رسالتي الى (حميدتي) .. والدوحة ودول خليجية.. وقوى الحرية والحكومة

رسالتي الى (حميدتي) .. والدوحة ودول خليجية.. وقوى الحرية والحكومة
  • 26 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

محمد المكي أحمد

رسائل مهمة للنائب الأول لرئيس مجلس السيادة في السودان وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو(المشهور بحميدتي) أطلقها مساء (٢٤ مايو ٢٠٢٠) في حديثه الى (قناة سودانية ٢٤).

الرسائل حملها بريد سريع الى صناديق الشعب، وقوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة) والحكومة الانتقالية، ودول في الإقليم والعالم ،أهمها قطر والسعودية والإمارات وليبيا.

كلامه عن ضرورات تعزيز العمل الجماعي وجهه الى الشعب والحكومة وقوى الحرية، إنها دعوة تهدف الى التكاتف
وتوحيد الصفوف في ظروف تشهد تحديات كبيرة وخطيرة، ناجم بعضها عن سياسات حكومية ،وأخرى نتاج مؤامرات مستمرة يحبكها من لفظهم الشعب وأسقط حكمهم،الى جانب ضغوط اقليمية ودولية،سياسية واقتصادية وإعلامية.

الدعوة الى التلاحم سودانيا تعني التحذير من مخاطر (الانشقاق) ايا كانت الأسباب، لأنه يؤدي الى افشال الحكومةالانتقالية، ثم انهيار الأوضاع، ما يتيح أوسع فرص التآمر على الثورة من أعدائها (في الداخل والخارج).

بدا واضحا ان الرجل الذي يتحدث بلغة (الفطرة لا لغة بعض سياسيي العالم الثالث من ذوي الأمزجة المتقلبة والألسنة المتعددة) غير مرتاح لمستوى انجازات (التغيير) في الفترة الانتقالية، اذ كان ، كما الثوار وكل الشعب، يأملون في ثورة تحدث تغييرات سريعة وشاملة.

ضرب دقلو في حديثه على وتر ساخن وحيوي يهم الثوار والشعب،انه وتر العدالة، فابدى استغرابا (في محله) بشأن ابقاء رموز نظام الرئيس المخلوع عمر البشير في المعتقل بدلا عن تقديمهم الى العدالة.

أعاد الى الأذهان اعترافا مهما ، باشارته الى من اعترف بقتل ٢٨ ضابطا (في العام ١٩٩٠) من دون تقديمه حتى الآن الى المحكمة ، ( من دون ان يسميه) وهو يعني نائب الرئيس السابق علي عثمان محمد طه.

يذكر أن العالم كله وقف على اعترافه بقتلهم الضباط في تسجيلات بثتها قناة (العربية) قبل أشهر، وكشفت بعض أسرار اجتماعات قادة النظام البائد، وكيف حولوا السودان الى (ملكية خاصة) .

من أهم الرسائل تلك التي وجهها دقلو الى قطر ، وبشكل ضمني الى السعودية والإمارات وليبيا ودول العالم.

أعلن ان (لا مشاكل لنا مع قطر) وكشف كيف تآمر أعضاء في (المجلس العسكري) بشأن وصول طائرة لوزير الخارجية القطري الى السودان (بعد اطاحة البشير).

قال (لم يبلغوناوادخلونا في فتنة (مع قطر) وطالبونا (الشخصيات نفسها التي دبرت موضوع الطائرة) برفض السماح بدخول الطائرة (الى مطار الخرطوم).

هذا الكلام يكشف بعض عمليات التآمر التي كانت تقودها عناصر في (المجلس العسكري) ضد الثورة والحكم الجديد، خيوط التآمر واضحة من خلال حديث دقلو في هذا الشأن.

أحيي اقدام دقلو على كشف هذه المعلومة المهمة، فالمأمول ان تتأمل الدوحة أبعاد هذه (المؤامرة) التي دبرتها عناصر ارادت ان تضمن لنفسها دعما قطريا كما وجدته في فترة حكم البشير او على الأقل تعكير علاقة الدوحة والسودان الجديد.

أدعو الدوحة الى التفاعل ايجابيا مع هذه الرسالة السودانية الإيجابية، لافشال خطط من يريدون نسف علاقات الخرطوم والدوحة ، أي أن يفتح البلدان جسور التواصل، لتحقيق مصالح متبادلة.

أرى أن حكومتنا يجب ان تعتذر -في تواصلها مع الدوحة- لحكومة قطر بسبب منع دخول طائرة وزير الخارجية، قرار المنع أيا كانت الأسباب خاطيء ويفتقر الى النضج السياسي .

معلوم لمن يتابع مواقفي أنني كتبت وتكلمت في منصات عدة عن أهمية توازن علاقات السودان الخارجية، ويشمل ذلك العلاقة مع دول الخليج الست (السعودية وقطر والإمارات والكويت وسلطنة عمان والبحرين).

مواقفي في هذا الشأن نابعة من معرفة دقيقة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي،وهي نتاج معايشة للتفاصيل لأكثر من ثلاثين عاما.

بالإضافة الى ما اتاحه ويتيحه العمل الصحافي اليومي مع الأخبار والأحداث فقد أضفت فترة عملي مستشارا اعلاميا للأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي الأستاذ عبد الرحمن بن حمد العطية – وهو رجل خبير وحكيم وناجح ومحبوب قطريا وخليجيا – تلك الفترة اتاحت لي مواكبة قمم خليجية، ومقابلة شخصيات قيادية وسياسيين وصحافيين ومفكرين وقادة رأى والتعرف على مسارات الأحداث داخل البيت الخليجي(من الداخل).

ادعو السعودية والإمارات والبحرين الى التعامل مع السودان بروح اخوتنا ونبض المصالح المشتركة، بعيدا عن محاولة جرنا الى مربع العداء للدوحة،لانكم جميعا محل احترامنا وتقديرنا ونحرص على تعزيز العلاقة معكم.

أدعو كبار المسؤولين في الدوحة (من منطلق المحبة والاحترام) وخصوصا مسؤولي مجلس ادارة قناة الجزيرة، ومدير عام شبكة الجزيرة بالوكالة الزميل الدكتور مصطفى سواق، وهو صحافي مهني محترم ، والزملاء الأعزاء المسؤولين عن التحرير والمراسلين، وكل من يهمه الأمر، أدعوهم. جميعا الى أن تكف منصات الشبكة الإعلامية عن (حملاتها) ضد السلطات الانتقالية في السودان على خلفية عمليات الاستقطاب والاستقطاب الخليجية التي يشهدها السودان .

ما يثير الدهشة ان يتم ذلك من خلال أخبار (كاذبة)، ليس لدينا اي موانع في ابداء الرأي والانتقاد للحكومة والتحليل الذي ينطلق من معلومة صحيحة.

الأمثلة كثيرة ، أشير على سبيل المثال الى خبر روجت له القناة خلال الأيام الماضية في شريطها الاخباري وكأنها تتبناه ، تحدث عن قيام الحكومة السودانية ببيع ميناء بورتسودان للإمارات،هذا خبر كاذب ويمتهن الكرامة السودانية.

القناة حشدت قبل أيام المحللين لتتحدث عن وصول طائرة اماراتية قيل انها اقلت مسؤولا اماراتيا أمنيًا كبيرا وانها ستنقل (جنودا سودانيين للقتال في ليبيا ) ، هذا خبر كاذب ، وكان يمكن ان يتصل مدير مكتب (الجزيرة)
بالمسؤولين السودانيين للتأكد من صحة الخبر في اليوم نفسه وليس في اليوم التالي.

الاعلاميون – وبينهم المراسلون- في السودان يتمتعون بحرية تامة بعد ثورة الشعب،ولا مشكلة في التواصل مع المسؤولين، ثورتنا رفعت شعار (حرية،سلام،وعدالة) فلماذا كل هذا التضليل ببث أخبار كاذبة؟.

هناك من يتعمد الإساءة الى حكومة ثورة السودان وشعبنا أيضا بمثل تلك الأخبار، التي توغر صدور السودانيين، والمدهش أن لا يتواصل مسؤول القناة في الخرطوم مع الناطق باسم الجيش مثلا حتى لا يتطاول علينا (محللون )دخلوا عالم الاعلام (بالشباك) وقد اراد احدهم ان يوظف قدراته في التلفيق والإساءة لشعبنا عندما تحدث عن (السودانيين هادول)،بئس (اللغة) ونهج التعالي والغرور.

الأمثلة كثيرة ، وبينها ان تقوم الجزيرة ببث صلاة التراويح خلال شهر رمضان (قبل أيام) من داخل بيت (أحدهم) بثا مباشرا ،وكأنها تريد ان تقول انها ضد قرارات اللجنة العليا للطواريء الصحية بشأن التباعد الاجتماعي في زمن كورونا،وأنها تستهين بحكومة ثورتنا السلمية التي تحترم الحريات الصحافية .

حتى لا اتيح اية فرصة للوشاية، أقول إنني لست من أعداء قناة الجزيرة،وقد كتبت منددا باغلاق مكتبها في الخرطوم عندما اغلقه المجلس العسكري في أثناء الثورة الشعبية ،وادنت ذ لك أيضا في (بي بي سي)وقناة (الحوار)

أعود للعلاقات الخارجية ،أقول على حكومة الثورة السودانية، التي ينبغي أن تكون حكومة تحرير للقرار الوطني وتوازن في العلاقات الخارجية بما يحقق الكرامة والعزة السودانية (كما قلت في مرات عدة) أن تنأى بالوطن والسودانيين عن السقوط في وحل الخلافات بين طرفي الأزمة الراهنة في الخليج.

مؤسف جدا ومحزن أن يتعرض البيت الخليجي منذ الخامس من يونيو (حزيران) ٢٠١٧ لأسوأ أزمة في تاريخه، بعدما فرضت ثلاث دول خليجية (السعودية والإمارات والبحرين) حصارا على شعب قطر وحكومتها، وقد أضر ذلك بكل الأطراف وشعوبها، ورغم ذلك تؤكد حقائق الواقع أن قطر (القيادة والشعب) صمدت صمودا تاريخيا.

المحك أن نبني علاقات متوازنة مع السعودية وقطر والإمارات وكل دول الخليج والعالم.

اتفق مع الفريق دقلو بشأن ضرورة بناء علاقاتنا استنادا الى قاعدة المصلحة المشتركة،وأيضا الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية،وأجدد التأكيد (كما كتبت في مقال بعنوان (دلالات زيارتي الى الدوحة في نوفمبر ٢٠١٩ للمرة الأولى بعد أربع سنوات بعدما غادرتها مكرها)أن عودة العلاقات بين طرفي الأزمة الخليجية ضرورة تفرضها حقائق التاريخ والجغرافيا،وهي ضرورة اجتماعية قبل ان تكون سياسية او اقتصادية او أمنية.

التوازن في العلاقات الاقليمية والدولية يجنب (السودان الجديد) الخضوع لأي عملية ابتزاز من أية دولة ،وفي هذا السياق أقول من خلال خبرتي وعلاقاتي في قطر ومعرفتي بتفاصيل كثيرة فان القيادة القطرية اذا تعهدت أوفت، هذه أبرز سمات الأخلاق السياسية للحكم في قطر.

اخلص الى أن حديث دقلو يتسم بالصدق،ونبض الفطرة، الرجل سجل موقفا تاريخيا حاسما بالانحياز الى صفوف الشعب وإطاحة الديكتاتور البشير وزمرة الطاغين الفاسدين.

أعتقد أن السودانيين (الشعب والحكومة وقوى الثورة ) مدعوون الى تأمل رسائل الفريق دقلو وقراءة أبعادها بعمق،حتى يتم تصويب المسار،ليتحقق شعار الثورة (حرية ،سلام،وعدالة) وحتى نعرف (من هم أعداء ثورة شعبنا) بالأمس واليوم.

في انتظار نتيجة لجنة التحقيق بشأن مجزرة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش، أتوقع أن نسمع منه في وقت لاحق تفاصيل تكتم بشأنها، هناك بنك معلومات.. قد تفجر محتوياته قنابل سياسية وأمنية ربما تطيح رؤوسا عدة.

أحيي دقلو بشأن شفافيته حول قضايا الساعة، وأقول إنني أشدت بموقفك تجاه الشعب قبل الثورة (ديسمبر ٢٠١٨) وبعد نجاح الثورة وسقوط الديكتاتور..

انتقدتك في شدة حينما ادليت بتصريحات سلبية مستفزة تجاه الثوار والحراك في خضم انقلاب (المجلس العسكري) على قوى الحرية والتغيير، وخلال فترة اعلان الفريق عبد الفتاح البرهان (رئيس المجلس العسكري آنذاك) الغاء اتفاق (المجلس العسكري) مع (قوى الثورة) ، قبل أن يتم التوافق تحت ضغط الشارع على (الشراكة) الحالية.

كنت وما زلت أعتقد انك تتعرض من وقت لآخر الى مؤامرات عدة وعمليات تشويه بسبب موقفك التاريخي المنحاز لثورة الشعب .

الأخطر في هذا الشأن يكمن في المعلومات المضللة التي قد تتلقاها من اعداء الثورة، وهم اعداؤك ليوغروا صدرك ويبدلوا مواقفك التاريخية الباهرة ..

رسالتي مع التقدير.. حافظ على موقفك التاريخي، وواصل ضبط لسانك كما عرفناه قبل الثورة وبعدها والآن.

البشير أسقطته سياساته الرعناء.. ولسانه القبيح، الذي تطاول على الشعب .. واستفزه..وأهانه..

لسانك الآن هو لسان الفطرة.. لا تغيره تحت ضغط المؤامرات وحملات الاساءة والشيطنة .. لأن كلامك البسيط المباشر من دون تكلف يدخل قلوب وعقول المنصفين من بنات وأبناء شعبنا.

تحياتي لك لانحيازك للشعب وقد كشفت انك منعت دبابات كانت في طريقها لتحرق المعتصمين الشباب أمام مقر قيادة الجيش ..

التحية مع التقدير والاحترام لمن وصلت الى بريدهم رسائل النائب الأول لرئيس مجلس السيادة .. العاجلة .. المهمة..التي تدعونا لتأمل المشهد السوداني وإعادة قراءة تحدياته وآفاقه بعمق…

دعونا نسرع الخطى الى عمل جماعي يؤدي الى اعادة بناء الوطن ..وفي صدارة ذلك احقاق الحق.. لأن تحقيق وتجسيد خارطة الانتصار لدماء شهدائنا وجرحانا ومفقودينا (بالعدالة) هو ما يشكل في البداية والنهاية موقف شعبنا (الايجابي) والحاسم تجاه أي شخص….
اليوم..وغدا.

محمد المكي أحمد – لندن
٢٥ مايو٢٠٢٠

التعليقات مغلقة.