ضمانات بقاء البرهان بعد إبعاد الإسلاميين، وتسليم المتهمين للجنائية

ضمانات بقاء البرهان بعد إبعاد الإسلاميين، وتسليم المتهمين للجنائية
  • 25 أكتوبر 2025
  • لا توجد تعليقات

صلاح شعيب

العالم كله ظل يترقب بالأمس مفاوضات الجيش والدعم السريع التي أكد مراسلو القنوات العربية انعقادها في واشنطن. ولكن سلطة بورتسودان لا تعرف ربما أن “وفداً ما” سافر باسمها إلى العاصمة ليجلس مع الدعم السريع للتفاوض، معترفاً بذلك دون أدنى شك بالرباعية التي من ضمن دولها الإمارات التي قال فيها ياسر العطا، والبلابسة، ما لم يقله مالك في الخمر.
فالسيادي التابع للبرهان أصدر مساء الأمس بتوقيت السودان بياناً يكذب نائب وزير خارجية الولايات المتحدة، وكل الأخبار الموثوقة التي نقلها لنا الإعلام المرئي، والمشاهد، والمكتوب، منذ الصباح عن المفاوضات.
ألا يدل بيان السيادي الإنكاري التابع للبرهان على وجود شيء قوي يجعل سلطة الأمر الواقع تتهيب إذا ما صارحت بورتسودان مؤيدي الحكومة من البلابسة، والاحزاب، وإعلامييها الذين ظلوا أيضاً ينكرون، ويقولون إن تلك الأخبار عن التفاوض من أماني القحاطة، وليس برهانهم؟
إن المفترض بطبيعة الحال أن يكون على الأقل هناك ثلاثة متحدثين رسميين. الأول للسيادي، والثاني للجيش، والثالث لحكومة كامل ادريس. ومع ذلك لم يخرج واحد بالأمس من الثلاثة لينبس ببنت شفة حتى يبين الحقيقة، أو يزيد التعتيم بجانب بيان السيادي، والذي هو في الأساس ليس هو مخول في شأن كهذا. ذلك ما دامت حكومة كامل ادريس هي الجهة المدنية المختصة بهذه الأمور كما قالوا لنا، ووزير الخارجية فيها، أو المتحدث باسمها، أكثر شخصين مخول لهما التطرق لهذا الموضوع، وهو دبلوماسي بدرجة أولى.
كذلك كانت فكرة الإتيان بكامل، إذ تم التخريج لها لتأكيد وجود حكومة مدنية لتسيير الأمور في محاولة لاسترداد الشرعية من الاتحاد الأفريقي، والمجتمع الدولي. ولكن يبدو أن لا د. كامل لديه دور – ولا وزير خارجيته – في التواصل الدبلوماسي مع العالم. وما جرى في واشنطن بالأمس يثبت أن تعيينهما ليس إلا استهبال سياسي مكشوف أمام العالم لم يجن منه السودانيون شيئاً كثير القيمة.
إذا قلنا إن هناك تعتيماً وسط أطراف في سلطة بورتسودان ما جعل السيادي يبدو مغاضباً عبر إصدار ذلك البيان، فهل صدرت جمله المقتضبة بمعرفة البرهان أم دون موافقته؟
لا نتخيل أن الجرأة قد تصل بكامل أعضاء السيادي الصوري لتخطي البرهان، وعدم إطلاعه على مسودة البيان، ألهم إلا إذا كان هو جزء من أطراف التعتيم على هذا التفاوض. ولو تمردوا عليه بموقف ضده ما داموا لا يعرفون شيئاً عنه، وبالتالي تصرفوا بتلك الصيغة البيانية، فإن الأيام القادمة حبلى بالجديد، والمثير الخطر.
مهما يكن، فإن التفاوض بين طرفي الحرب يمثل أملاً عريضاً لغالب السودانيين ما عدا الحركة الإسلاميين، وبلابستها، من اليساريين، واليمينيين، والمستقلين. وهؤلاء أكدت المفاوضات الجارية في واشنطن المباشرة، وغير المباشرة، أن الذين أشعلوا نيران الحرب قد استخدموهم بالكفاية كرصيد يبصم على فكرة الحرب، ويؤيدها، ويزيد في نارها ليس أكثر من ذلك.
البرهان – كما قلنا من قبل – يحتاج للشجاعة في توضيح الحقائق عن اتفاقاته السرية مع الإقليم والعالم بعيداً عن حلفائه من جهة، ولاتخاذ خطوات تؤكد قدرته – من الجهة الأخرى – على السيطرة على أمور مناطقه المحررة لو عزم على أن يستمر في السلطة.
الزمن ليس في صالح البرهان إلا لو أسرع في اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء علاقته بالحركة الإسلامية، والبلابسة، وراعى مصلحة البلاد، ومضى بعزيمة لإنقاذ شعبه الذي يعاني أوضاعاً كارثية سببها الإسلاميون في الخمسة والثلاثين عاما الماضية. ولكن السؤال الذي يحتاج البرهان إلى الإجابة عليه.. ما هي الضمانات التي تبعده من تآمر الإسلاميين لاختلاعه لو اتفق مع الدعــ”م السريع على تسوية للسلام، وإذا تضمن الاتفاق القبض عليهم، وتسليم المتهمين للمحكمة الدولية؟

الوسوم صلاح-شعيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*