البحيرات العظمى؛ فتزوج بعض هؤلاء الجنود من بنات المنطقة وأنجبوا جيلاً يُعرف باسم النُوبي، وهم مسلمون يوجدون في غرب أوغندا وجوبا بجنوب السودان.

سكان جزيرة زنزبار وجزيرة بمبا وجزيرة مافيا يتحدثون أيضاً لغة عربية هجينة وخليطة من كلمات من اللغة السواحيلية والعربية، ولهم علاقات عرق مع سكان الساحل الجنوبي لسلطنة عُمان وبخاصة مدينة صلالة الساحلية.

فيما يتعلق بتأثير اللغة العربية في الإعلام بجنوب السودان، هناك عدد من الإذاعات المحلية (FM) التي تبث برامجها المحلية الموجهة إلى السكان المحليين على مستوى الولايات والمقاطعات، حيث لكل ولاية تقريباً إذاعة محلية تبث إرسالها بفترات مختلفة، فترة للبث الإنجليزي وفترة للبث بعربي الجنوب ثم فترات للغات القومية في الولاية المعنية.
وتأتي إذاعة جوبا على رأس هذه الإذاعات الولائية التي تم تأسيسها منذ ستينيات القرن الماضي في شكل برنامج موجه إلى سكان المديريات الجنوبية (ركن الجنوب). وفي عهد مايو تم افتتاح إذاعة جوبا التي انتقلتْ إليها كل البرامج الإذاعية التي كانت تبث من أم درمان والكوادر البشرية المتخصصة من أبناء الجنوب.

بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل في عام 2005م تم تأسيس تلفزيون جمهورية جنوب السودان بجوبا، ويبث برامجه باللغة العربية على مستوياتها المختلفة؛ العام وعربي الجنوب وعربي جوبا ثم هناك البث باللغة الإنجليزية.

وهناك اتجاه لبث برامج باللغات القومية حيث يتم حالياً تدريب كوادر متخصصة من كل القبائل لهذه الخطة.

فيما يخص الصحافة هناك صحيفتان تصدران في جوبا باللغة العربية، هما: صحيفة “الاستقلال” وصحيفة “المصير”.

معظم الكوادر الإعلامية والصحفية في هاتين الصحيفتين كان يعمل في الشمال وبخاصة في صحيفة أجراس الحرية.

في عهد مايو كانت هناك صحيفة واحدة تصدر باللغة العربية، وهي صحيفة “الوحدة” التي صدرتْ في عام 1977م، عن دار الصحافة بالخرطوم.
كيف يجب أن نساهم في البحوث وتطوير العمل في مجال اللغات الوطنية؟

تتخذ المشاريع المتعلقة باللغات والتعدد اللغوي أشكالاً عدة منها بناء القدرات، وأنشطة البحث والتحليل ‏والتوعية ودعم المشاريع وتطوير الشبكات ونشر المعلومات.

ولما كانت هذه الأنشطة تغطي – بحكم ‏طبيعتها – أنشطة مستويات مختلفة (المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي)، فكثيراً ما تكون هذه الأنشطة ‏متعددة التخصصات، ولكنها قد تتناول أيضاً جوانب خاصة بقضايا اللغات من بينها ما يأتي:

  • ‏ المبادرات التعليمية‏ التي تعزز الاستيعاب ونوعية التعلّم من خلال دعم التعليم بلغتين والتعليم المتعدد اللغات، ولا سيما إستخدام اللغات الأم، ‏في جميع المراحل وفي إطاري التعليم النظامي وغير النظامي، بما في ذلك الاهتمام بإعداد المعلمين، وتوفير برامج محو الأمية ‏والتربية الصحية.
  • المشاريع في مجال العلوم ‏التي ترمي إلى تعزيز الاتصال والتعاون بين الباحثين العلميين والمؤسسات العلمية عبر التنوع اللغوي؛ وترجمة المواد ‏العلمية ونشرها لدى المجتمعات المحلية للتغلب على الحواجز اللغوية؛ والإقرار بالدور المركزي الذي تؤديه اللهجات المحلية ‏في تشكيل أنماط المحلية للمعرفة.
  • المشاريع في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية ‏التي تركّز في اللغات وحقوق الإنسان والحقوق الثقافية والهجرة والتوسع العمراني والقضايا الاجتماعية الأخرى (مثل ‏الاستبعاد والفقر)
  • المشاريع حول الثقافة ‏التي تتعلق بالتنوّع الثقافي والحوار والتبادل وحماية التراث الثقافي وصون اللغات المهددة (من خلال أنشطة الترجمة ‏والنشر مثلاً).
  • مبادرات الاتصال والإعلام ‏التي تركز في بناء مجتمعات المعرفة تكون المشاركة فيها والانتفاع منها متاحة للجميع؛ وتعزيز تعميم الانتفاع ‏بالمعلومات، وتوسيع نطاق الانتفاع بتكنولوجيات المعلومات والاتصال من خلال ضمان استخدام عدد أكبر من اللغات؛ ‏وتعزيز التنوّع الثقافي واللغوي في مجال وسائل الإعلام وفي شبكات المعلومات الدولية.

واقع الوضع اللغوي في جنوب السودان

كما سبق الذكر توجد في جنوب أكثر من (60) قبيلة وإثنية، تتحدث بأكثر من (60) لغة ولهجة، كما توجد شرائح مجتمعية تتحدث بعض اللغات الإقليمية المستخدمة في الدول المجاورة. فالمواطنون الجنوبيون الذين لجؤوا وعاشوا في شرق إفريقيا (أوغندا وكينيا وتنزانيا) تعلموا اللغة السواحيلية التي تستخدم على نطاق واسع في تلك الدول، ويتحدثون بها الآن مع مواطني تلك الدول الذين يعملون في التجارة في جنوب السودان.
كما أن المواطنين الذين لجؤوا إلى جمهورية الكنغو أو إفريقيا الوسطى، وخاصة مواطني غرب الإستوائية وغرب بحر الغزال، تعلموا لغة (اللينغالا) وهي اللغة الوطنية الأولى في الكنغو وجنوب إفريقيا الوسطى.

هنالك عدة مقترحات يتم تداولها حالياً في جنوب السودان بخصوص الوضع اللغوي. فقد اقترح بعض المهتمين اختيار ثلاث لغات وطنية من الأقاليم الرئيسة الثلاثة (أعالي النيل وبحر الغزال والإستوائية) وتدريسها في المدارس ضمن المنهج القومي، ليتعلمها جميع التلاميذ بالمدارس ابتداءً من مرحلة الأساس، إذ ستكون هذه اللغات الثلاث هي الجامعة للتخاطب والتعامل بين المواطنين في المستقبل.

بينما يرى آخرون أن تدرس جميع اللغات الوطنية في المدارس حسب المناطق القبلية، ليكون بمقدور كل طفل في نهاية المرحلة الثانوية القراءة والكتابة بلغته الأم، على أن تظل اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية ولغة التدريس والتعليم في جميع المراحل الدراسية، وتظل اللغة العربية بجميع مستوياتها هي لغة التعامل اليومي بين المواطنين.

على المستوى الإقليمي هناك مقترح بأن يتم تدريس اللغة السواحيلية ولغة اللينغالا رسمياً في المدارس حتى يكون باستطاعة مواطني جنوب السودان التعامل بسهولة مع الدول التي تستخدم هاتين اللغتين.

على المستوى الدولي، هناك مبادرة من اللجنة الدولية للتعليم التي يترأسها السيد/غوردون براون، رئيس الوزراء البريطاني السابق، الذي زار جنوب السودان مرتين بخصوص دراسة احتياجات الجنوب كدولة ناشئة. وتهدف مبادرة اللجنة الدولية إلى دعم التعليم في الجنوب وبخاصة في مجال تقوية اللغة الإنجليزية واللغات الوطنية والحاسوب وتقنية المعلومات والتعليم الفني وتدريب المعلمين والكوادر التعليمية.
وبدأت – بالفعل- مساعدات اللجنة الدولية في مجال التعليم تصل إلى الجنوب من حواسيب ومعدات المعامل والوسائل التعليمية والكتب.
واقترحتْ بعض الدول -إضافة إلى ذلك – عبر سفاراتها بجوبا تدريس لغاتها بالمدارس النظامية في الجنوب ومنها؛ فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وروسيا. علماً بأن كل دولة من هذه الدول أبدتً رغبتها واستعدادها لتمويل وتوفير المعلمين والمعدات والحواسيب لتدريس لغتها.

هذه المبادرة جعلتْ وزارة التربية والتعليم تستعرض تجارب الدول التي تقوم بتدريس لغات متعددة ضمن مناهجها وخاصة تجربة المملكة المغربية الناجحة جداً.

بالطبع لم تبادر أي دولة عربية ولا المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أو حتى جمهورية السودان بدعم منهج اللغة العربية في مدارس جنوب السودان التي تشهد تراجعاً سريعاً، بما يهدد استمرارية اللغة العربية بها.

التوصيات:

  • التحية والإشادة بمبادرة هيئة اليونسكو والجمعية العامة للأمم المتحدة بجعل اليوم الحادي والعشرين من كل عام يوماً للإحتفال باللغة الأم.
  • اللغة العربية في جنوب السودان سوف تتراجع وتتلاشى سريعاً في جنوب السودان ما لم تجد الدعم المطلوب من الجهات المعنية.
  • يجب دعم كل مجهود يتعلق بتطوير وكتابة وتعليم جميع اللغات في العالم بغض النظر عن مكانة كل لغة، لأن المحافظة على جميع اللغات من شأنها تحقيق مبدأ العدالة والمساواة والحفاظ على التراث العالمي بشكل ديمقراطي، وهذا من شأنه القضاء على الحروب الإثنية والتهميش بين الشعوب.
  • مطلوب من وسائل الإعلام العالمي أن تؤدي دوراً كبيراً في التعريف باللغات وبخاصة تلك المهددة بالانقراض. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التعاون مع المنظمات والشبكات المحلية والدولية التي تنشط في هذا المجال.
  • الاستفادة القصوى واستغلال وسائل التقنية المعلوماتية في ظل العولمة في دعم أية خطوة أو مبادرة تهدف إلى تطوير اللغات الوطنية.

أخيراً أشيد باحتضان مركز الملك فيصل الخيرية لهذه الندوة، وهذا استمرار لدوره الكبير في رفد الحياة الثقافية بالجديد المفيد لا في المملكة فحسب، وإنما على مستوى العالم، وأشيد بأدوار إخواني في الملتقى السوداني والملتقى النوبي وجمعية الصحفيين السودانيين بالمملكة، وكل الكيانات التي تهتم بالشأن السوداني، وتحرص على المثاقفة مع الإخوة السعوديين وأبناء الجاليات المقيمة في هذه الأرض الطيبة، التي نقدم لها قيادة وشعباً أسمى آيات التقدير والود على ما يفيضون به علينا من كرم وسماحة وترحاب.

قائمة المراجع:

  • دكتور/ عشاري أحمد محمود: عربي جوبا؛ بحث أكاديمي لنيل درجة الدكتوراة من جامعة جورج تاون.
  • أبيل ألير كواي: جنوب السودان؛ التمادى في نقض المواثيق والعهود، ترجمة محمد بشير سعيد.
  • دكتور/ فرانسيس مدينق دينق: قبيلة الدينكا، الثقافة والعادات.
  • بروفيسور/ محمد عمر بشير: تاريخ وتطور التعليم في السودان.
  • دكتور/ كمال محمد جاد الله: سلسلة بحوث، جامعة افريقيا العالمية، مركز البحوث والدراسات الافريقية
  • دكتور/ مصطفى محمد الفكي: سلسلة بحوث، جامعة أم درمان الإسلامية، كلية اللغة العربية.
  • دكتور/ الأمين أبو منقة: سلسلة بحوث في اللغات الأفريقية، معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية.
  • معهد الخرطوم الدولي للغة العربية: سلسلة بحوث الدبلوم والماجستير حول تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها.
  • معهد مريدي للغات: سلسلة بحوث حول تطوير وتدريس اللغات القومية بجنوب السودان.


* مترجم مقيم بالرياض

  • محاضر بكلية التربية بجامعة جوبا سابقاً.
  • محاضر بكلية النيل الجامعية للدراسات اللاهوتية بالخرطوم بحري سابقاً.
  • محاضر بكلية كمبوني الجامعية بالخرطوم سابقاً.

*من ندوة أقيمت في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الأحد 23 فبراير 2014م.

 

التعليقات مغلقة.