نحو الغد-هل سمعتم بالعلمانية الإسلامية؟؟

نحو الغد-هل سمعتم بالعلمانية الإسلامية؟؟
  • 29 ديسمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

محمد عبدالله أحمد




إجتهد بعض المفتونين بالعلمانية ، الذين يصرون على تطبيقها في السودان ، وبعد إقتناعهم بأن المجتمع السودانى يختلف عن كثيراً عن بقية المجتمعات وله خصوصيات غير موجودة في اى مجتمع آخر ، فلجأوا الى قاسم مشترك مع جماعات الإسلام السياسى التى تستخدم الدين مطيةَ لتبرير سياساتها من زاوية تأصيلية مستمدة من الدين الإسلام بإستلافهم نصوص مبتزلة من القرآن الكريم والسنة النبوية لإيهام الناس بأن الدين الإسلامى لايتعارض مع العلمانية بل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان علمانياً في تعاملاته مع الآخر المتخلف دينياً و ثقافياً… ،

ودائما مايستشهدون بصلح الحديبية وموافقة الرسول صلى الله عليه وسلم على طلب سُهيل بن عمر بحذف كلمة بسم الله الرحمن الرحيم وكتابة بسمك اللهُمَ في الوثيقة معتبرين أن ذلك هو العلمانية ، في محاولة تزويرية مكتملة الأركان ومحاولة لتطبيق العلمانية بأثر رجعى لأن الدين الإسلامى وتلك الحادثة سابقة للعلمانية بأكثر من أحد عشر قرناً من الزمان أى أن وقتها لا أحد يعرف العلمانية أو يتحدث بها أصلاً لذلك لايمكن أن تنطبق عليهم بأثر رجعى بعد مرور كل ذلك الزمن لنصفهم بالعلمانيين جُزافاً ، وكذلك محاولتهم الإستدلال بمقولة الشيخ ابن تيمية رحمه الله (إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة )، وعدد من النصوص التى تم حشوها بغرض محاولة إقناع الناس إستعطافاً بالتأصيل للعلمانية ولم يتبغى لهم الإ أن يسمونها ب(العلمانية الإسلامية ) ،

وهذا يذكرنى بحوارات الدكتور خالد محى الدين ووالدكتور مصطفى محمود التى سطرها في كتابه (لماذا رفضت الماركسية)، وسجالهم خاصة في ما أسماه البعض ب(الماركسية الإسلامية) التى سخر منها كثيراَ محاولتة منهم بأن الماركسية لاتتعارض مع الإسلام .


لم يُغادر دُعاة العلمانية تلك المحطة كثيراً وهم يتمسكون ببرامج أكل عليها الدهر وشرب لم يستطيعون إقناع أنفسهم بها ناهيك عن الآخرين ولا أدرى ما السبب فتارة يقولون أنها الأصلح لحل مشاكل السودان وعندما أسقطها الشعب عبر ثورته وإختار الدولة المدنية لجأوا الى حيلة أخرى وهى الغاء الشريعة الإسلامية والتى لم يحكم بها الكيزان والأنظمة السابقة لهم طيلة الفترات السابقة ، لذلك فإنها لم تكن موجودة أصلا حتى يتم الغاؤها وعندما طالب البعض بضرورة طرح العلمانية على الشعب السودان في إستفتاء ليختارها أو يرفضها تحجج العلمانيين بأن أغلبية الشعب السودانى مُسلم وسيرفض العلمانية مما سينتهك حقوق سكان المنطقتين (جبال النوبة والنيل الأزرق ) ، لذلك لابد من منحهم حق تقرير المصير كأننا في القرن السابع عشر في لحظة الصراع بين الكنيسة ورجال الدين والمجتمع والمثقفين من ناحية أخرى مما أدى لظهور العلمانية في أروبا والتى تختلف الظروف التى أوجدتها عن السودان كثيراً .


سبق وأن تنازل دُعاة العلمانية عنها في أكثر من منبرتفاوضى ، حينما تنازلت الحركة الشعبية قطاع الشمال بجناحيها بقيادة عبدالعزيز ادم الحلو ومالك عقار إبان إتفاقية نيفاشا مع المؤتمر الوطنى 2005م وتنازلت حركة مناوى عنها في إتفاقية أبوجا والدوحة التى جاءت بمناوى كبير مساعدى المحلوع (البشير) وتنازلت الحركات المسلحة مرة أخرى بما فيهم عبدالواحد في إعلان باريس ، لذا فإن الأصووات التى ترتفع الآن لاتعدو كونها من مزايدة سياسية وليس إلا، فطالما تنازلت عن برنامج في أوقات سابقة فبإمكانك أن تتنازل عنه مرة أخرى لصالح الدولة المدنية .


السودان بلد متعدد الثقافات والأعراق ولأديان ينبغى أن تكون مصادر التشريع فيه مستمدة من العادات والأعراف والأديان على مستوى الأقاليم مع الإحتفاظ بخصوصية كل منطقة وخاصة المنطقتين في إطار الفدرالية اللامركزية التى تجعلهم أسياد أنفسهم في مناطقهم وشركاء مع الآخرين مركزياَ .


من حق أى جهة أن تبشر بما تريد من برامج سياسية ولكن نقاط الخلاف ينبغى أن يتم حسمها بأمر الشعب السودانى إن لم يحدث فيها توافق في المؤتمر القومى الدستورى .


Mohammedabdellah931@gmail.com

التعليقات مغلقة.