ديل منو.. ودايرين شنو؟!

ديل منو.. ودايرين شنو؟!
  • 13 فبراير 2019
  • لا توجد تعليقات

د. مرتضى الغالي

(ديل منو ديل)؟ سؤال غريب يكشف عمق الحيرة التي اعترت هؤلاء الناس بعد ثلاثين عاماً من (التكلّس والتمكين) وبحبوحة الثروة والسلطة! هو سؤال يكشف فعلاً انعزالية هؤلاء القوم بقادتهم وتابعيهم وسياسيهم وإعلاميهم وقنواتهم، فما أن سمعوا هزّة الرأي الآخر حتى إصابتهم (قشعريرة عجيبة) وكانت الدهشة في صوت من يتحدث بإسمهم وهو في غاية الاستغراب: “دايرين نعرف ديل منو وفكرهم شنو ودايرين شنو”…؟!! ألم تسمع يا أخي ماذا يقولون؟ أم أن الأسماع لم تعد هي الأسماع.. سبحان ربك يا أخي من الانقطاع عن الدنيا ومن أهل الكهف والرقيم.. تحسبهم أيقاظاً وهم رقود..(وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد)..!!

ولماذا صمتت القنوات التلفزيونية الفاخرة ولم تسأل عن هوية (الملثمين) الذين يضربون ويسحلون ويقتلون الناس في الشوارع.. ولماذا لا تسعى لنزع اللثام عنهم؟ ولماذا لم تسأل عن (كتائب الظل) وتعرف ما هي وأين هي ولمن تتبع؟ ولماذا لا تتحرّي في تقاريرها العديدة عن السيارات التي تخرج (بدون لوحات) وتسير في شوارع المدينة لتدهس الناس؟!

هل كشفت الإنقاذ عن حقيقتها عندما استولت على السلطة؟ هل قالوا للشعب مَنْ هم أم زيفوا انتماءهم وموّهوا حقيقتهم (بالقصة المعروفة) التي لا تحتاج إلى إعادة ..فقد ضجر الناس من تردادها بعد أن قالها زعيمهم الذي علّمهم التخفّي.. وأصبحت (أمثولة العصر) في الكذب والتمويه، ولكنه كان تمويهاً مفضوحاً يسئ إلى أصحابه؛ فكيف يخجل صاحب الإنتماء من الانتساب إلى فكره؟ وكيف يذهب صاحبهم إلى السجن تمويهاً وهو الآمر بالاعتقالات! فهل يا ترى كانوا يعلمون أنهم مرفوضون من الشعب ولذلك أخفوا حقيقة حركتهم حتى يتقبلها الناس..؟ ولماذا يخجلون من انتمائهم؟ فمن أجبرهم على أن يعتنقوا فكراً أو إعتقاداً أو تنظيماً يخجلون منه؟! وهل نأخذ بكلامهم أنهم إخوان بـ(كامل الدسم والكولسترول) أم عندما يقولون أن ليست لهم أدنى صلة تنظيمية بهم؟

لماذا هذا السؤال (ديل منو؟) والإنقاذ حتى الآن وبعد ثلاثين سنة غير معروفة للناس.. فتارة هي ضد الأمريكان والروس وتارة هي مع الروس ضد الأمريكان وتارة مع الأمريكان ضد السودان..! ومرة هنا ومرة هناك، ومرة مع اللجان الشعبية ضد الأحزاب ومرة مع الاعتراف بالأحزاب، ومرة مع التنظيم الحاكم ومرة مع حاكمية التنظيم.. ومرة مع التنظيم الخاص ومرة مع خصوصية التنظيم.. ومرة مع الصوفية ومرة ضدها، وحتى (النظام العام) فمن يتشكك فيه حيناً عليه أن يراجع دينه ويغتسل، وحيناً يصبح النظام العام مفارقاً للإسلام ومنحرفاً عنه بزاوية مقدارها (180 درجة)!

لماذا الإصرار على معرفة من وراء هؤلاء الناس المُحتجين وهم معروفون لديكم، ولماذا الافتراض أن وراءهم مؤامرة؟! هل هم قاصرون أم أنتم أكثر علماً ومعرفة منهم جميعاً.. وماذا كان جزاء من خرج منهم بصورة سلمية ليجيب على سؤالكم وتساؤلكم الشارد؟!..إن سؤال (منو ديل.. وديل منو) لا يعني عدم معرفتكم بهم وبمن يناصرهم.. ولكنهم سؤال ينطوي علي استخفاف واستهانة بمعني: من أنتم حتى تجترئون على (جناب المؤتمر الوطني)!

ليس هؤلاء المُحتجين – في أسوأ الظروف – أكثر مجهولية من كثير من المؤسسات (التي في الظل) أو التي في العلن.. فلماذا هذا الاستغراب؟..وهل يعلم الناس – على سبيل المثال- لمن تتبع هذه القنوات الفضائية؟ ومَنْ يملكها.. في حين أنها تفتح مصاريعها كل صباح وعلى مدار ساعات اليوم، وهي تتحكّم وتحتكر وتختار وتصوّب برامجها ونشراتها نحو وجهة منتقاة وتمطر المواطنين بأخبار جماعة الإنقاذ وحواراتهم وذكرياتهم ومحافلهم وأمداحهم وطبيخهم..!


murtadamore@yahoo.com

التعليقات مغلقة.