(٩٠) يوماً.. ثورة على (نار هادئة)

(٩٠) يوماً.. ثورة على (نار هادئة)
  • 12 مارس 2019
  • لا توجد تعليقات

خالد عويس

– في الغد، ١٢ مارس ٢٠١٩، يكمل السودانيون (٩٠) يوما على انطلاق ثورتهم
– السودانيون الذين أسقطوا – سلما – نظامين ديكتاتوريين في ٦٤ و٨٥ (تنضج) ثورتهم هذه المرة على مهل. يدركون تماماً أنهم يواجهون نظاما مختلفا عن أي نظام في العالم، ومن بين الأكثر قمعا وعنفا وتعطشا للدم. هم جروه من (قرنيه) لحلبة لا يجيدها البتة: السلمية و(سباق المسافات الطويلة)، العبرة ليست بتظاهر ٦ ملايين في الخرطوم، وإنما (الاستمرارية) التي تجعل النظام يركع، تعبا وعنتا وقلة حيلة
– والجزائر الجميلة، جزائر الثورة والشهداء، جزائر (جميلة) و(عبدالقادر الجزائري) تهدي الشعب السوداني (دفعة) عظيمة. انتصار أي ثائر توّاق للحرية حول العالم (يغري) و(يلهم) توّاق آخر للانعتاق في أبعد نقطة. كل ثورة في العالم فيها قبس من (المهدي) و(هوشي منة) و(مانديلا) و(لومببا) و(جميلة) و(أبو عمار) و(فولتير) و(الباستيل) و(البوعزيزي) و(ليخ فاليسا) وثوار رومانيا ضد (تشاوشيسكو). فيها نور من (سلفادور الليندي) و(جان دارك) و(بوب مارلي) و(القلب الشجاع – Brave heart) و(خالد سعيد). فيها من (الجزيرة أبا) و(الفزي وزي) و(ليوبولد سنغور) و(الشيخ إمام) و(عبدالمجيد إمام) و(غارسيا لوركا) وثوار الفلبين ضد (ماركوس) و(جون قرنق). 
– والسودان يستلهم كل ذلك، ويزيد: إنها ثورة في (الوعي): الوعي بحقوق المرأة وذوي الهمم. الوعي بالواجبات تجاه الوطن. الوعي بدور العدالة. الوعي بالسلمية. الوعي بالتنوع والتعدد واحترام الآخر. الوعي بالتاريخ والتشبث بحلم المستقبل
– والسودانيون (يطبخون) كل ذلك بأناة وصبر. ينوعون أساليب مقاومتهم. 
– البرلمان (يبصم) على الطوارىء التي تصبح (لعنة) على قضاتها، جالبة لذاكرة الوطن عهد قضاة الطغيان: المهلاوي والمكاشفي. وبيوت بعض القضاة تتلون حيطانها بشعارات الثورة. وبيوت بعض ضباط الأمن يصبغ جدرانها الثوار بشعارات الحرية. 
– الاستمرارية – لا الأعداد – هي المحك
– السودانيون يبدعون ثورتهم ويؤمنون إيمانا تاما بانتصارهم في نهاية المطاف، وبشكل سلمي
– شيخ أنصاري يُعتقل، ويسأله (قاضي الطوارىء): إلي أين كنت تتجه؟ فيجيب: بحثا عن الحرية. محامون ومحاميات يتنقلون من موقع لآخر انتصارا لضمائرهم ضد محاكم (العدالة الناجزة)
– ضد المهلاوي والمكاشفي !
– ضباط الجيش المحالون للتقاعد يصبحون أبطالا بنظر الناس في كل مكان. شرفاء الشرطة الذين حوكموا يضحون (أيقونات). القضاة الذين تم إيقافهم عن العمل يمسون في قلوب الملايين. 
– والثورة (تنتصر). تنتصر وهي تطوي (٣) أشهر كاملة، وتدخل شهرها الرابع. والنظام هو من يصرخ من الألم، لا الثوار، رغم كل الدماء والعسف. الثوار يتحدون – بالهتاف – الطوارىء حتى داخل المحاكم
– في اليوم (٨٨) تتلألأ أمدرمان كنجمة في الفضاء. تغسل قدميها بمياه النهر المقدس. تسفر عن حسنها الكامل. لا تخطىء مواعيدها أبدا، كما هو شأن كل مدننا منذ ٨٨ يوما. ليست أمدرمان وحدها، أحياء عدة، ومدن تخرج في وجه (الطوارىء).
– ٨٩ يوما والسودانيات والسودانيون لا يكلون ولا يملون، والهدف واحد: حرية تامة (هي المرام).
– وهم يبدعون (المستقبل)، الكلمة السحرية التي تجعل الحلم الوطني ممكنا يكاد كل واحد منا يمسه بكفه. 
– قوى إعلان الحرية والتغيير (تتجلى) حين تخصص يوما للنظافة والإصحاح البيئي، والشعب يستجيب، يستجيب لأنه (يحلم)، ويبدو الحلم أقرب من تصوراتنا.
– وما يحدث يشبه قصيدة يكتبها (إدريس جمّاع) على شط شمبات، أو (حميد) على مشارف صحراء بيوضة. قصيدة بيد (محمد المكي) وهو يتغنى: جيل العطاء المستجيش ضراوة ومصادمة
– و .. (٩٠) يوما نكملها غداً، ثلاثة أشهر من الدم والعنف والأكاذيب والحيل والتهديد والوعيد في مقابل سلمية مدهشة فعلا
– صحف العالم، أشهرها وأكبرها وأعظمها (تتغنى) بالثورة السودانية وسلميتها و(عبقريتها)
– ممثلو النظام في الفضائيات منهزمون ومنكسرون. والنظام مهزوم للغاية في كل منصات وسائل التواصل الاجتماعي
– في كل فجر جديد النظام يتراجع والثوار يتقدمون – على مهل -، يحدث تراجع هنا فيغطيه تقدم هناك. يجري تقدم هنا وتراجع هناك، إنها معركة (النفس الطويل)
– والسودانيون أصبحوا يضبطون ساعاتهم على مواعيد (زغاريد) الثورة. الواحدة تعني الواحدة
– والنظافة، نظافة الشوارع يخرج لها حتى الأطفال
– ومثل طباعنا تمضي الثورة في مسارها بصبر عظيم، ودوس على الجراح
– والسودان – لا شك – منتصر في النهاية. دون استعجال للنتائج، ولا استباق للأحداث، 
– الاستمرارية هي العنوان الأبرز، لا الأعداد، تنقص أو تزيد، فهذا هو الإرهاق الذي تخشاه (الأجهزة)
– وكل الوطن يشتعل رغبة في الحرية. وما من (حلول) ترضي الثوار سوى حرية تامة غير منقوصة
حواشي:
= أعزي الأشقاء في إثيوبيا في ضحايا الطائرة المنكوبة وأتمنى كل الخير لهذا البلد العظيم
= وأهنىء الجزائريين بانتصارهم في هذه الليلة، تحية من القلب لهذا الشعب الذي يتشابه معنا في أمور عدة، وأولها: الكرامة حتى ولو على الدماء
= لعمنا (الأنصاري)، صاحب العصا والسكين والسيف الذي رد بكل جسارة على قاضي الطوارىء: ذاهب إلى حيث الحرية: أنت تاج على رأسنا، و(أنتم) ملح هذه الأرض وجمالها وعنفوانها
= ولجيلي الذي أعرف ويعرفوني على مدى أكثر من ربع قرن من النضال المشترك في كل الجامعات: نفعل كما فعلنا دائماً، وحدة قوية، و(اختصار) للطريق. أنتم مؤهلون تماماً بخبراتكم، والجيل الذي سبقكم، والأجيال التي تلتكم – بخبراتكم – لقلب المعادلة رأسا على عقب
= ولهذا الجيل الجديد في الشارع: لكأنما محمد المكي إبراهيم، شاعرنا العظيم كتب فيكم أنتم (جيل العطاء)
= وأخيرا .. للأميرات والأحباب اللواتي والذين عرفوني على مدى كل هذه السنوات: تعلمن وتعلمون ما يتوجب علينا فعله دون كلام. الخطط (البديلة) كما كان في (العهد الذهبي) ولا أزيد.


الوسوم خالد-عويس

التعليقات مغلقة.