أعيدوا الحكم للشعب

أعيدوا الحكم للشعب
  • 06 أكتوبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

مقال الأمس اختتمناه بالتساؤل كيف نعيد الحكم للشعب؟ التساؤل أثير باعتبار أن الحكم الآن ليس بيد الشعب وإنما هو حكم تعييني تسيطر عليه بعض فصائل قحت وعساكر الجيش ويتخطون به في كثير من الاحيان أصحاب الحق الاصلي وهم الشعب، الشعب فجر الثورة ودفع مهر الديمقراطية من حر ماله وعرقه ودماءه ليحكم فجعلوه متفرجا! سنة ونصف من الفرجة على حكم المجلس العسكري ثم حكم بعض فصائل قحت، ثم سيستمر جلوس الشعب في مقاعد المتفرجين لمدة ثلاث سنوات وثلاث أشهر قادمات بنص اتفاقية جوبا للسلام، وربما لسنوات أخرى اذا تم توقيع اتفاقيات سلام أخرى مع الحلو و عبدالواحد، ليظل الشعب في موقع المتفرج لامد لا يعلمه إلا الله.

وضع الشعب في مقاعد المتفرجين، وفرض الحكام عليه بالتعيين قاد إلى احداث شرق السودان، وسيقود مع الايام إلى ماهو أسوا من هذا الاحتجاج، قد يقود إلى ثورة احتجاجية كاملة تعم كل بقاع السودان ويتم تشييع قحت والعسكر المتحالفين معها إلى مذبلة التاريخ، فالشعب لا يمكن أن يأتي بالثورة ثم يجلس متفرجا، ثار الشعب ليحكم لا لتتحكم فيه أقلية، لذلك الحل الوحيد أمام منع انزلاق البلاد نحو ثورة جديدة هو إعادة الحكم للشعب، كيف نعيد الحكم للشعب؟ هذا هو ما يجب التفكير فيه الآن، وليس انتظار ما ستسفر عنه تعيينات الحكومة القادمة بعيدا عن مشاركة الشعب الحقيقية في اختيار الحكام.

اعادة الحكم للشعب ممكنة عبر طريقين، الأول هو حقن الفترة الانتقالية بجرعات من الديمقراطية، والسماح للشعب بان يقرر من يحكمه، وذلك عبر قيام انتخابات عامة في الولايات لاختيار الولاة وليس تعيينهم، مع إمكانية استثناء الولايات المتأثرة بالحرب وجواز تعيين الولاة فيها، ثم اختيار مقاعد الولايات في المجلس التشريعي عبر الانتخابات وليس التعيين، مع استثناء الولايات المتأثرة بالحرب ايضا والتعيين لها عبر آلية التعيين الراهنة في الحكم الانتقالي، مضاف إلى ذلك دمقرطة المجتمع المدني، النقابات والمنظمات المدنية عبر الانتخابات، مع إبقاء مجلس السيادة ومجلس الوزراء على ماهو عليه بالتعيين. هذا هو الطريق الأول وهو الاسهل على حكام اليوم من قحت ومن معها، ولكنه كذلك عرضة لمشاكل عديدة نتيجة وجود نسيج حكم ديمقراطي منتخب مع نسيج اخر معين، ولكنه في كل الأحوال سيكون حكما أفضل وأكثر تماسكا وشرعية وأخلاقية من الحكم الراهن.

الطريق الثاني هو دمقرطة الحكم بالكامل وإنهاء كل أشكال التعيين، وذلك بحل الحكومة الراهنة وتعيين حكومة تصريف أعمال ( من مستقلين فقط بلا أي تاريخ سياسي معروف – تكنوقراط technocrat ) هدفها الرئيسي القيام بالإجراءات التي تكفل إعادة الحكم لسيده ( الشعب ) في خلال ستة شهور، وتشمل هذه الإجراءات: تكوين مفوضيات السلام والانتخابات، إقامة مؤتمر السلام ودعوة عبدالواحد والحلو وكل حملة السلاح إلى الحوار داخل السودان حول الأسس الكفيلة بتحقيق السلام واستدامته، إقامة المؤتمر الدستوري والاتفاق بين جميع أطياف الشعب بلا استثناء على دستور قومي، إجراء التعداد السكاني، وضع قانون الانتخابات، إجراء الانتخابات العامة، تسليم السلطة لمن ينتخبه الشعب.

أمامنا طريقان، طريق مواصلة الحكم بالتعيين ومشاكله المتعددة ومساره المفخخ، وطريق حكم الشعب والديمقراطية، فأي طريق نختار للثورة؟ او كما قال إبن الرومي:
أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهجُ * طريقان شتى مستقيمٌ وأعوجُ


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.