حريق النخيل ..حريق الروح

حريق النخيل ..حريق الروح
  • 20 يونيو 2020
  • لا توجد تعليقات

رمزي المصري


بداية نترحم على الاخ والصديق الفنان المبدع عمر الحلاق صاحب الفلم التوثيقي ( حريق النخيل حريق الروح ) والذي سكب فيه عصاره فنه . ونحن اذ نستعير منه العنوان نقول له يا عمر مازال الحريق مستمرا في النخيل والروح .

فجعت قرية عدو بجزيرة صاي العريقة امس الاول بآخر احداث مسلسل الحريق والذي ألتهم الالاف من النخيل و في سويعات قليلة
تحولت اشجار النخيل الباسقة الى كوم من الرماد .
ربما الحكومة وبقية شعب السودان لا يعلمون قيمة النخلة لابن الشمال لذلك لا ينفعلون ولا يتأثرون بما يحدث من حرائق في نخيل الشمالية .

شجرة النخلة تمثل لابن الشمال حياته الاقتصادية الكاملة في مأكله ومشربه وملبسه في فرحه وترحه في مرضه وشفاءه . وبإختصار شديد هي حياته بكل ما تحمل الكلمة من معانى .

منذ ما يقارب العشرة سنوات وابن الشمال يعاني ويعاني من هذه الحرائق وعلى امتداد المنطقة النوبية من اقصاها الى اقصاها لم تنجو قرية او مدينة او منطقة من هذه الحرائق .

حتى احترقت اكثر من نصف اشجار النخيل وازداد ابن الشمال فقرا على فقره واصبح يشكو لطوب الارض من جور الحكومة . ديتكتورياتها وديمقراطيتها وانتقاليتها لم يلتفت اي منهم على الاقل ليكفكف دمعة ابن الشمال حزنا على نخيله ..

هذه الحكومة التي ترسل الوفود من مجليسيها العسكري والوزاري الى الشرق او الغرب عندما تندلع عندهم النيران في حي او قطيع من الابقار او الابل ( وهذا حقهم حتى لا نوصف بالعنصرية ) فما بالنا نحن ونخيلنا واقتصادنا وكل ما نملك يحترق ويتحول الى رماد ولا تعيرونا مجرد إلتفاته . حتى حكومة الولاية البائسة لاتدري ما يجري في ارضنا النوبية .

ما هو الذنب الذي جناه ابن الشمال ليجد كل هذا الاهمال من الحكومات المتعاقبة تبخلون علينا حتى بعربات مطافيء لنطفيء به نيران نخيلنا وقلوبنا .. ذنبنا الوحيد الذي ارتكبناه في حق هذا الوطن اننا لم نحمل السلاح كما فعل غيرنا ولم نطلب الانفصال كما فعل غيرنا لو كنا فعلنا ذلك لكان صوتنا مسموعا لدى اهل الحكم .. ولكننا لم نفعل ولن نفعل ذلك يوما لأننا ابناء ملوك النوبة بعانخي وترهاقا وحضارتنا الممتدة لاكثر من سبعة الف سنة علمتنا ان الحق يأتي بالسلمية وليس بالسلاح وسنتمسك بسلميتنا حتى لو احترقت اخر نخلة نمتلكها في ارض الجدود .

نعم ابناء المنطقة أهملوا كثيرا في عمليات نظافة اشجار النخيل وهذا يؤدي الى سرعة انتشار النيران ويساعد كل من في قلبه مرض ان يشعل ثقاب كبريت ليحرق به الاف النخيل في لحظة واحدة .

ابناء المنطقة كغيرهم من ابناء السودان هجروا النخيل والزراعة واتجهوا للتنقيب والبحث عن الذهب .. فلم يجدوا ذهبا ولم يحافظوا على نخيل ابائهم واجدادهم .
دعوتي الصادقة جدا لابناء جلدتي ..

أهمالكم في نظافة اشجار النخيل عامل اساسي في هذه الحرائق .. وبدل البحث عن الذهب تحت الارض ابحثوا عن طريقة للاستفادة من الجريد اليابس في اشجار النخيل .. ابحثوا عن الصناعات التحويلية البسيطة للاستفادة من هذا الكم الهائل من الجريد اليابس . الذي اعرفه ان هذا الجريد يمكن تحويله الى علف حيواني ممتاز بعد طحنه ويمكن تحويله الى الصناعات الورقية والكرتون .. صدقوني يا ابناء المنطقة .. الذهب بين ايديكم وليس في الابار العميقة وسط الجبال . قليل من البحث العلمي وأمكانيات مادية متواضعه يمكن ان تخلق لكم واقعا جديدا .

ونداء للحكومة الانتقالية وحكومة الولاية ..
أقل ما يمكن ان تقدموه لهذه المنطقة عربات مطافيء .. هل ترونها كثيرا على ابناء هذه المنطقة المنكوبة ؟؟ اقل تقدير من شركات الذهب او شركات الموت المنتشرة بطول وعرض المنطقة .. حولوا نصيب الحكومة من الذهب الى عربات مطافيء .. لا اعتقد اننا طلبنا المستحيل يا مبارك اردول


الوسوم رمزي-المصري

التعليقات مغلقة.