خطابان للبرهان
واحد للعالم وآخر للاستهلاك المحلي

خطابان للبرهان <br> واحد للعالم وآخر للاستهلاك المحلي
  • 20 أكتوبر 2025
  • لا توجد تعليقات

أواب عزام البوشي

منذ اندلاع الحرب، ظلّ الفريق عبد الفتاح البرهان يتحدث بلغتين؛ لغة دبلوماسية ناعمة موجهة للعالم، وأخرى عسكرية حادة موجهة للداخل، حيث يحاول طمأنة الكيزان وتعبئة الجيش والجمهور بخطاب تعبوي متناقض مع رسائله الدولية.
اليوم، وأثناء مشاركته في عزاء أحد ضباط الجيش ببورتسودان، أعلن البرهان أنه “لن يذهب للتفاوض”، في نغمة بدت موجهة أكثر للتيار الإسلامي ولبعض الضباط الغاضبين من أي تسوية مرتقبة.
لكن المتابع لتصريحاته الأخيرة في القاهرة، يعلم تمامًا أن ما قاله اليوم ليس إلا خطابًا للاستهلاك السياسي المحلي، بينما الحقيقة أنه بات مضطرًا للعودة إلى طاولة التفاوض، سواء ترغيبًا أو ترهيبًا، تحت ضغط دولي غير مسبوق.
الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة في الشأن السوداني، علقت على هذا التناقض بوضوح قائلة:
“ما صرّح به البرهان في بورتسودان يخالف تمامًا ما قاله في القاهرة، فقد أوكل مهمة تحقيق السلام للرباعية، لكنه يخشى من انقلاب الإسلاميين عليه.”
تحليل د. أماني الطويل يعكس ما يدور في أروقة المشهد السياسي: البرهان يواجه مأزق التوازن بين المجتمع الدولي والكيزان، فالأول يضغط باتجاه حل سياسي عاجل وعودة إلى مسار الانتقال، بينما الآخر يجرّه نحو مواجهة مفتوحة قد تطيح به في النهاية.
البرهان اليوم في وضع أشبه بمن يسير على حبل مشدود؛
إذا استجاب للضغوط الدولية وذهب للتفاوض، فسيغضب الإسلاميين الذين يعوّلون على استمرار الحرب كوسيلة للعودة إلى السلطة.
وإذا رفض التفاوض، فسيجد نفسه في عزلة دولية خانقة، ستغلق أمامه كل الأبواب الدبلوماسية والاقتصادية.
البرهان يعلم أن بقاءه في الكرسي مرهون بقدرته على المناورة بين هذين الطرفين، لكنه ينسى أن الزمن السياسي في السودان تغيّر، وأن والمجتمع الدولي باتا أكثر وعيًا بخطاب المراوغة والازدواج.
في النهاية، يمكن القول إن البرهان لم يعد أمامه ترف الوقت ولا مساحة التضليل.
خطابه أمام الجماهير قد يرضي بعض المتشددين مؤقتًا، لكنه لا يغيّر من حقيقة أن السودان يقف اليوم على حافة منعطفٍ حاسم، وأن التفاوض – عاجلاً أم آجلاً – هو الطريق الوحيد للخروج من هذا النفق، مهما حاول البعض تأجيله بشعارات الحرب أو حسابات السلطة.

Awabazzam456@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*