(التحرير) تنشر بيانها الختامي

ورشة حزب الأمة عن مشكلات الأراضي تطالب بمراجعة القوانين والتشريعات

ورشة  حزب الأمة عن مشكلات الأراضي تطالب بمراجعة القوانين والتشريعات
  • 02 يونيو 2017
  • لا توجد تعليقات

الخرطوم – التحرير:

نبهت ورشة (مشكلات الأراضي وأثرها في الأمن والاستقرار في السودان) التي أقامها حزب الأمة القومي بداره بأم درمان (الثلاثاء 30 مايو2017م) إلى تفاقم إشكالات الأراضي، وأشارت إلى أنها أصبحت مدخلاً للفساد والعنف والاقتتال والتهجير والإفقار، وطالب المشاركون في الورشة بضرورة مراجعة القوانين والتشريعات المتعلقة بالأراضي كافة، واستنكروا انعدام الشفافية في القوانين والتشريعات؛ وأوصت الورشة بضرورة إعداد إستراتيجية شاملة للأراضي في السودان، تعمل على إصلاح القطاع، وذلك عبر تكييف جذري يعالج المشكلات المزمنة كافة.
فيما يأتي تنشر ( التحرير) البيان الختامي للورشة:

حزب الامة القومي
الامانة العامة
البيان الختامي لورشة مشاكل الأراضي وأثرها في الأمن والاستقرار في السودان
الثلاثاء 30 مايو 2017م الموافق 4 رمضان 1438ه – دار الأمـة

دأب حزب الامة القومي على تنظيم مؤتمرات وورش عمل متخصصة لمخاطبة القضايا الوطنية في إطر قومية وأكاديمية وسياسية وإستراتيجية، وذلك انطلاقاً من قناعة راسخة بأن القضايا الوطنية الكبرى تستوجب البحث الموضوعي والمشاركة الواسعة، ولا تتحمل المزايدة والاقصاء في ظل أوضاع السودان المعقدة وأزمته الشاملة. هذا ما جعل أعمال وتوصيات مؤتمرات وورش العمل التي عقدها الحزب على درجة بالغة من الأهمية والعمق من ناحية المضامين والرؤى، ومن ناحية المشاركين الذين ينتمون إلى كثير من الحقول الاكاديمية، والتوجهات الفكرية، والتنظيمات السياسية، فضلاً عن الخبراء والمهتمين بالعمل العام، فهي نتيجة عملية حوارية متبادلة بين مكونات الشعب السوداني.
في هذا السياق جاء تنظيم ورشة عمل (مشاكل الاراضي وأثرها في الامن والاستقرار في السودان) بدار الأمة بأم درمان يوم الثلاثاء 30 مايو 2017م. وقد هدفت إلى التنبيه إلى تفاقم إشكالات الأراضي، وتنوع تمظهراتها، ومداخلها للفساد والعنف والاقتتال والتهجير والإفقار، وبناء مداخل العدالة الاجتماعية بإصلاح نظام الاراضي، وتشجيع الاستثمار الذي يخلق فرص عمل وتنمية البنية التحتية، والحد من الفقر، وفق شراكات مثمرة مع المواطنين، وآليات حماية الأراضي، والمحافظة علي البيئة، وضمان حقوق المواطنين، ووضع الخطى الكفيلة بأن يصبح السودان سلة الغذاء العربي.
وقد شارك في الورشة 60 من السياسيين والأكاديميين والخبراء والمهتمين والناشطين في المجتمع المدني، وممثلين عن لجان مناهضة السدود، وتحالف الجزيرة والمناقل، والرعاة، وصغار المزارعين.
الحبيب الامام الصادق المهدي رئيس الحزب أكد في كلمته الافتتاحية الضرر الكبير الذي لحق بالأراضي بسبب أداء النظام الحاكم الآن في السودان، وأكد مبدأ أن الاراضي تمثل مقياساً لسوء أداء النظام وإدارته للبلاد، وبّين أن نظام تسجيل وتمليك الأراضي الحضرية نظام محكم حفظته النظم الديمقراطية المتعاقبة، وبالمقابل، فإن النظام الحالي عمل علي تخصيص الأراضي للمحاسيب بلا استحقاق، وضرب مثلاً ببيع الميادين العامة في ولاية الخرطوم، كما سردت الكلمة المشكلات التي تواجه المشروعات المروية خصوصاً مشروع الجزيرة، ومشكلات الزراعة المطرية، والحواكير والأراضي الرعوية، والفساد الذي صاحب الأراضي التي خُصصت لأغراض صناعية، والإهمال الكبير لخطوط النار والغابات الذي جعل حزام السافنا عرضة للتصحر، واستعرض الظلم الذي وقع علي الأهالي بسبب التهجير لإقامة السدود والمقاومة المشروعة لها، وأشار بصورة قوية الي انتهاك أراضي الحدود السودانية، وعدّ سياسة الاراضي السودانية ركناً أساسياً في السيادة الوطنية والتنمية والأمن القومي والعدالة الاجتماعية وسلامة البيئة، مؤكداً أن قضية الأراضي قضية قومية، ووعد بأن تكون حاضرة في الحوار الجاد باستحقاقاته، وجزءاً اساسياً من السياسات البديلة لبناء الوطن المنشود.
وقد عكس خطاب الأستاذة سارة نقد الله الأمينة العامة للحزب في الجلسة الافتتاحية أهمية الورشة وموضوعها والأبعاد التي يروم النظر فيها، فقد شدّدت على النهج القومي، ونبهت إلى أن هذه الورشة تمثل إضافة نوعية للمجهودات التي بذلت حول قضايا الأراضي لا سيما مشروع مبادرة الشفافية السودانية الذي ابتدرته المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً في مارس 2015م، ومشروع السياسات البديلة الذي عكفت عليه قوى نداء السودان منذ أكتوبر 2015م، وأكدت في ختام كلمتها أن الغرض الكلي لهذا العمل هو بلورة تصورات مشتركة لأفق تجاوز واقع النظام الحالي المأزوم إلى رسم ملامح سودان الغد الذي نريد.
شّكلت الورشة سانحة طيبة لطرح كثير من الإشكاليات المتعلقة بالأراضي في السودان (الأراضي الزراعية، والحضرية، والصناعية، والتعدين والنفط، والمراعي، وتوطين الأجانب، والسدود، والمياه، وأراضي الحدود)، وذلك من خلال التشريعات والقوانين والسياسات والملكية والاستخدام والاستثمار. إذ اتسم الطرح بالموضوعية والواقعية، وقد غطت المناقشات الهادئة موضوع الورشة بجوانب متعددة وبزوايا نظر في غاية الأهمية.
قدمت في الورشة أربع أوراق عمل أساسية وهي “مشكلات ملكية واستخدام الأراضي الزراعية.. مشروع الجزيرة نموذجاً” أعدها الأستاذ صديق عبد الهادي وقدمها الأستاذ حسين سعد، و”التشريعات ودورها في نزاعات الأراضي” قدمها مولانا عبد الرحمن عبود، و”قضايا السدود والأرض والمياه” قدمها الأستاذ الحسن هاشم، و”إصلاح نظام الأراضي كمدخل للعدالة الاجتماعية” قدمها الإمام الصادق المهدي)، ووزعت خلال الورشة الورقة الرئيسة للمجموعة السودانية للديمقراطية أولاً بعنوان “استخدام وملكية الأراضي وتخصيصها في السودان.. تحديات الفساد وغياب الشفافية” للدكتور محيي الدين التهامي طه الذي صدر في سبتمبر 2016م. وقد أظهرت أوراق العمل والإفادات والمداخلات والتعليقات وجود اختلالات عميقة في بنية نظام الأراضي في السودان (قانوناً وسياسةً وتخطيطاً وهيكلاً وإدارةً)، وهذه الاختلالات أصبحت مداخل أساسية للفساد الواسع، والإفقار الممنهج، والتهجير القسري، وتفكك النسيج الاجتماعي، والعمل علي تدمير المواقع الأثرية، وإنشاء السدود دون أدنى اهتمام لرفض الأهالي، والاستغلال السيئ لثروات باطن الأرض من بترول وذهب، وانتشار ظاهرة بيع الأراضي للشركات والدول، وإهمال توجهات التنمية الريفية، وتهميش القطاع التقليدي، وإزالة مساحات كبيرة من الغطاء النباتي والغابي، وتدني كفاءة المراعي، وتدهور الموارد المائية، وتردي نوعية مياه الشرب وتلوثها، وضعف الخطط والأسبقيات وانحسار التخطيط الإستراتيجي للتنمية العمرانية، وتوطين الأجانب في المدن دون ضوابط، ويمتد الأثر إلى مجمل حياة السودانيين في انتشار الصراعات القبلية، وعنف السلطة، ونذر المواجهات والاضطرابات، وانعدام الامن والاستقرار .
وبعد نقاش جاد ومسؤول، شّخص فيه المشاركون مشكلات الاراضي وما أصابها من ضرر وفساد، وأثر وخطورة قضايا الاراضي على الأمن والاستقرار، كما قدم المشاركون جملة من المعالجات والإصلاحات المطلوبة والتوصيات، التي يمكن تصنيفها وفق محاور رئيسة هي (التشريعات، والسياسات، والاستراتيجيات، والآليات) كما يأتي:

أولاً: التشريعات
1. اتفق المشاركون على أن هناك غموضاً وتناقضاً وقصوراً في قوانين الأراضي حول تعريف الأرض (قانون تشجيع الاستثمار 2013م) وملكيتها (قانون الأراضي غير المسجلة لعام 1970م) وحمايتها (قانون حماية البيئة 2001م) واستخداماتها (قانون المعاملات المدنية 1984م) ووضع ثروات ما بباطنها (قانون الثروة النفطية 1998م) وغيرها من القوانين، وأن هذا الغموض كان له الأثر البالغ في النزاعات وعدم الاستقرار في السودان، وأصبح تناقض وقصور القوانين مدخلاً الي استخدام القوانين نفسها عند الطلب، وفقاً للمصلحة الخاصة كأكبر عملية فساد؛ وهذا ما يستوجب مراجعة القوانين والتشريعات المتعلقة بالأراضي كافة بصورة دقيقة تعالج المشكلات المتراكمة، وتستجيب لتغيرات العصر، وتحقق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
2. أشار المشاركون إلى ضعف المواد المتعلقة بالأراضي في الدستور، بحجة أنها قضايا تفصيلية في القوانين، هذا التبرير مردود؛ لأن الدستور يجب أن ينص على القواعد والأسس التي تستند إليها القوانين لإلزاميتها وضماناتها ولأهميتها، فالحقوق، مثل: حق الملكية، وحق الانتفاع، وحق حماية البيئة، وحق حماية الموارد الطبيعية، وحق التنمية، وحق العدالة، وحق حماية المواقع الأثرية، وضمان حقوق الأفراد والجماعات، وغيرها، مكانها نصوص الدستور، كما شّدد المشاركون على أن الشعب هو الذي يملك حق وسلطة التشريع عبر ممثليه المنتخبين ديمقراطياً، وأن الواجب العمل من أجل استرداد ولاية الأمر للشعب لإقرار دستور ديمقراطي، وقوانين تراعي مصالح الوطن والمواطن.
3. ناقش المشاركون تجاهل تشريعات الأراضي الاعتراف وضمان حقوق مستخدمي الأراضي التقليديين، وحقهم في التعويض المجزي حال فقدانهم مواردهم الطبيعية، فقد تم إقرار وتطبيق القوانين في ظل تغييب للمواطنين الريفيين، فقد أهملت كل القوانين خاصة قانون 1970م وقانون الاستثمار الذي عدل في عهد النظام الحالي عدة مرات صغار المزارعين وهمشهم، وهذا ما فتح الباب واسعاً لاحتجاجات وتظلمات المتضررين، مما يتطلب ضمان حق المجتمعات المحلية والريفية في الأراضي والموارد الطبيعية، والتعويض المجزي بنص القانون لأنها تشكل مصدر حياتهم.
4. أكد المشاركون أن سيادة الدولة على الأراضي والموارد الطبيعية لا تعني التسلط والاستبداد من خلال قوانين معيبة، وإنما تعني ممارسة هذه السيادة عبر الهياكل والمؤسسات الإدارية والفنية وفقاً للقانون، ولا تخضع للأجندة السياسية ولا للتقديرات الشخصية، وهذا الأمر يتطلب تجميع كل المواد المتعلقة بالأراضي في القوانين في قانون إطاري واحد لاستغلال وملكية وإدارة الاراضي والموارد الطبيعية، وذلك لإزالة التشوهات في القوانين التي أحدثها النظام الحالي، ومعالجة الإشكالات الكثيرة في الأراضي نتيجة الثغرات القانونية، ويعمل علي توفير الظروف المطلوبة للاستثمار والتنمية، وضمان حقوق المواطنين في الانتفاع من الأرض مع ضمان تجددها وحمايتها.
5. استنكر المشاركون انعدام الشفافية في القوانين والتشريعات التي تحكم استخدام الأراضي، وعزى المشاركون ذلك إلى عدم مشاركة أهل الشأن والمصلحة من المواطنين في هذه القوانين، وكذلك إلى غياب المعلومات، وصعوبة الوصول إليها، والتعتيم الكبير حولها، وهذا ما جعل القوانين تفصّل بصورة خاصة؛ لكي تعود بالنفع على عدد محدود جداً، وبسرية تامة، مما شكل بؤرة للفساد في توزيع وتخصيص الأراضي وتمليكها، واستخدامها فقط لمنسوبي النظام.
6. وقف المشاركون على قصور قانون تشجيع الاستثمار لسنة 2013م وعجزه عن جلب المستثمرين، وتناولوا كيفية التعامل مع المستثمرين الذين خصصت لهم مساحات واسعة، وخصوصاً أن الجزء الأكبر منها محجوز وغير مستثمر. هذه العيوب غويرها تعالج بتبني قانون أكثر عدالة وفاعلية يحدد واجبات المستثمرين، ويراعي مصالح السكان المقيمين، ويضمن سلامة البيئة.
7. استعرض المشاركون مشكلات المراعي والنزاعات الخطيرة والمتعددة حولها، والتوسع في الزراعة الآلية على حساب المراعي، والفوضى التي تضرب هذا القطاع نتيجة لعدم الالتزام بفتح مسارات الرعي، والمراحل العرفية، وغياب قانون يضمن حقوق الرعاة، وينظم المراعي، ويوفر بيئة عدلية وقانونية يحتكم إليها الناس بدلاً عن العنف والاقتتال، وهذا ما يتطلب سن قانون يحفظ حقوق الرعاة.
8. تطرق المشاركون إلى مشكلات أراضي مشروع الجزيرة بوصفه أكبر المشروعات المروية، وقد نال حظاً وافراً من التخريب بواسطة النظام الحالي، الذي التف علي حقوق الملكية والإيجار التي أقرها قانون أراضي الجزيرة للعام 1927م. وأكبر مهدد للمشروع قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م الداعي الي خصخصة المشروع، والإخلال بنظام الشراكة المتبعة، وتشريد المزارعين بنزع الأرض دون استشارة أهلها، وبيعها لكل الجنسيات. إن أولى خطوات نزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة هي إلغاء قانون 2005م لصالح قانون أكثر إنصافاً للمزارعين، ومشجعاً للإنتاج الزراعي.
9. أقر المشاركون مكانة القانون العرفي على الرغم من قصوره في فض النزاعات بين الرعاة والمزارعين، وبين السكان الأصليين للأرض والقادمين الجدد بدافع السكن والانتفاع والاستثمار، وعلي الرغم من سيادته وصموده في كثير من المناطق في السودان، الا أنه أصبح في كثيرها غير فاعل في التطبيق للتغيرات الكبيرة التي أحدثتها الحكومة في الإدارة الاهلية الجهة المعنية بتطبيق العرف، وهذا ما يتطلب إعادة تقييم القانون العرفي، وإصلاح الإدارة الأهلية، وبناء قدراتها لكي تضطلع بدورها، مع خلق مواءمة بين القوانين المجازة من الدولة والقانون العرفي المجاز من المجتمع.

ثانياً: السياسات
1. أكد المشاركون الاعتماد على الطاقة البديلة والنظيفة والعضوية وخصوصاً الاعتماد على الطاقة الشمسي، وللسودان إمكانياته في هذا الجانب. مع ضرورة إيقاف بناء السدود لفشل التجارب السابقة، ولمنع تضرر الاهالي نتيجة التهجير القسري الممنوع دولياً إلا بموافقتهم؛ لأن العالم يتجه نحو الطاقة المتجددة.
2. أقر المشاركون أن الاستثمار عقدت عليه آمال كبيرة، وأنه يمثل رافداً إنتاجياً للاقتصاد السوداني، وأن أساس إشكالاته السابقة في تصميمه وتنفيذه بصورة لا تؤدي إلى التنمية، ولا تستهدف بناء قاعدة إنتاجية قادرة علي النمو، وتأمين وتلبية حاجات المواطنين؛ وهذا ما خلق أضراراً بيئية، ونزاعات بين الحكومة والمواطنين، كما أكد المشاركون أن شروط الدخول في اتفاقيات لإنشاء مشروعات استثمارية تتمثل في: ضمان الشفافية المطلوبة، والالتزام بإجراءات حماية البيئة، وإشراك المكونات المجتمعية لا سيما المتأثرين بالمشروع في الاتفاقيات منذ البداية، مع ضمان حقوقهم وفوائدهم وتعويضاتهم. لذلك يتطلب هذا القطاع إصلاحاً جذريا لصالح الاقتصاد الوطني، ولصالح العدالة الاجتماعية. إن تشجيع المستثمرين للإقبال على الاستثمار في أراضي السودان اتجاه صائب، خصوصاً أن كثيراً منهم يجدون في السودان فرصاً لكفالة أمنهم الغذائي.
3. نبه المشاركون إلى أن قضية الأراضي كبيرة جداً، وتهم كل الوطن وأبنائه، ولما كان النظام الحالي هو المسؤول عن الجرائم التي أُرتكتب في حق الارض وسكانها، فهو غير مؤهل لإيجاد حلول لها “فاقد الشيء لا يعطيه”، وعليه، فإن الامر يحتاج إلى مراجعة عميقة لمجمل سياسات النظام التدميرية في مجال الأراضي عبر مؤتمر قومي يضم كل الأحزاب السياسية والمجتمع المدني السوداني؛ لتناول القضية بكل أبعادها بعيداً من سياسات النظام الحالي؛ لإقرار سياسات بديلة في مجال الاراضي.
4. وقف المشاركون على الفساد الكبير في الأراضي الحضرية في المدن خصوصاً أراضي ولاية الخرطوم، وما جرى في هذا المجال من فوضى عارمة، وتلاعب بالأراضي الحضرية من بيع للميادين العامة وهدم الكنائس، وهذا أضاع كثيراً من مصالح المواطنين، وأدى إلى ثراء المحاسيب على نطاق واسع، وجعل من عقارات الخرطوم الأغلى سعراً علي نطاق العالم، على الرغم من ضعف الخدمات الضرورية، وهذا يتطلب تبادل المعلومات، وتنسيق الجهود المؤسسية؛ لكشف حجم الفساد الذي حدث، وإعداد سياسة عامة للأراضي الحضرية تمثل محور التوعية المجتمعية لحماية الأراضي من النهب والبيع.
5. أكد المشاركون أن أراضي المشروعات المطرية الآلية هي الأكبر حجماً، ولكن حدث فيها إهمال في تطبيق الضوابط المطلوبة، وأهملت الدورات، ومصدات الرياح، والأخطر أن التمويل ارتبط بالبنك الزراعي الذي جعلته صيغة السلم، وهي أصلاً صيغة للتعامل التجاري، وهذا ما ولّد إحساساً لدى سكان المناطق المعنية بالحرمان، مما يوجب مراعاة ذلك بنوع من المشاركة والالتزام برعاية اجتماعية.
6. أقر المشاركون ما تعانيه أراضي الزراعة المطرية التقليدية من إهمال تام، وهذا يتطلب برنامجاً يساعد على التمويل؛ لأن المزارعين الآن ضحايا “الشيل” وهو أسوأ أنواع الربا. ويتطلب كذلك دعماً لمدخلات الإنتاج، مثل البذور المحسنة، وسائر مدخلات الإنتاج.
7. تناول المشاركون حجم الظلم والإشكالات التي تواجه القطاع الرعوي بعد الاستماع إلى إفادة حول أوضاع المراعي في السودان، واستغرب المشاركون من التهميش المتعمد لهذا القطاع، على الرغم من دوره الاقتصادي والاجتماعي الكبير، وأكدوا حق الرعاة في مساراتهم السنوية، وتنمية هذه المسارات بالخدمات الضرورية، والعلاج البيطري، والتسويق الذي يختصر المسافة بين المنتج والمستهلك.
8. نظر المشاركون إلى انحسار الأراضي الغابية، وما تعانيه من الزحف الصحراوي، والاحتطاب الجائر، وأهمية الاستفادة من الدعم الدولي الذي أُقر مبدأً للعدالة المناخية، والذي تلزم الدول الملوثة بمبالغ تعويض للضحايا، وضرورة توظيف مثل هذه المبالغ في دعم الغطاء الغابي، وفي استغلال الطاقة الشمسية.
9. أكد المشاركون أن المعالجة العاجلة لمشكلات الأراضي في مشروع الجزيرة هي أن تقوم الدولة بدورها بوصفها مالكة وراعية للمشروع، والبعد عن تسييس قضاياه، وعدم تجييرها لخدمة أجندة حزبية، وتحمل مسؤوليتها في إدارة المشروع، وأخذ مصالح المقيمين في الكنابي في عملية تأهيل المشروع بوصفهم مواطنين، وأن العدالة تقضي دخولهم في علاقات الإنتاج، وأن يتم إشراك المزارعين ملاكاً وغير ملاك في إيجاد حلول لقضايا الأرض عبر ممثليهم الحقيقين الذين يجري اختيارهم ديمقراطياً.
10. تطرق المشاركون إلى سياسات النظام الحالي في المشروعات الزراعية في النيل الأزرق والنيل الأبيض التي كانت قد بدأت تأخذ شكلاً تعاونياً في العهد الديمقراطي، وأوقف النظام هذا الاتجاه، وأهمل تلك السياسات تماماً، وسمح لبعضها أن يعمل كأنشطة رأسمالية، كما أجهض النظام نواة مشروع العمل الجماعي التعاوني في الجزيرة أبا، وأمموا الجزيرة أبا لتصبح ملكاً للبيروقراطية الحاكمة لتبيع الأرض لرأسماليين، وتمول عجزها المالي، وتتصرف في أرضها لصالح ميزانيتها التي تقررها بلا مشاركة ولا مساءلة. وهذا الامر يستدعي دعم الاتجاهات التعاونية والجماعية؛ بما يحقق التنمية الريفية.

ثالثاً: الإستراتيجيات
1. أشار المشاركون بوضوح إلى عدم وجود رؤية قومية طويلة المدى متفق عليها في كل القطاعات الزراعية، والرعوية، والحضرية لنظم قطاع الأراضي، وهذا ما تسبب في الفوضى والفساد الذي ضرب هذا القطاع، وأثر في الأمن والاستقرار في السودان.
2. أوصى المشاركون بضرورة إعداد إستراتيجية شاملة للأراضي في السودان؛ لتقوم بإصلاح جذري لقطاع الأراضي، وذلك عبر تكييف جذري يعالج المشكلات المزمنة كافة، ومن شأن هذه الإستراتيجية تحقيق توازن تنمية القطاعات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والعمرانية، مع وضع خطط تفصيلية حول نظم ملكية الأرض، وأخرى حول استخدامات الأرض حسب سعتها الإنتاجية.
3. أكد المشاركون ضرورة إيقاف بناء السدود، وإعادة وحدة تنفيذ السدود لوزارة الري والمياه، ومنع إقامة أي سد أو خزان علي مجاري المياه والخيران؛ حتى لا يتضرر المواطنين في هذه المناطق.
4. لاحظ المشاركون الاستغلال غير المرشد للمياه الجوفية في المشروعات الزراعية والصناعية، والتلوث، والاستنزاف، وأكدوا المحافظة عليها، ووضع برنامج يحدد الاستخدام الأمثل للمياه الجوفية.
5. نادي المشاركون بضرورة حفز وتشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية التي من شانها تخفيض مستويات الفقر، وخلق فرص عمل، وتطوير البنية التحتية، وإلزامية القيام بدراسات تقييم الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي.
6. نّدد المشاركون بما تعرضت له الارض والبيئة والموارد الطبيعية من أضرار بالغة بسبب الحروب والنزاعات في السودان، وما أسهمت فيه من إفقار ونزوح ونهب وحرق للقرى والمراعي والغابات، وهذا ما يتناقض مع القانون الدولي الذي يدعو إلى حماية البيئة من الانتهاكات.
7. تطرق المشاركون إلى أراضي الحدود السودان والإشكالات المتصاعدة مع دول الجوار حولها، وعجز النظام عن حلها بصورة سلمية تحفظ التراب السوداني، وأكدوا أهمية صياغة رؤية قومية حول هذه القضايا؛ لتشكل موقفاً موحداً للجبهة الداخلية، حتي لا تخضع للمزايدات والتكتيكات السياسية، التي قد تضر بمصالح الوطن والمواطن.
8. ناقش المشاركون قضية عودة أعداد كبيرة من الرعاة من جنوب السودان بعد الانفصال إلى مناطقهم وأراضيهم القديمة، التي وُجد فيها سكان آخرون، مما خلق صراعات تمثل مصدر قلق، وهذا الأمر يستدعي خطة تدخل مدروسة لمعالجة هذه الأوضاع بصورة جذرية؛ تفادياً لأي احتكاكات محتملة.
9. أشاد المشاركون باهتمام الحزب بقضايا الأراضي، وأن هذه الخطوة يجب أن تتبعها خطوات أخري تفصيلية تتعلق بأراضي الحدود، وتوطين الاجانب، ومهددات الامن القومي بشقيه الداخلي والخارجي، وذلك لوضع إستراتيجية في هذا المجال تتجاوز فشل النظام في المحافظة علي الأمن القومي السوداني.

رابعاً: الآليات
1. يرى المشاركون أن الأراضي قضية قومية عليا تتطلب في مجالاتها كافة تشخيص المأساة في أبعادها المختلفة، عن طريق مجلس قومي مؤهل يكتب ورقة بيضاء حول الأراضي، ويقترح قانوناً جامعاً للأراضي يحدد الإصلاح الإداري المطلوب، ويضع المقاييس المطلوبة للعدالة الاجتماعية، ويوزع الصلاحيات بين المركز والولايات، وأهم من ذلك كله يوجب أن تخضع سياسة الأراضي للمشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة حكم القانون.
2. دعا المشاركون إلى إنشاء مفوضية قومية للأراضي مستقلة وحيادية، لها أذرع في الولايات، وعضويتها تعبر عن المكونات الاجتماعية، ويكون مرجعيتها قانون الأراضي المقترح أعلاه، وتكون ذات طبيعة إجرائية فنية تنفذ القانون، وتخضع للمجلس القومي للأراضي.
3. أوصى المشاركون بالإسراع في تكوين لجنة فنية لوضع قانون ظل للأراضي يعالج مشكلات الأراضي المتصاعدة والمعقدة، التي تهدد الأمن القومي، وتنسف الاستقرار، وذلك بحسبان أن كثيراً من القبائل أصبحت تمتلك سلاحاً وإدارات وأراضي باسمها، أي إنها تملك مقومات الدولة المنفصلة في ظل غياب وتقاعس الحكومة بواجبها تجاه الدولة الموحدة التي يجد أي مواطن نفسه فيها، قانون الظل من شأنه أن يمهد لخلق عقد اجتماعي جديد يوفر ضمان الحقوق في الوطن الواحد.
4. طالب المشاركون بتفعيل مؤسسات البحث العلمي في الجامعات والمراكز المتخصصة لإجراء الدراسات والبحوث حول قضايا الأراضي المتعددة؛ لوضع المعالجات التخطيطية والفنية اللازمة، وذلك لسد النقص الهائل في الدراسات الفنية والاقتصادية.
5. أشار المشاركون إلى أن عدم حسم قضايا الأراضي وملكيتها خصوصاً مشكلات الحواكير خلقت نزاعات واضطرابات تهدد النسيج الاجتماعي، وهذا الأمر يتطلب إجراء مصالحات قبلية، وإعادة بناء العلاقات الاجتماعية على أسس تراعي الاعتراف بحق القبائل في الانتفاع بأرضها، وتقنين الحيازات التقليدية في الحواكير والدار والمجالس.
6. أكد المشاركون وجود ضعف في الجهات والمؤسسات المشرفة على الأراضي وانعدام التنسيق بين المركز والولايات، وغموض المسؤوليات والواجبات، التي تتعلق بالوزارات واللجان والمجالس والإدارات أهلية، مع ضعف الجهات القضائية والعدلية، مما أدى إلى تضارب القرارات والإجراءات، وضياع الحقوق، وخلق النزاعات، وهذا الامر يتطلب تغييراً جذرياً للآليات المعطوبة، واستبدال كفاءات وخبرات بها، والاستعانة بمهنيين يدركون طبيعة الأراضي في المناطق المعنية.
7. نادي المشاركون بتبني حملة واسعة لحماية أراضي السودان من بيعها إلى الأجانب، على أن تستهدف الحملة الأسرة الدولية والمؤسسات الاقتصادية العالمية، وتوضح أن النظام الحالي فاقد الشرعية، وان قراراته واتفاقياته لا تعني الشعب السوداني، وأن أي عملية شراء هي بمنزلة إضاعة للأموال، ودعم لعمليات فساد النظام.
8. دعا المشاركون إلى ضرورة مواصلة الجهود في بحث قضايا الأراضي، وتنسيقها لتشكيل رأي عام داعم لأجندة إصلاح نظام الأراضي، وابتدار عملية تنويرية وتثقيفية بأهمية وخطورة قضايا الأرض، وفي هذا الصدد فإن طباعة أوراق عمل هذه الورشة والمداخلات والتعليقات سيسهم في دعم هذه الحركة التنويرية حول الأراضي.

التعليقات مغلقة.