الشراكة إلى أين؟

الشراكة إلى أين؟
  • 08 أكتوبر 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

تعاني الشراكة من تصدعات متتالية، نتيجة لوجود كيانات وجهات متعددة ومتباينة في الرؤى والمنهج داخل مكونات هذه الشراكة، وقد كان من المتوقع أن تضبط شراكة بهذا التنوع المثير للتشاكس بواسطة الوثيقة الدستورية نفسها، فتفصل ما أجمل، وتوضح ما أشكل، ولا تترك ثغرة ينفذ منها شريك لكي يصادر حقوق الشريك الآخر الدستورية.

مثلا الحديث المتداول عن جهاز المخابرات والشرطة وتعارض حديث حميدتي القائل بأن العسكرين لن يسلموا هذه الأجهزة للمدنيين، مع النص الموجود في الوثيقة الدستورية الذي يثبت أن الشرطة وجهاز الأمن يخضعان للسلطة التنفيذية، هذا الحديث كيف يضبط؟ الوثيقة الدستورية موجودة ومنشورة، والجميع يعلمها، وحميدتي وقادة المكونات الآخرين يعلمونها تماما، فما الذي يجعل البعض يخترق هذه الوثيقة عيانا بيانا؟!

حمى التراشقات والاتهامات المتبادلة بين المكونين العسكري والمدني جعلت كل طرف يحاول أن يتقوى بالسلطات وان يحرم الاخر منها، وهي ممارسة مختلة وضد أسس الشراكة، ولكن كيف يتم ضبطها؟ ماهي الآلية التي أقرتها الوثيقة الدستورية لضبط الخلاف بين الشريكين؟

حتى الآن لا توجد آلية محددة متفق عليها بين المكونين تكون حكما في حال الخلاف، غياب هذه الآلية سيجعل الخلافات تتناسل والتغول على السلطات يتمدد وهو ما سيقود الشراكة إلى فض حتمي في النهاية، لذلك مطلوب استباق هذه اللحظة وتكوين الية تضبط الشراكة ويحترمها الشركاء.

في أغسطس ٢٠٢٠ أعلن عن تكوين مجلس الشركاء، ولكن الخلافات التي تفجرت بعد الإعلان عن اختصاصاته حولت مع الايام هذا المجلس إلى مجلس صوري، مجلس الشركاء كفكرة كان مطلوبا، ولكنه بدل تطوير فكرته هدم بسرعة، لو كان المجلس موجودا وفعالا الان لمثل وسيلة معقولة لمناقشة خلافات المكونين وضبطها والوصول حولها إلى حلول.

الوثيقة الدستورية نصت على جلسة مشتركة بين مجلسي السيادة والوزراء كبديل لحين تكوين المجلس التشريعي، ولكن طبيعة تكوين مجلس الوزراء من مستقلين وقيادات الصف الثاني في الأحزاب جعلت هذه الجلسة المشتركة مجرد جلسة إجرائية يتم فيها المصادقة على القوانين، ولكنها عاجزة عن مناقشة أمر الخلافات بين المكونين، لغياب أصحاب القرار الأول في أحزاب قحت.

في يونيو الماضي أطلق السيد رئيس مجلس الوزراء مبادرته لإصلاح وضع البلاد وقيادتها إلى الامام، وتم تكوين آلية لهذه المبادرة بقيادة برمة ناصر رئيس حزب الأمة المكلف، ورغم أن المبادرة نفسها لم تتبلور بشكل واضح وعملي ومفهوم للجميع، الا ان الآلية تدخلت مباشرة في قضية الساعة، الخلاف بين المكونين العسكري والمدني، وذكر رئيسها بانهم التقوا مع أطراف ويسعون للقاء بالاخرين، خطوة الالية لمعالجة الازمة الراهنة لو نجحت فيها فسوف تدفع بمبادرة رئيس مجلس الوزراء بقوة للامام، وستزيد من ثقة الآلية في نفسها مما قد يؤهلها مستقبلا لمعالجة الخلافات المستقبلية بين المكونين، إما فشلها فسيفتح الباب للسؤال مجددا حول ماهي الآلية التي تضبط الخلاف بين الشركاء وتعالجه؟! 


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.