نعم، هناك مؤامرة ضد وزير الصحة الدكتور أكرم، وهذه تفاصيل أحد الاجتماعات!

نعم، هناك مؤامرة ضد وزير الصحة الدكتور أكرم، وهذه تفاصيل أحد الاجتماعات!
  • 14 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

عبدالرحمن الأمين

لنبدأ من الخلاصة ..
نعم ، هناك من يتآمر لإزاحة الدكتور أكرم علي التوم من وزارة الصحة. ما يهم قوله إن هذا الرجل النظيف اليد والسيرة، ليس سوي بالونة اختبار لقياس فعالية الحملة الإعلامية الشرسة من أعداء الثورة لدحرجة بعضاً من الرؤوس قبل الانتقال لمرحلة الانقضاض علي الفترة الانتقالية، وفض كل الترتيبات الراهنة والآتية. خاتمة السيناريو هي فركشة الوضع الراهن، والظفر برأس ثورة ديسمبر المجيدة.

نعم ، هناك من ينسق داخل التحالف الثلاثي لمكونات الحكم (المجلس السيادي، والمجلس العسكري، والحاضنة السياسية في الحرية والتغيير) للمشاركة في مخطط الانقضاض علي حكومة حمدوك! هذا التنسيق، أو قل التآمر، والذي يبدو مستغرباً في شكله العام، لا يتم بسبب تناغم واتفاق شامل بين المكونات الثلاثة المذكورة وإنما يجري بين أفراد تتألف منهم هذه الكتل إانطلاقا من شبكة المصالح الفردية التي تربطهم!

نعم ، حكومة حمدوك تصارع ظروفا سياسية معقدة . نعم، في جيبها رصيد ثمين عبارة عن تفويض شامل Comprehensive Mandate منحه لها الشارع، وخولها بموجبه التصدي لواجبات المرحلة بجدية وحسم وسرعة، لكنها عجزت حتي الان عن استثمار هذا التفويض كما ينبغي من أجل تنفيذ مطلوبات وأجندة كبري تلبي طموحات الشارع المتوهج بالغضب والثورة، معاً، والذي أكلته خيبة عدم الاستفادة من هذا التفويض الشعبي الهائل. غاب عن كثيرين في حكومة حمدوك أن هذا الرصيد تنطبق عليه مبادئ الملكية المحدودة الأجل (إذا لم تستخدمه تفقده) If you don’t use it, you lose it .

صحيح أن غالب وزراء وكبار التنفيذيين في حكومة حمدوك لم يصلوا إلى كراسي وزاراتهم عبر بوابة الشعارات التي رفعتها الثورة أو بسبب أدوارهم الوطنية والنضالية السابقة. وصحيح أيضاً أن استوزارهم أساسه كان ترشيحات “سرية في ملفات ومظاريف مغلقة” ولا علم لغالب الناس بمعاييرها وحتي آهلية من قاموا بوضعها. بيد أن الحقيقة العارية هي أن وزراء حمدوك وتنفيذييه لم يكونوا يوماً علي ذات الدرجة من الانفعال بمطلوبات الثورة، أهدافها أو مايُؤرِّق الشارع . هذا الامر رسّخ حالة مزمنة من إنعدام التجانس في أداء الكابينة التنفيذية من حيث الإنجازات أو أولويات الوزراء في التصدي لأعمالهم، ولنا في سلحفائية كثير من إنجازات الوزارات تذكاراً سيئاً. بداهة، مثل هذا الوضع مرده غياب خارطة طريق متكاملة، يسندها تصور محدد وجدول زمني لإنجاز المهام الوزارية خلال ثلاثية سنوات الفترة الانتقالية؛ مما قاد للتهاون والاسترخاء في فكفكة هيكل النظام القديم شخوصاً أو سياسات وحتي يومنا الماثل هذا !!

الآن ، نرجع لفصول المؤامرة ضد الدكتور أكرم ونكتفي باستعراض حيثيات اجتماع جرى الأسبوع الماضي تعمد من دعوا له تجاوز الدكتور اكرم رغم أن الهدف كان تقييم أداء وزارة الوزير الغائب!
إن تمعنت في مفردات الهجوم المركز الذي قاده الدكتور صديق تاور ، عضو المجلس السيادي ورئيس اللجنة العليا للطوارئ ، خلال اجتماع الأسبوع الماضي، لفهمت أساس المؤامرة. فهدف الاجتماع كان لتقييم سير العمل في التصدي لجائحة الكورونا، وليس لتقديم عرضحال من التهم ضد الوزير الغائب، والانتهاء بالمطالبة بإزاحته!

هاك عينة مما جري.
دون أن يقدم أدلة رقمية، قال عضو المجلس السيادي أن أعداد الإصابات التي تنشرها وزارة الصحة (غير دقيقة وقد تكون حقيقة أسوأ) من بلدان الجوار. هذه النقطة التشكيكية بالذات وجد فيها البروفسور مصطفي خوجلي “غمطا لأشياء دكتور أكرم”، فرد عليها قائلاً: “الوضع مش بطال الان ٣٠ حالة لكل مليون شخص، هذا ليس بالأمر المقلق!!”. لم يكترث الدكتور تاور فمضي ليقول إن الهرجلة وغياب التنسيق تسببا في التوظيف غير السليم للمستشفيات، مستشهداً بمستشفيات الراجحي ويونيفيرسال وجبرا. تحدث عما أسماه التنازع المستمر بين وزارتي الصحة الاتحادية والولائية وبطء العمل في المجمل، بدءاً من الاستجابة للبلاغات والشكاوى وحتي تسليم جثامين الموتي لذويهم.

قال: “إن التنسيق الإعلامي معدوم وإن الكوادر الطبية تعدمها الألبسة الواقية، وإن الولايات لا تنسق مع المركز”. أما خاتمة المسك ” التاوري” فكانت دراماتيكية، فقد ذهب للتعلق بأستار الثورة، والمزايدة المبطنة عليها، مبلغاً الحضور ان المجتمع، ويقصد الشارع، (لن يحتمل الوضع الحالي لفترة طويلة). ترجمة ماعناه عضو المجلس: “المطلوب رأس أكرم لإنقاذ الموقف الآن، في اللحظة والحين، من أجل الثورة “!

إن سألت كيف حوّل الدكتور تاور مجري النقاش العام، وقفز ليقدم كشفاً من النواقص التي تعدت كونها تساؤلات إلي تهم غليظة ضد الدكتور أكرم علي التوم، فلن تتوفر لك الإجابات المشروعة؛ لغياب المتهم عن الجلسة ! البروف مصطفي خوجلي، شيخ الخبراء في الوبائيات والصحة العامة، لم يجد مخرجاً سوي الانتصار للمبادئ الأخلاقية، فدافع عن الوزير الغائب واستهجن، بما عرف عنه من دماثة خلق، التعرض له في اجتماع لم يتم توجيه الدعوة له لحضوره؟ هذا الموقف ربما شجع الدكتور أحمد الشيخ ( النقابة الشرعية للأطباء) في الدفاع عن آداء الوزير أكرم وسير العمل في مكافحة الكورونا وقوله، وبفم ملئ، إن غرض الاجتماع فيما يبدو هو الهجوم علي الوزير (لأغراض معروفة) !! .

نعم ، لقد كان الهدف المعلن للاجتماع المذكور كما قلنا، ع مناقشة أوضاع الكورونا في البلاد . لكن ما جري داخله كان شيئاً آخر ومن حضروه جاؤوا بملفات محشوة بأمور شتي.

يا تري من وسوس في أذن الجراح دكتور علاء (المكتب الموحد الأطباء) ليفتح النار علي الدكتور أكرم بلا هوادة ويتهمه بإشعال جذوة النزاعات في الوزارة، وعدم التفاعل مع مقترحاتهم المكتوبة بشأن إصلاح المستشفيات وتغيير بيئة العمل والنظام الصحي. بل وذهب الدكتور علاء للطعن في “طريقة توزيع المنح الواردة من الخارج” مشيراً للصين والإمارات! . أما ممثل لجنة أطباء السودان المركزية ، د. محمد يس، فاختصر الموضوع وقدم قائمة من التظلمات ضد دكتور اكرم اذ( الوزير هو سبب كل شيء ) فهو يشرد الأطباء، ويدير الوزارة بمزاجه، وليس له مجلس استشاري الخ الخ! وتعرض دون أن يفصح بالتفاصيل لموضوع خطير جداً، وهو رفض الوزير حاويات مجانية قادمة من أميركا وصلت لميناء بورتسودان قبل شهرين! ما لم يقله هذا الطبيب هو أن الدكتور حبس الأدوية في بورتسودان؛ لأنها منتهية الصلاحية!!

وأيضا ، نتساءل : لماذا اصطفت الدكتورة هيفاء (ممثلة المختبرات الطبية) مع الدكتور تاور، وقدمت قائمة من التظلمات ضد الوزير الغائب ،واتهمته بمواربة بأنه لم يقتلع رموز الدولة العميقة من الوزارة، وقالت إنه يتصرف بمفرده، وأخطأ من قبل في إعلان الكوليرا. أما الدكتور شاكر زين من المجلس الطبي، فقد شارك في الهجوم بأسلحة خفيفة؛ منتقداً عدم التنسيق بين أقسام القطاع الطبي، واستشهد ، بدون ارقام بأن من ” يموتون بغير الكورونا أكثر ممن يموتون بها.”

aamin@journalist.com
🔵هذا التقرير منشور علي صفحة الكاتب بالفيسبوك :
https://www.facebook.com/abdulrahman.alamin.14

التعليقات مغلقة.