“سوا” الدوحة تحتفي بالمدنية

“سوا” الدوحة تحتفي بالمدنية
  • 25 سبتمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

عواطف عبداللطيف

في أمسية باهية ملونة بكل الأمنيات الطيبات لمعافاة الوطن وليبرد حشا الامهات اللائي فقدن شهداء ستلوح وجوههم كلما كان الوطن حاضراً بأيادي شبابه وكنداكاته وشيبه وأكباده وتضحياتهم. نيف وثلاثون عاماً يصارع لانطلاقته لباحات المدنية، وحكم الديمقراطية التي أشرعت أجنحتها لآفاق التنمية المستدامة والعمار، وبكل التفاؤل والحميمية والبشريات الصالحات أقامت رابطة المرأة السودانية بقطر ” سوا ” حفلاً غنائياً أحياه المغني هشام درماس بأحد فنادق وسط الدوحة الأنيقة.

فبعد إجازة الصيف وما يشبه عودة الروح النابضة بالحيوية وإشراقات الثورة التي اقتلعت نظام مقطوع الطاريء غني درماس “يا وطناً تسامى”، و”أنا سوداني أنا” التي كتبها الشاعر محمد عثمان عبدالرحيم، حيث أطلت القصيدة وهي تمتليء بمفردات عميقة المعنى، قوية الطرح، تلهم الروح الوطنية وتحرك مكامنها بلحن حسن خليفة العطبراوي، وبصوته الواضح المعالم والمتمدد عشقاً لتراب هذا الوطن:

كل أجزائه لنا وطنٌ..

إذ نباهي به ونفتتنُ

نتغني بحسنه ابداً..

دونه لا يروقنا حسنُ

لو هجرناه فالقلوب به ..

ولها في ربوعه سكن ُ

نتملى جماله لنرى..

هل لترفيهِ عيشه ثمنُ

غير هذي الدماءِ نبذلها..

كالفدائي حين يُمتَحنُ

ولصمود الخرطوم وإنسانها، وللسودان بأطرافه وبواديه وثرواته وصحاريه ونيله وشمسه وإنسانه الصنديد الصمود عند الشدائد تدفقت أغنية المبدع محمد وردي التي نسج كلماتها الشاعر الكبير محمد الفيتوري “أصبح الصبح”:

أبداً ما هُنت يا سوداننَا يوماً علينا ..

بالذي أصبح شمساً في يدينا ..

وغناءً عاطراً تعدو به الريح …

فتختال الهوينا يابلادي..

من كل قلب يابلادي..

فحركت مكامن العشق والوله، ولم يتمالك الحضور المعطر بالصندل والياقوت فوقفنا وتراصينا نتمايل ونلوحنا بعلامة النصر، وكثيرات غالبتهن الدموع حينما استدعي المغني هشام اغنية عثمان الشفيع كلمات ود القرشي التي عرفت بانها الاغنية الاكثر شهرة ضد المستعمر الانجليزي الذي غادر قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، وقبل ان توجع حكومة مقطوع الطاريء مفاصل الوطن وما زال سحرها يحرك نبض الحب والعشق:

“وطن الجدود .. نفديك بالأرواح نجود .. وطني”

ورابطة سوا هي إحدى أنشط المجموعات الطوعية السودانية النسائية بالدوحة، وظلت منذ اشهارها تستهدف شرائح المغتربات بكل أعمارهن ومقدراتهن، ونجحت في تأهيل كثيرات لاستثمار أوقاتهن في دورات تعلم اللغات وتكنولوجيا المعلومات والفنون، وعقدت جملة من الندوات التوعوية الرصينة والفعاليات الثقافية الإبداعية وظلت تمثل الجسم الاكثر حراكاً ووعياً بأهمية التنمية البشرية، وكانت سبباً لدخول كثيرات سوق العمل التجاري باستنهاضها لهمة الأسر المتعففة، ولأجل أن يكون العنصر النسائي كادراً ناشطاً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً يبدد شجون البعاد عن الوطن الذي كان جريحاً وطارداً؛ لتحولها إلى إيجابيات مستفيدة من الظروف المهيأة بدولة قطر، وكل من يقيم بأرضها.

وقامت “سوا” بمبادرة من مجموعة من الناشطات الحريصات على مصلحة المرأة المقيمة، وتم إطلاق مشروعها في عام 2006م، وكان من أهدافها مساعدة العنصر النسائي من خلال رفع مستوى الوعي لديهن، بالتدريب والتطوير في مختلف المجالات حتى تتمكن من تحقيق أهدافها التي تسعى إليها في الحياة ووسط أسرتها ومحيطها وسط الجاليات الاخرى.

وعلي شرف الفعالية التي اقيمت امسية الخميس ١٧ سبتمبر الجاري للاحتفاء بمبشرات الثورة السودانية وتوطين شعاراتها (حرية سلام وعدالة) تم تقديم هدية رمزية للعضو ليلي صلاح التي ستغادر الدوحة مع أمنيات بالتوفيق في مسارها المستقبلي.

 وجاء الحفل استجماماً علي شموع المدنية، وسانحة لانطلاقة أكثر رسوخاً لرابطة “سوا”، وهي تترسم خطوات مدروسة بعناية لتكون أكثر عمقاً وتأثيراً مستدعية خبراتها التراكمية وسط المستفيدات من برامجها، وفرصة لتنظيم صفوفها وتحديد أهدافها وتنقيح إنجازاتها وتجاوز إخفاقاتها.

 وكانت حضوراً فاعلاً الأخت الفاضلة محاسن عابدين، التي رشح اسمها ضمن مرشحي منصب والي الخرطوم، والذي تدعمه بعض الناشطات اللائي ظللنا يحملن الوطن في حدقات عيونهن ولم تقلل إرهاقات الاغتراب وهموم تعليم وتربية الأبناء من تقديم خبراتهن للمولود (مدنية) الذي تغذى برحيق كنداكات السودان والشامخات بكل دول المهجر .

يتوقع كثيرون ان تكون اتطلاقة “سوا” في نسختها القادمة أكثر تفاعلاً ونشاطاً تدرس خطواتها، وتترفع عن الشخصنة، وترسخ لبناء القدرات، مستفيدة من علاقات متاحة ومهيأة لكل عمل راشد تدعمه دولة المقر قطر، التي ظلت تشجع وتدعم كل المقيمين على أرض دوحة الخير لنيل أسباب الاستقرار والدعة، وأن يكونوا أعضاء في نهضة واستدامة تنموية تتكامل فصولها علماً وعملاً.

 شكرا للجنة المنظمة وللمايسترو د. منار حسن التي جعلت من تلك السويعات بشريات لمدنية كاملة النضج تضيء مسارات الكنداكات لتشرق أنوار الوطن الذي يتدافع الجميع لنهضته وكمال مصفوفته كدولة للحداثة والمواطنة الحرة والقانون النزيه، وتغنوا له برحيق كلمات الشاعر الحسين الحسن للمبدع عبدالكريم الكابلي “القومة ليك يا وطن “.

عواطف عبداللطيف

Awatifderar1@gmail.com

اعلامية وناشطة اجتماعية مقيمة بقطر

التعليقات مغلقة.