البروفيسور عبد العظيم أكول..سماحةُ العلمِ والقول!

البروفيسور عبد العظيم أكول..سماحةُ العلمِ والقول!
  • 15 مايو 2025
  • لا توجد تعليقات

يوسف محمد الحسن

في سماءِ الإبداعِ السودانيِّ، سطعَ نجمٌ فريدٌ، رجلٌ يمتلكُ من سماحةِ العلمِ ورقةِ القولِ ما يجعلُهُ أيقونةً قلَّ نظيرُها، إنَّهُ البروفيسورُ عبدُ العظيمِ أكولٌ، هذا القامةُ الأكاديميةُ الشامخةُ، الذي لم يكتفِ برداءِ الأستاذيةِ الجامعيةِ، بل انطلقَ ليغزوَ عوالمَ الشعرِ الغنائيِّ، والنقدِ الفنيِّ، وحتى صفحاتِ الصحافةِ الرياضيةِ، تاركًا بصماتٍ واضحةَ المعالمِ في كلِّ محطةٍ اتكأَ عليها

تأملْ هذا الرجلَ المهذَّبَ، رقيقَ الكلماتِ كرقةِ جسدِهِ النحيلِ، تُدركُ أنكَ أمامَ حالةٍ استثنائيةٍ، هو الأكاديميُّ المبدعُ الذي قدمَ لطلابِ كليةِ الإعلامِ نموذجًا حيًّا يُحتذى بهِ، وبرهنَ بعلمِهِ الغزيرِ ونهجِهِ القويمِ أنَّ الارتقاءَ بالمهنةِ لا يتحققُ إلا بالتسلحِ بأعلى الدرجاتِ العلميةِ

وإذا انتقلنا إلى عالمِهِ الشعريِّ، فسنجدُ أنفسَنا أمامَ شاعرٍ مُلهمٍ، كلماتُهُ بمثابةِ جوازِ سفرٍ إلى عالمِ النجوميةِ لكلِّ فنانٍ صاعدٍ يتغنى بها، ما إن تنطلقَ الحنجرةُ الذهبيةُ بأبياتِ أكولٍ، حتى تجدَ طريقَها مُعبَّدًا نحو القمةِ، وعندما تتأملُ أغنياتِهِ، قد تعتقدُ أنَّ الروعةَ عصيةُ المنالِ ويعزُّ لقاؤُها، لكنها رغمَ عزِّتِها تتسللُ إلى دواخلِكَ بهدوءٍ ساحرٍ، لتشعرَ وكأنكَ هاجرتَ إلى موانئِ بعادَ ضفافِها دون ان تشعر برهق المسافة

ولأنَّ الفنانَ الجميلَ عصامَ محمدٍ نورٍ من أهلِ الصوفيةِ والورعِ، فكانَ من الطبيعيِّ أنْ يبتسمَ لهُ الحظُّ، فقد حظيَ ابنُ الجزيرةِ الخضراءِ بثنائيةٍ فنيةٍ بديعةٍ مع شاعرِنا المجيدِ، لقد أعادتْ هذه الشراكةُ إلى الأذهانِ ذكرياتِ زمنِ الثنائياتِ الفنيةِ الخالدةِ، تاركةً بصمةً لا تُمحى في وجدانِ المستمعِ السودانيِّ

هو البقولوا الناسُ شويةً، يا سلامَ على تلك الأغنيةِ التي ظفرَ بها الراحلُ المقيمُ نادرُ خضرٍ، فقد أضافَ إليها جمالُ صوتِهِ الطروبِ سحرًا خاصًّا، فخرجتْ هذه الأغنيةُ عذبةً تلقائيةً، تُطربُ الوجدانَ وتقدمُ دروسًا اجتماعيةً قيمةً، وهذا ليس بغريبٍ على كاتبٍ بقامةِ البروفيسورِ أكولٍ

ويكفي هذا المبدعَ أنَّهُ في رائعتِهِ (الزمنِ الصعبِ) التي تغنى بها الفنانُ الكبيرُ الراحلُ حمدُ الريحِ، قد استطاعَ أنْ يُعبِّرَ عن تلك الحقبةِ ببراعةٍ رمزيةٍ مُقفلةٍ بجمالِ البساطةِ، مما جعلَ العملاقَ حمد يُعجبُ بها أيَّما إعجابٍ، ولم يكتفِ بها حتى جاءتْ رفيقتُها (فاكرك حنين) لتنثرَ الحنينَ بينَ الناسِ مثلما ألبسَهُم طواقيَ العزِّ وشاحًا

البروفيسورُ عبدُ العظيمِ أكولٌ، هذا الرجلُ الذي جمعَ بينَ سماحةِ العلمِ وجمالِ القولِ، هو قامةٌ مُتعددةُ الجوانبِ، يُكملُ فصولَ الحياةِ بشتائِها وربيعِها وخريفِها، ليُضفيَ على الآخرينَ الدفءَ والجمالَ

ولأنَّهُ جمعَ بينَ غزارةِ العطاءِ والجودةِ المُختومةِ بالروعةِ، فقد نالَ المرضُ من جسدِهِ النحيلِ، لكنَّهُ ظلَّ يُقاومُ بثباتٍ وصبرِ المؤمنينَ، مُستمدًّا قوتَهُ من دعواتِ طلابِهِ ومحبيهِ

نعلمُ جميعًا الظروفَ التي تمرُّ بها بلادُنا، والمعاناةَ التي يواجهُها أهلُ العلمِ، أما أهلُ الإبداعِ، فنصيبُهم غالبًا التجاهلُ والويلُ لمن انتمى لكلا الوسطينِ. وهذا للأسفِ ما حدثَ بالفعلِ للبروفيسورِ أكولٍ، حيثُ وجدَ التجاهلَ مُضاعفًا

إننا نناشدُ الدولةَ بأعلى جهاتِها، ووزارةَ الإعلامِ، وكلَّ رجالِ المريخِ الأوفياءِ، أنْ يُسارعوا في علاجِ هذا العاشقِ للمريخِ بقامتِهِ الرفيعةِ، فقد عملَ في صحيفةِ المريخِ وكانَ حضورُهُ شرفًا لأيِّ كيانٍ، إنَّ المساهمةَ في علاجِهِ ليستْ خيارًا، بل واجبًا مُقدَّسًا!

نرفعُ أكفَّ الضراعةِ إلى المولى عزَّ وجلَّ، متضرعينَ لهُ بالصحةِ والعافيةِ لهذا المبدعِ الرقيقِ، والأكاديميِّ المجيدِ، والصحفيِّ البليغِ، أمنياتُنا لكَ بالشفاءِ العاجلِ والعافيةِ الدائمةِ يا بروفيسورُ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*