الزحف الاخضر فضيحة الإسلاميين الكبرى

الزحف الاخضر فضيحة الإسلاميين الكبرى
  • 14 ديسمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

خرجت اليوم مسيرة الزحف الاخضر في وقت باكر جدا ، أعادت للأذهان ذكرى مسيرات نظام المخلوع عمر البشير و التي تخرج صباحا باكرا من أجل حشد طلاب المدارس و الموظفين بالإكراه . سبق المسيرة حدثان مهمان ، الاول اعتداء نجل الدكتور حسن الترابي بالامس على المحامي و الناشط الحقوقي عبدالعظيم حسن عقب صلاة الجمعة مما أسال دمه ، في رسالة بربرية توضح ان حتى أسرة زعيم الداعين لهذه المسيرة لا تتورع عن الاعتداء على الآخرين حتى و لو داخل مساجد الله التي ما جعلت الا ملاذا آمنا و سلاما . و الحدث الثاني تراجع حزب المؤتمر الشعبي عن عدم دعمه للمسيرة و إصدار بيان مشاركة فيها ، معللا ذلك باعتقال احد قادته و هو ابراهيم السنوسي ، و منع نشاط طلاب حزب المؤتمر الشعبي في احدي الجامعات ، و هي أسباب فطيرة ، إذ لم يخرج المؤتمر الشعبي في مسيرة ضد اعتقال أمينه العام علي الحاج نفسه فكيف يخرج في مسيرة من أجل اعتقال ابراهيم السنوسي !!

تراجع المؤتمر الشعبي عن عدم المشاركة في المسيرة غالب الظن انها لم تنتج عن هذه الأسباب الساذجة، و إنما نتجت عن معلومات بأن الحشد سيكون كبيرا ، و من أين ستأتي هذه المعلومات ان لم تكن من كوادر حزب المؤتمر الوطني ؟ فكادر المؤتمر الشعبي الناجي عبدالله ظهر يدعو لهذه المسيرة في فيديو مع أنس عمر عضو حزب المؤتمر الوطني و والي احدي ولايات دارفور إبان حكم الرئيس المخلوع . و هذا الفيديو الذي جمع الشعبي و الوطني في جلسة انسجام و ود أعاد لذاكرة الشعب السوداني صحة الحديث الذي دار عن ان المفاصلة التي حدثت بين الشعبى و الوطني إنما هي محرد مسرحية هزلية للضحك على الشعب السوداني تشبه مسرحية اذهب للقصر رئيسا و ساذهب للسجن حبيسا التي طبقها البشير و الترابي لحظة الانقلاب .

ظهور فيديو الناجي عبدالله و أنس عمر ، سرب حقيقة أن التنسيق يجري على قدم و ساق بين طرفي الحركة الإسلامية لهذا الحشد ، و حيث ان المؤتمر الوطني قد سقط حديثا من السلطة و مازال يمتلك الأموال المنهوبة من الدولة التي لم تصادرها حكومة الثورة حتى هذه اللحظة ، و حيث ان هذه الأموال بعد سقوط النظام لم تترك في المؤسسات و لا في البنوك و لا تركت في شكل سيارات و لا عقارات ، و إنما خزنت بعيدا في شكل سيولة لدى كوادر المؤتمر الوطني ، فقد استفيد منها هذه الايام في دعم هذه المسيرة بالمال من أجل حشد الناس عبر تجهيز البصات و الحافلات و نقلهم من مختلف أنحاء السودان بجانب توفير نثريات للحضور و أماكن إقامة و وجبات ، و هي بكل تاكيد مبالغ طائلة فاقت عشرات المليارات من الجنيهات( بالقديم ) ، و هذه المعلومات هي التي ربما وردت للمؤتمر الشعبي من صنوه المؤتمر الوطني ، و لما اطمئن لها المؤتمر الشعبي تراجع و دعم المسيرة تحت أسباب ساذجة لم تستطع أن تغطي عورة التخطيط المشترك لأطراف مسرحية المفاصلة .

بعد مليونية ٣٠ يونيو التي أقصتهم تماما من الصورة كنتيجة منطقية لتقاربهم مع المجلس العسكري بعد فض الاعتصام و وقوفهم ضد الثوار و ضد قوى اعلان الحرية و التغيير، قصد الاسلاميون بهذه المسيرة ان يعودوا مجددا لواجهة الفعل السياسي في البلاد ، و لكن حشدهم الذي أنفقوا عليه المليارات لم يكن كافيا بكل تأكيد لرفعهم لدرجة العودة للساحة من الباب الكبير ، فبالمقارنة البسيطة بين حشود مليونية ٣٠ يونيو و حشود مسيرة الزحف الاخضر يتضح بالفعل حجم الفشل الذي منيت به مسيرة الزحف الاخضر ، هذا غير ان الواقع السياسي في البلاد اصبح محصنا بوثيقة دستورية و حكومة انتقالية مكونة بالكامل في مستواها الاتحادي.

في الوقت الحاضر لا يمكن للإسلاميين ان يعودوا مجددا للواجهة بذات خطابهم القديم الذي رددوه في مسيرة الزحف الاخضر اليوم و المنادي بحماية الدين ، فالشعب السوداني يعلم يقينا أن أكثر السودانيين بعدا عن الدين هم الإسلاميين الذين حكموا هذه البلاد ثلاثين عاما و لم يمنعهم دينهم من قتل الابرياء و سرقة المال العام و المحسوبية و الكذب و الزنا في نهار رمضان ، و لهذا فالإسلاميين مطالبين بتجديد خطابهم المتهالك هذا ، و الاعتذار للشعب السوداني بوضوح و صراحة و طلب الصفح و الغفران، أما الاستمرار بهذه الطريقة الصادمة لحقائق الواقع فهي لن تقودهم الا إلى مصارعة الشعب و السلطة ، و هذا لن يجر عليهم سوى السجون و الإعدامات و لن يبكي عليهم يومها احدا و لن يتذكرهم احد .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.