سفينة بَوْح –يا مُثبِّت العقول

سفينة بَوْح –يا مُثبِّت العقول
  • 23 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل


عقب بث الحوار الأخير الذي أجراه الأستاذ / عثمان ميرغني مع السيد عبد الله حمدوك رئيس الوزراء ووزيري المالية والتجارة ، أصابتني دهشة الموجوع كلما فكَّرت في معزِلٍ عن زحام الآراء المتضاربة في وسائل البث الإعلامي المُتعدِّدة في ما يمكن أن (تطلبه) الجماهير و(يتوقَّعهُ)  النُقاد والغرماء من خطوات يتخذها رئيس الوزراء في أمر إرتفاع سعر الدولار وإنخفاض قيمة الجنيه السوداني مضافاً إلى ذلك إعداد السياسات والتعديلات الهيكلية والتنظيمية الخاصة بإرساء برنامج تنموي قومي قادر على تلبية متطلبات المرحلة ،

و(الآلة الرئيسية) التي (أُخترعت) لتقوم بذلك مُتمثِّلة في بنك السودان ليست تحت ولايته ولا يمكنهُ أن يساهم فيها ولو بقيد أنملة من المنظور اللائحي في التقويم والمراقبة وإعادة الهيكلة ، كيف لحمدوك منذ البداية وهو يتقدَّم ليتولى أمر التغيير وإعادة البناء وتصحيح المسارات والتوجُّهات في (قِصة) السودان الجديد عبر رئاستة لثُلةٍ من الوزراء بتخصُصاتهم المختلفة أن يقبل وجود (المركز المالي الإستراتيجي للبلاد) والمُسمى بنك السودان خارج نطاق أدواتهُ التي يتحكَّم فيها لإنجاز سياساته وبرامجه الطموحة ؟

، بقاء بنك السودان المركزي خارج ولاية رئاسة الوزراء يعني أن المرجعية النهائية مهما بلغت مستويات التفاهم المشترك بين المجلس الوزراي والسيادي ستكون بكل تأكيد في أيدي مجلس السيادة ورئاسته ، وأن مايحدث ما بطء ملموس في أداء الحكومة الإنتقالية وتنفيذ مشاريعها لا يمكن فصل أسبابه أبداً عن (عدم ولاية السلطة التنفيذية) على بنك السودان المركزي بإعتباره محوراً إسترتيجياً لتمويل الميزانيات الرئيسية والفرعية للمشاريع التنموية المختلفة ، هذا فضلاً عن إعتباره الأداة الناجعة والوحيدة المخوَّل لها بحكم الإختصاص والإمكانيات حماية الأمن الإقتصادي ومساندة توجهات وسياسات وبرامج الحكم الإنتقالي.

من ناحية أخرى تبقى الكثير من الأسئلة المهمة التي تتبادَّر إلى ذهن كل من تفاجأ  عبر مشاهدة ذلك الحوار بأن البنك المركزي لم يزل تابعاً للقصر الجمهوري أو مجلس السيادة ، ومن أمثلتها : مالذي يجعل هذا البنك من نواحي مهنية ومنطقية يتبع لجهة سيادية معظم أعمالها كما ورد في الوثيقة الدستورية (تشريفية) ؟ وما هي المصالح والمكاسب التي يتوقَّعها المجلس السيادي من وجود هذه المؤسسة المتخصِّصة تحت ولايتها ؟ وهو عبر الوثيقة الدستورية غير مختص بأوجُه العمل التنفيذي المباشر للحكومة الإنتقالية والتي يُعتبر بنك السودان محوراً رئيسياً وأداةً رئيسية في تنفيذ برامجها ومهامها عبر التمويل وتنفيذ السياسات التي تتطلبها طبيعة المشاريع الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية والإستراتيجية التي تتبنَّاها الحكومة ، ما يحدث في هذ الأمر يذكرني بالمثل السوداني الذي يحكي عن دُجاجة (تكاكي عندنا وتبيض عند الجيران) ،

وهناك المزيد من الأسئلة التي تدور في الإذهان أهمها : ما الذي يجعل المجلس السيادي (متمسِّكاً) بهذا الهم الأكبر في قائمة هموم العمل التنفيذي للحكومة الإنتقالية ؟ ، وكيف للسيد رئيس الوزراء إدارة ومراقبة أداء وزارة المالية وهي مُجرَّدة من سلطتها على بنك السودان المركزي ، وهل يُنفِّذ وزير المالية سياساته التي تقتضي التفاهم والتشاور مع إدارة البنك المركزي ، عبر رئيس الوزراء أم عبر رئيس مجلس السيادة ، اللهم هيِّيء لنا من أمرنا رشدا.

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.