عثمان ميرغني .. كأن في فمك ماء؟!

عثمان ميرغني .. كأن في فمك ماء؟!
  • 22 أبريل 2019
  • لا توجد تعليقات

محمد جميل أحمد

حول لايف كلام رئيس تحرير صحيفة التيار .. وسيناريوهاته المحتملة

اللايف الذي انتشر يوم أمس ليلاً للأستاذ عثمان ميرغني وما جاء فيه سواءً ما كان منه مضمراً أو معلناً ؛ يضع علامات استفهام ، ويعكس نيةً واضحة ، في الوقت ذاته، لتوجيه معيَّن يراد تمريره من جهة ما (نظن أنها المجلس العسكري) ويعكس ، كذلك ، تحذيراً من خطرٍ قادم في حال ساءت الأمور بين الطرفين ؛ طرف الثوار ويمثلهم تجمع المهنيين ، وطرف المجلس العسكري بالأساس.
ما يثير انتباه من شاهد اللايف ، أن الاستاذ عثمان ميرغني ذكر أن هناك خلافات كثيرة بين الطرفين ، وربما تنحو إلى سيناريو جهنمي في حال ساءت الأمور لا سمح الله. والسؤال هو ؛ هل يعني عثمان ميرغني بدموية السيناريو الجهنمي : صراعاً دموياً بين تجمع المهنيين والمجلس العسكري مثلاً ، وإذا افترضنا هذا الكلام ؛ فهل لتجمع المهنيين جناح مسلح مثلاً ؟ أم أن عثمان ميرغني يشير إلى صراع داخل المنظومة الثنائية التي يمثلها رأس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان؟ أي بين الجيش والجنجويد ، أم أن هناك قوى ما أخرى خارج هذين الكيانين (لنفترض أنها الكيانات المليشياوية المنحلة : الدفاع الشعبي ، والشرطة الشعبية).
عثمان ميرغني تحدث عن دور التوقيت في تسريع محدودية الخيارات بالنسبة لتجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير ، وهو محق في ذلك ؛ إذ من المفروض أن يكون تجمع المهنيين قد جهز اللائحة المقترحة للمجلس الرئاسي والمجلس التشريعي والحكومة المدينة منذ يوم 6 أبريل بصورة متفق عليها ونهائية ، إن لم يكن قبل ذلك.
في تقديرنا ، أن عثمان ميرغني بدعوته للثوار المعتصمين؛ القبول بلائحة تجمع المهنيين التي سيتم إعلانها اليوم الأحد في مساء الساعة السابعة ، متضمنةً : المجلس الرئاسي ، والمجلس التشريعي ، والحكومة المدنية مع إعلان الأسماء ، يستبق شيئاً خفياً (يعلمه وحده) ويوحي كذلك برسالة واضحة إلى تجمع المهنيين وقوى اعلان الحرية والتغيير ذات خلفية معلوماتية ، هي : أن ما سيكون مطروحاً في التصور الذي يريده المجلس العسكري هو الشراكة بالمناصفة ؛ أي بتكوين مجلس رئاسي مناصفة بين المدنيين والعسكريين بناء على المقدمات التي ذكرها عثمان ميرغني عن دور التوقيت في تقليص الخيارات.
وبهذا سيكون ذلك التركيز علىى متوالية التسلسل في أدوار الوقت ، مؤشراً إلى أمر أكثر خطورة ، لم يفصح عنه عثمان ميرغني وإنما تركه للاستنتاج وهو: أنه إذا ما لو أراد تجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير ، طلب مهلة للتفكير والتشاور على قسمة التناصف هذه ، فتأخر أسبوعاً آخر أو أسبوعين ؛ فإن القسمة القادمة بين الطرفين ستكون صفراً ، بحسب نظرية الوقت والخيارات في كلام عثمان ميرغني ، أي سيكون للمجلس العسكري كامل السيادة ، وربما يترك لتجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير مهمة تكوين الحكومة المدنية .
أراد عثمان ميرغني بذلك اللايف يوم أمس ، أن يوصل رسالة أكثر من كونه طارحاً لرأي يخصه ؛ لكنه حين طلب من الثوار أن يقبلوا بالأسماء التي سيطرحها تجمع المهنيين ، كيفما كانت، تفادياً لما هو أسوأ ؛ بدا كما لو كان متيقناً من أن مشروع المناصفة في المجلس الرئاسي بين العسكريين والمدنيين هو الخيار الذي سيقدم اليوم من طرف المجلس العسكري لهذا الأسبوع ولمرة واحدة فقط ؟!
إذا صح هذا التحليل ، سيكون عثمان ميرغني ناقلاً لرسالة من المجلس العسكري لا تقبل التفاوض ، ولا التسوية ، بل تقبل فقط القابلية للتقليص في الخيارات مع مرور الزمن. لكن السؤال هو : ألم يفكر عثمان ميرغني فيما هو ينقل مثل هذه الأخبار والسيناريوهات و يتبرع ويحذر بها الثوار استباقاً لقطع الطريق على سيناريوهات كارثية ـ لاسمح الله ـ أقول ألم يفكر ولو لمرةٍ واحدة أنه لولا هؤلاء الثوار ، ولولا اصطفافهم خلف تجمع المهنيين ولولا تعرضهم لمخاطر واستشهاد أكثر من 60 شهيداً خلال 4 اشهر هل كانت الأمور ستفضي بالمجلس العسكري إلى ما اصبح عليه اليوم ؟
عثمان مرغني لم ينقل في كلامه ما يفيد استعدادا أو نقاشا بإمكانية أي اعتراض من طرف المجلس العسكري على الأسماء التي سيطرحها تجمع المهنيين اليوم في المؤتمر الصافي باعتصام القيادة العامة وبين مئات الآلاف من الثوار، ما سيعزز من سيناريو الكعكة المقسومة إلى نصفين.
الجدير بالذكر أن عثمان ميرغني في هذا اللايف ينقل رسالة ثانية من قبل المجلس العسكري بعد الرسالة الأولى التي أراد أن يذيعها من قلب ساحة الاعتصام منذ يومين ؛ حين حدث الناس عن الساعات الأخيرة لنقاش البشير مع قادة المجلس العسكري وأمره لهم بقتل ثلث المعتصمين ــ وهم بالملايين ــ أو نصفهم ، بناء على رأي زعم أنه من آراء فقهاء المالكية في تعامل الراعي مع رعيته!
يمكن القول لعثمان ميرغني ، وهو صحافي ذو خلفية ارتبطت تاريخياً بعلاقة من الولاء الفكري والاصطفاف في مرحلة ما مع النظام ؛ أنك يا عثمان حاولت أن تنقل الرسالة ، فكان منها ما هو واضح ، ومنها ما هو غامض ، ومنها ما هو مريب. والساعات القادمة ستكشف لنا الكثير!

التعليقات مغلقة.