المؤتمر التداولي أخر فرصة لقحت

المؤتمر التداولي أخر فرصة لقحت
  • 30 يوليو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

أعلنت المتحدثة باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أمينة محمود عن إقامة المؤتمر التداولي لقحت بعد عيد الأضحى، وقالت بأنهم وجهوا الدعوات لجميع القوى السياسية بما فيها تجمع المهنيين باطرافه الثلاثة ( الاصل، والسكرتارية الجديدة، والمحايدين ) بالإضافة إلى حزب الأمة القومي وقوى الكفاح المسلح، ووجدوا استجابة من الجميع.

المؤتمر التداولي تمت المطالبة به منذ وقت مبكر من قوى عديدة داخل وخارج قحت، ووصل الإصرار عليه مرحلة تجميد حزب الأمة القومي لعضويته داخل التحالف، ينتظر أن يجاوب المؤتمر التداولي عن أسئلة الفكرة الجامعة، المصير الوطني، الهياكل، والإدارة. فكريا على المؤتمر التداولي ان يطور اعلان الحرية والتغيير الذي كان يستهدف إسقاط نظام البشير واسقطه، إلى اعلان البناء والديمقراطية الذي يستهدف استنهاض همم الجماهير ومؤسسات الدولة لبناء الوطن والاشتغال على أرضيات الانتقال الديمقراطي من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني ونقابات وقوانين.

المؤتمر التداولي يجب أن تقدم الدعوة فيه إلى قوى عديدة خارج قحت ولكنها ساهمت في الثورة، مثل الأحزاب السياسية التي انسحبت من حكومة البشير وانحازت إلى الثورة قبل وقت كافي من سقوطه كحزب مبارك الفاضل، بالإضافة إلى الأحزاب والكيانات التي لم تكن ضمن حكومة البشير الأخيرة وان كانت منشقة عن نظام البشير نفسه كحزب الإصلاح الآن.

المؤتمر التداولي مهم ان يفكك نظام الكتل ( كتلة نداء السودان، كتلة الإجماع الوطني، كتلة التجمع الاتحادي المعارض، كتلة القوى المدنية، كتلة تجمع المهنيين) الذي تمت بناءا عليه عملية توقيع وثيقة اعلان الحرية والتغيير واستمر طيلة الفترة الماضية، والاستعاضة عنه بالتمثيل المباشر، بحيث يمثل كل حزب سياسي نفسه وتمثل كل لجنة او كيان نفسها داخل التحالف، مع وضع الضوابط والمعايير الصارمة التي لا تسمح لحزب او كيان بالخروج عن الخط الواضح للتحالف والذي يتمحور حول دعم حكومة الفترة الانتقالية وإنجاح البناء والتحول الديمقراطي عبرها، الذين يرون أن التوقيع على الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية كان خطأ وأنها ( لم تسقط بعد) وان الثورة الثالثة قادمة، عليهم أن ينسحبوا من التحالف ويكونوا تحالف الإسقاط الجديد ويقدموا انفسهم للشعب بهذا المفهوم الواضح، استمرار تغبيش المواقف واللعب على الحبلين من خلال رفض الوثيقة الدستورية التي انبنت عليها الحكومة الانتقالية وفي نفس الوقت المشاركة في هياكل الحكومة الانتقالية هو عبث مكلف وعدم أخلاقية سياسية كانت سببا رئيسيا من أسباب بطء وفشل حكومة الثورة في تنفيذ أهدافها وبرنامجها.

التيارات الإسلامية التي كانت جزء من الثورة يجب أن يشملها المؤتمر التداولي، الواقع الراهن يعلو فيه صوت العلمانية اليسارية المتطرفة وهو صوت غير محبب لغالبية جماهير الشعب السوداني، ويمثل خصما على حكومة الثورة وعلى تحالف الحرية والتغيير، هذا الشعب لم يخرج ليستبدل اسلامية الكيزان المتطرفة بيسارية علمانية متطرفة، بل خرج من أجل العودة إلى طبيعته شعبا وسطا متسامحا لا غلو فيه ولا تطرف. اسقط الشعب التطرف الاسلاموي الكيزاني وستجد قوى الحرية والتغيير نفسها في الزبالة اذا سمحت لتيار علماني يساري بالسيطرة غير المحدودة على مفاصلها وعلى برنامجها، هذا أمر يجب أن يناقش بصورة صريحة، ويترك أمر الهوية وقضايا الدين والدولة للمؤتمر الدستوري، ويغلق بابها تماما قبل ذلك.

المؤتمر التدوالي مطلوب منه ان يستوعب لجان المقاومة والشباب، وأن يعمل معهما من أجل تطوير كياناتهما، رغم أنني من المقتنعين بأن إدخال لجان المقاومة ضمن المحاصصات السياسية والمناصب سوف يفجر هذه اللجان وينقل إلى داخلها داء الخلاف والاختلاف ويفرقها أيدي سبأ ، الا انه من الموضوعي ان تكون هذه اللجان ممثلة في هذا المؤتمر وفي هياكل الحرية والتغيير وليس الحكومة من أجل التنسيق مع الحاضنة السياسية وحكومتها في عمليات البناء والديمقراطية، أما الشباب فإن المطلوب ان يستوعب المؤتمر التداولي فئات من الشباب المستقل الذي لا يمثله تجمع المهنيين للتعبير عن وجهة نظر هؤلاء الشباب وتمثيلهم.

المؤتمر التداولي سيكون هو العقد الإجتماعي الجديد لثورة السودان، الذي نتوقع ان تتخلى فيه أحزاب سياسية وكيانات نقابية ومجتمعية عن افكارها الذاتية المستقلة من أجل نموذج فكري يتبلور في شكل جبهة وطنية عريضة جديدة ذات غايات عليا يتم تطبيقها عبر حكومة الثورة الانتقالية، الخروج بأقل من ذلك لا يعني سوى استمرار الأزمة القديمة من العك والمحاصصات والفوضى والتي لن يكون من علاج لها سوى الانتخابات المبكرة او الانزلاق نحو شمولية جديدة.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.