القائد الذي لم يخضعه قرنق لاختبار

ورحل رستم علي مصطفى

ورحل رستم علي مصطفى
  • 16 نوفمبر 2018
  • لا توجد تعليقات

ياسر عرمان

بالولايات المتحدة الأميركية رحل أخونا الكبير وصديقنا ورفيقنا العزيز رستم علي مصطفى، وقد أبلغني الأستاذ محمد داود بهذا النبأ الحزين، فمن هو رستم علي مصطفى؟ في عجالة يمكنني أن أُعرف رستم علي مصطفى للذين لا يعرفونه، وفي احداثيات عجلى لا توفيه حقه الذي لا بد لنا ان نوضحه على نحو أكثر تفصيلاً، فهو إنسان يستحق أن يتعرف السودانيون على سيرته.

  • رستم على مصطفى أحد قادة الجيش الشعبي الذين قاتلوا في أعالي النيل والاستوائية وتقلد كثيراً من المواقع القيادية في الجيش الشعبي.
  • نضم رستم علي مصطفى للحركة والجيش الشعبي في عام ١٩٨٨م، وهو من ضباط القوات المسلحة القلائل الذين أعطاهم الدكتور جون قرنق قيادة لواء من مشاة الجيش الشعبي دون أن يمروا بأي فترة اختبار لولائهم السياسي للحركة الشعبية، لمعرفة طويلة سابقة ربطته بالدكتور جون قرنق، وقد كنت موجوداً في رئاسة الدكتور جون قرنق المتحركة في الحدود الإثيوبية في أول لقاء بينهما، وحينما وصل رستم علي مصطفى إلى مدينة (قمبيلا) كان معه القائد دوت دوم كوج، وطلب دكتور جون تزويدهم بعربة لتقلهم بسرعة إلى (فنجدو ) حيث يوجد، فقرر قائد المنطقة إرسال دوت وترك رستم، وقال لضابط الإشارات في رئاسة دكتور جون (كلم القائد العام أنني لن أرسل الضابط ذو اللون الاحمر، لأنني أخاف منه، واحتفظت به في المنطقة الخلفية)، فرد دكتور جون حينما بلغه الخبر وقد كنا حضوراً مع ضباط الرئاسة ورئيس هيئة الأركان الراحل وليم نيون والقائد سلفاكير ميارديت، رد ساخرا “أن الضابط ذو اللون الاحمر هو بالضبط من أطلبه وسوف أعطيه هذه القوة التي أمامي فليرسله حالاً إليّ”، وفي طريقه إلى جوبا كان دكتور جون قرنق يسأل كل يوم عن المسافة التي قطعها، فرد رستم على جون قرنق ساخراً عبر الضابط المسؤول عن الإشارة في رئاسة جون قرنق، عليك ان تبلغ دكتور جون قرنق أنني أسير ببطء في مستنقعات أعالي النيل، وليس في شارع النيل! وفي مصادفة التقيت بذلك الضابط الصديق العزيز أير جوك بولند لحظة كتابتي لهذه التعزية، وأبلغته برحيل رستم علي مصطفي وذكرني بتلك الواقعة.
  • رستم علي مصطفى كان مقدم سابق بالقوات المسلحة السودانية، وهو شمالي معروف بارتباطه الوثيق بجنوب السودان، فهو من مواليد مدينة بحري، وتزوج بزوجته الأولى من منطقة أويل بعد اتفاقية أديس أباباـ وعمل في جنوب السودان، وبعد رحيلها في حادث مؤسف تزوج زوجته الحالية من منطقة بور.
  • رستم معروف لكل قادة جنوب السودان، وساهم في تحقيق جزء عزيز من أماني الجنوبيين، وشارك بفاعلية في حرب التحرير، ولم يشارك مطلقاً حينما جاءت الأوقات التي تلتها فكان إنساناً عفيفاً وشريفاً.
  • حينما زار الدكتور جون قرنق الولايات المتحدة الأميركية في عام ٢٠٠١م التقيت في تلك الزيارة برستم علي مصطفى الذي رحب به الدكتور جون قرنق أيما ترحيب.
  • واجه رستم علي مصطفى مصاعب ابتدار حياة جديدة مع أسرته في الولايات المتحدة الأميركية بجلد وصبر، وكان يمكن أن يلجأ لخيارات أخرى سهلة، ولكنه لم يفعل ذلك.
  • ابتعد رستم علي مصطفى عن الصراعات والخلافات التي ألمت بالحركة الشعبية والجيش الشعبي، وقد تأثر بها، ولكنه لم يسيئ إلى أي شخص، ولم يخض صراعاً أياً كان شكله مع زملائه السابقين، واختفى من واجهات الحياة العامة.
  • حينما تزوجت في مارس ١٩٩٣م بمدينة توريت قبل استيلاء قوات النظام عليها بعدة أسابيع استضافني رستم في منزله في توريت، وساهم بفاعلية في ترتيبات الزواج، وفي ذلك زوجتي وانا مدينان له بالفضل.
  • رستم علي مصطفى مولود في شمال السودان، ولكنه من ضباط القوات المسلحة القلائل الذين ارتبطوا ارتباطاً وثيقاً بجنوب السودان، وكان وفياً للجنوبيين وللسودان معا.
  • في الختام تعازي زوجتي وأسرتي وشخصي لأسرة القائد رستم علي مصطفى الصغيرة والكبيرة في السودان والولايات المتحدة الأميركية ولأصدقائه ولمعارفه ولرفاقه على امتداد دولتي السودان، وسيذكر السودانيون ولاسيما في جنوب السودان تضحياته وبسالته وإقدامه وشجاعته، وانضمامه للحركة والجيش الشعبي غير هياب ووجل، وفي أزمنة لم ينتشر فيها الوعي بقضايا الهامش كما هو حالنا اليوم.

*إنا لله وإنا اليه راجعون.*

*والمجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام*

 

الوسوم  ياسر-عرمان

التعليقات مغلقة.