وحدة الشعب السوداني

وحدة الشعب السوداني
  • 17 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

انطلقت ثورة ديسمبر ضد قيم الشر التي مثلها نظام الانقاذ والتي تمثلت في الانفراد بالسلطة ،الاقصاء ،الظلم والحروب ، ودعت لترسيخ قيم الديمقراطية ،العدالة ،السلام والحرية، وكلها قيم كريمة وفاضلة ، لذلك نجاح ثورة ديسمبر يقاس بمدى التزامها بتطبيق القيم التي دعت إليها ، و فشلها يقاس بمدى فشلها في تطبيقها .

تطبيق القيم الفاضلة في ظل الثورة تواجهها معضلة وهي الحماس الثوري ، الحملس الثوري تؤججه العاطفة ، والعاطفة تغذيها المشاعر الانسانية الموجبة والسالبة ، اذا سيطرت على الحماس الثوري المشاعر السالبة فإن الثورة تتحول إلى أداة للانتقام وتصفية الحسابات وهذا يقود مباشرة إلى فشل الثورة في تحقيق قيمها الكبرى الفاضلة ، بينما اذا غذت الحماس الثوري المشاعر الموجبة فإن الثورة تتحول إلى سلوك حضاري من احترام حرية الآخر واحترام اختلافه ،وهذا بالضبط ما يمثل التحقيق الصحيح لقيم الثورة .

بالأمس كان عهد الانقاذ مليء بالظلم وقهر الآخر و الإقصاء و الحروب ، فهل نريد إعادة إنتاج هذا النموذج في الغد ؟ الغد لن يكون الا كما صنعت يدينا ، فإن صنعنا السلام واتحنا الحرية للجميع ودعونا كل أبناء الوطن للمشاركة في بناءه، فأننا سنصنع في الغد مستقبلا مليئا بالقيم الفاضلة ، بينما اذا استجبنا للعواطف السالبة ومارسنا القهر والإقصاء وتوزيع الصكوك وتقسيم الشعب إلى فسطاطي النعيم والنار فإننا لا محالة نعيد إنتاج دكتاتورية جديدة وما هو الا مجرد وقت حتى نشاهدها أمامنا .

حجر الزاوية في عملية انتقال الوطن من ظلام شمولية الانقاذ إلى ضياء دولة الوطن هو الوحدة الوطنية ، هذه المفردة استهلكتها أنظمة القهر واستخدمتها بالباطل ، ولكنها تظل متى استخدمت بصورة حقيقية الطريق الوحيد لنهضة الوطن ، الوحدة الوطنية ضروية لاي شعب يريد بناء وطن متماسك ينعم بالسلام والعدالة، لذلك مهم في هذه اللحظة من عمر ثورة ديسمبر ان يتم فتح ملف الوحدة الوطنية بين جميع أطياف الشعب السوداني ، سياسي ومجتمعي .

الوثيقة الدستورية حرمت حزب المؤتمر الوطني من المشاركة في كل نشاط الفترة الانتقالية وتم حل هذا الحزب رسميا ، الوثيقة الدستورية ايضا حرمت الأحزاب التي شاركت الانقاذ السلطة حتى لحظة سقوطها من المشاركة في أجهزة الحكم الانتقالي ، و هذا منطقي ايضا مادام ظل في حدود أجهزة الحكم التنفيذية ، و لكن في ظل السعي للوحدة الوطنية فإن هذه الأحزاب وجميع الأحزاب والكيانات ( ما عدا المؤتمر الوطني ) يجب أن تشملها الوحدة الوطنية ، و ان يفسح لها المجال للمشاركة في قضايا مثل السلام والاقتصاد الدستور و الانتخابات بكل شفافية وحرية .

ثورة ديسمبر جاءت لترسيخ حق المواطنة ولتحقيق القيم الفاضلة في المجتمع، إقصاء اي فصيل جزئيا او بالكامل يمثل خروجا على قيم الثورة ، وتجاهلا كتعمدا لقيم المواطنة والشراكة ووحدة الأمة، رغم صعوبة تقبل هذا المفهوم لدى الكثيرين ولكنه يظل الطريق الوحيد لاستقرار الفترة الانتقالية و لإنجاز أهدافها الكبرى في السلام والعدالة والدستور والانتخابات ، فهل حان أوان وحدة الشعب السوداني ؟!!


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.