القطاع الزراعي والخروج من عنق الزجاجة(1-3)

القطاع الزراعي والخروج من عنق الزجاجة(1-3)
  • 16 مايو 2021
  • لا توجد تعليقات

د.عمر محمد سعيد


لقد ظللنا ننادي ونردد بأن نعتمد على مواردنا الذاتية هو العلاج الناجع لأزماتنا الإقتصادية المستمرة من العام 1958 مع المعونة الأمريكية لحكومة عبود العسكرية 1958 إلى يومنا هذا. قبل الدخول إلى موضوع المقال ومضمونه علينا أن نستعرض بإيجاز دور بعض الدول سواء كانت في آسيا أو أفريقيا ،ويمكننا أن نأخذ كوريا الجنوبية كمثال لدولة آسيوية نهضت وأصبحت الآن بمصاف الدول المتقدمة والمتطورة على المستوى العالمي ،حيث كان الجوع مظهراً شائعاً في كوريا حتى أواخر 1969 ووصل بها الحال أن طلاب مدارسها اعتمدوا على المعونات الأجنبية في الحصول على غذائهم ولكنها أصرت أن تنهض وتعتمد على مواردها الذاتية وتحدّت رغبة الولايات المتحدة والمؤسسات الإقتصادية الدولية التي أصرت على أن الطريق لتنمية البلاد يقوم على المشاريع الصغيرة لكنها كانت تعلم تماماً أن موقعها الجيوسياسي يجعل الولايات المتحدة وصناديق التمويل الكبيرة العالمية التي تدور في فلك الولايات المتحدة جعلها تقبل بشروط كوريا الجنوبية لا بالعكس.ونحن كذلك موقعنا الجيوسياسي يجعل الآخرين يقبلون بشروطنا ولا نقبل بشروطهم إن كانت تضر بمصالحنا واقتصادنا. لاعبةً وبإقتدار بموقعها الذي لا يمكن الا أن تستميت الولايات المتحدة للحفاظ عليه فأقامت نظام إقتصادي اعتمد

  • على إصلاح النظام التعليمي والذي من دونه لم يكن لبرنامجها الإقتصادي أن تحقق به ما تهدف إليه.
    -إجبار رجال الأعمال الكبار على الإستثمار في المجالات التي تريد الدولة التوسع فيها.
  • أحسنت استغلال المنح والمعونات المقدمة من الصناديق الدولية والولايات المتحدة الأمريكية.
    كل ذلك تم بإرادة سياسية قوية لا تعرف الإنهزام.
    المثال الآخر رواندا، هذه الدولة الأفريقية الصغيرة اعتمدت على اقتصادها المتمحور في الزراعة والثروة الحيوانية والتعدين ونحن نفوقها بمساحاتنا الزراعية الشاسعة وثروتنا الحيوانية الهائلة ومخزوننا من المعادن الكثيرة ذهباً ونحاساً وكروم…الخ ,هذه الدولة بدأت بإرادة وطنية حقيقية في العام 1994 نحو تحديث وتطوير إقتصادها بوضع خطط ممرحلة ورؤيا مستقبلية على المدى القريب والمدى المتوسط ،كان الهدف من المدى القريب هو تكوين ثرواتها الوطنية وتقليل الإعتماد على المعونات الخارجية، وعلى المدى المتوسط التحوّل من الإقتصاد الزراعي إلى إقتصاد قائم على المعرفة من خلال تطوير التعليم وتكنولوجيا المعلومات والإتصالات وتعزيز روح المبادرة الخاصة وخلق طبقة وسطى من المستثمرين المحليين هذه الطبقة التي افتقدناها خلال الثلاثين سنة الفائتة ،هذه الطبقة جعلتها الدولة قادرة على خلق الثروة والمساهمة في تطوير الإقتصاد بدلا من تراكم الثروة في أيدي قلة وهذا ما نراه الآن في وطننا حيث بلغت نسبة النمو في العام 2000 في دولة رواندا 5.9% وفي 2016 بلغ الناتج المحلي 9 مليار دولار.
    تلك الدولتين لا يمكن مقارنة مواردهم بموارد السودان الهائلة لكن تصبح الإرادة هي القوة الدافعة لأبناء الوطن أي وطن لنهضة بلدانه.
    الاستثمار في الثروة الحيوانية ،إن الإستثمار في الثروة الحيوانية والثروة السمكية تحتاج إلى تشريعات قوانين وإجراءات من شأنها استقطاب الإستثمارات الخاصة المحلية والعربية والأجنبية وقانون الإستثمار الذي صدر مؤخراً يمكن أن يكون جاذباً للإستثمار ويجب أن تكون هنالك ضمانات للإستثمارات العربية والأجنبية المباشرة وحمايتها لتشجيعها للدخول في إستثمارات واسعة وذلك من خلال الإتفاقيات المعروفة في هذا الجانب.
    مزايا الإستثمار في الماشية السودانية، خلوها من الأمراض الوبائية وطعمها الجيد لأن مصادر غذائها طبيعية دون إضافات لأعلافها بمواد كيميائية أو هرمونية ومقاومتها للأمراض، وتلك مزايا تجعل المستثمر المحلي او العربي او الأجنبي أكثر رغبة في الإستثمار فيها.
    هنالك مجالات عديدة للإستثمار في محور الثروة الحيوانية
    -إنشاء مسالخ حديثة بمواصفات عالمية تؤهلها للصادر.
    -إنشاء مشاريع لإنتاج وتصنيع الألبان.
    -إنشاء مشاريع لإنتاج الدواجن(لاحم وبياض).
    -إنشاء مشاريع للخدمات البيطرية في الأقاليم منها مراكز لتحسين السلالات ومراكز لإنتاج اللقاحات وإنشاء وتأسيس المحاجر والمستشفيات البيطرية والأدوية البيطرية للحيوانات.
    اما الإستثمار في الثروة السمكية والأحياء المائية هذا الإستثمار متاح وبصورة واسعة ، لكبر وتعدد حجم المخزون من الأسماك والأحياء المائية الأخرى كما أن الإستثمار في الإستزراع السمكي يسهم بتوفير إمكانيات إضافية لإنتاج الأسماك للسوق المحلي وللصادر، ويوفّر السودان إستثمارات في الثروة السمكية في المياه المالحة بالبحر الأحمر لإنتاج الأصداف واللؤلؤ وإنتاج الجمبري والأسماك الزعنفية ويوفر الإستثمار في المياه العذبة الصيد والإستزراع السمكي على طول النيل وبحيرات السدود (سد مروي وسد ستيت وبحيرة النوبة وبحيرة خزان الروصيرص وبحيرة خزان جبل أولياء) ويضيف الإستثمار في الثروة الحيوانية استثماراً في قطاعات أخرى ، كإنتاج الجلود حيث تتميز الجلود السودانية بالطلب في السوق العالمي لما تمتاز به من قوة تماسك نسيجها وكبر مساحتها.والرغبة في الإستثمار في هذا القطاع لوجود ثروة حيوانية بأعداد كبيرة والحاجة لإستهلاك اللحوم في الداخل والخارج لأن انتاج الجلود يعتمد على إنتاج اللحوم بالإضافه لتوفر العديد من المسالخ ووجود بعض المدابغ الحديثة. ويحتاج هذا الإستثمار إلى تكونولوجيا تعطي مواصفات عالمية للمنتج يمكن للمستثمر مناولتها من دول كثيرة كالهند وألمانيا وتركيا والصين وكوريا. وهنالك إستثمارات أيضاً في قطاع الحياة البرية خصوصاً في ظل وجود عدد من المحميات المفتوحة والمغلقة، حيث يمكن إنشاء محميات حديثة والدخول في مجالات متعددة لإقامة مشاريع تجارية لتربية النعام والغزلان والتماسيح ،والإسثمار أيضاً في إنشاء وتأسيس حديقة حيوان كمنتزه، حيث تم تدمير أكبر حديقة حيوان على مستوى أفريقيا والشرق الأوسط كواحدة من أمثلة التدمير الذي حدث في الثلاثين سنة الفائتة ،أيضاً هنالك إستثمارات يمكن أن تكون جاذبة للمستثمر المحلي أو العربي أو الأجنبي هوالإستثمار في قطاع تصنيع الأعلاف حيث توجد بالسودان بنية صالحة لإنشاء مصانع للمولاس واليوريا كمصانع السكر في كنانة وعسلاية وسنار والدويم،كما يمكن الدخول في إستثمارات صناعة الأعلاف الخضراء في كثير من ولايات السودان،وهنالك ايضاً مجالات للإستثمار في مجال تسويق الحيوانات ومنتجاتها كالنقل والتخزين المبرّد ومصانع تجهيز المنتجات الحيوانية.
    يظل هنالك تحدياً يتمثل في
    وجود إرادة سياسية.
    رؤية مسلّحة بخطط إستراتيجية وتشريعات قوانين ونظام إستثماري متكامل إلكترونياً لتسهيل مهمة المستثمر المحلي والعربي والأجنبي لتحقيق الهدف المنشود.
    بناء قطاع مصرفي قادر على تمويل الإستثمار الخاص المحلي.

أما وزارة الثروة الحيوانية وبتوجيه من وزيرها أن تكون فاعلة بشكل غير مسبوق في تهيئة المناخ للمستثمر المحلي و العربي والأجنبي الذي يتيح له إكمال إجراءاته التي تليها بالسرعة المطلوبة للإستثمار في هذا المجال.

التعليقات مغلقة.