الطريق لنهضة الامة

الطريق لنهضة الامة
  • 08 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

لفترة ليست بالقليلة تعيش الامة المسلمة في وضع مازوم تمخض عن صعود نجم المتسلطين باسم الدين (داعش و الحركات الاسلامية الانقلابية) ، و اندثار قيم الحق و العدل و الحرية و تفشي قيم الفساد و الظلم و المحسوبية .

هذه الازمة جاءت في عصر التكنولوجيا حيث اطلع الاعداء و الاصدقاء معا على حال الامة و ازمتها فكانت النتائج هي تشوه صورة الاسلام عند غير المسلمين و اهتزاز كثير من المسلمات عند المسلمين أنفسهم نتيجة التناقض بين خطابات الجماعات الإسلامية و تطبيقها الكارثي.

الفكر الاسلامي قدم مقاربات تجديدية و حداثية لحل الازمة و لكن مع ارتفاع نبرة الزندقة و التكفير و تسلط الحكام السياسيين فشلت الافكار في حشد الثقل المطلوب لتحويلها الى برنامج للشعوب المسلمة . و مع كل ذلك هنالك ايجابيات يمكن البناء عليها تتمثل في أن الامة مستشعرة لازمتها و تبحث عن حل ، و ان الاجيال الصاعدة تملك وعي ايجابي نحو النقد و اثارة الاسئلة الحرجة التي يمكنها ان تتجاوز ازمة التناقض بين الخطاب و التطبيق .

القران كتاب الله للرسالة الخاتمة يحتوي على العبادات و القيم ، كما ان العبادات في القران مقدسة عند المسلمين ، فان القيم المختارة من الله للبشر لاصلاح الحياة تستحق التقديس المماثل و هو ما لا يحدث ، و هذا يلخص ان ازمة الامة المسلمة في العصر الحالي تتلخص في ابتعادها عن تطبيق كتاب القيم ، مع انها مجتهدة جدا في تطبيق كتاب العبادات .

مشروع استعادة قدسية القيم القرانية الى حياة الامة المسلمة هو المشروع المطلوب في الوقت الراهن لحل ازمة انحطاط الدول و الشعوب المسلمة و ذلك لسببين الأول تطبيق القيم امر رباني و ضرورة ذاتية و مجتمعية لتحقيق التوازن ، الثاني تطبيق القيم عمليا ينهض بالأمم .

هناك ثلاث عقبات ساهمت بصورة حاسمة في تأخير ظهور دولة القيم في العالم الإسلامي ، العقبة الاولى مشاريع الحركات الاسلامية و الحركات التكفيرية ، فهؤلاء يظنون انهم حملة دين الله و المدافعين عن شريعته ، يجتهدون في تطبيق كتاب العبادات ، و لكنهم لا ينشغلون بتطبيق كتاب القيم القرانية من عدل و رحمة و شورى و مساواة امام القانون و كانها ليست جزء من الدين ، فجاء تطبيقهم منقوصا و صار كارثة على العباد و البلاد ، اشهر مثالين لهؤلاء نظام الحركة الاسلامية في السودان ( الانقاذ ) و الدولة الاسلامية في العراق و الشام ( داعش ) .

العقبة الثانية طبيعة الأنظمة الحاكمة في الدول الإسلامية ، اذ
تهيمن أنظمة حكم معظمها أنظمة اوتوقراطية ، و هي لا تسمح بظهور دولة القيم لسببين ، لان دولة القيم تتضارب مع مصالح الاوتوقراطيين ، و لان الدولة الاوتوقراطية تستمد قيمها من حاكمها ( فرعون ) .

العقبة الثالثة دول العالم الأول ، نعم استطاعت دول العالم الاول استحداث دولة قيم وضعية، من خلال إقرار هذه القيم عبر المؤسسات و القانون ، تم تطبيق هذه القيم داخل أنظمتها ، و لكن حكومات العالم الأول مارست مع العالم الثالث الذي يضم جل الدول المسلمة احد اسلوبين ، أسلوب استعلائي ممنهج حارب قيام دولة القيم في دول العالم الثالث ، و أسلوب عدم الاهتمام ، و تمثل ذلك في عدم بذلها الجهد الكافي لمساعدة دول العالم الثالث على اقامة دولة القيم .

اذا ارادت الامة المسلمة النهضة فيلزمها أن تفعل الشيئين
ان تعبد الله حق عبادته ، و ان تقيم دولة القيم القرانية العدالة و الحرية و السلام و المساواة .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.