كاودا

كاودا
  • 09 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

يحط رئيس الوزراء عبدالله حمدوك رحاله اليوم الخميس في مدينة كاودا العاصمة المقدسة للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال – جبال النوبة، و هي مقدسة لدى الحركة لأنها منطلق حركة القائد النوبي الشهير يوسف كوة ، و الذي خلفه بعد رحيله القائد الحالي عبدالعزيز آدم الحلو .

هذه الزيارة ذات أبعاد مهمة جدا ، و ذلك لأن كاودا مثلت خلال الفترة التي تلت انهيار اتفاقية السلام بين الانقاذ و الحركة الشعبية شمال ، مثلت عقدة النظام ، إذ ظل المخلوع يتحدث كل صباح يوم جديد عن ( دخول كاودا ) و تحريرها و هو الامر الذي لم يتم حتى سقوطه بثورة ديسمبر، و اليوم يدخلها رئيس وزراء الثورة رافعا رأسه و مستقبلا بصفة رسمية من قبل مواطني كاودا و قياداتها، مما يدل على أن الشعب السوداني قد أصبح بفعل ثورة ديسمبر شعبا واحدا و ان الحوار سيكون هو اللغة الوحيدة لحسم الخلافات .

الحركة الشعبية شمال و منذ انفصال الجنوب ظلت موحدة حتى يونيو ٢٠١٧ حين انفجر الصراع بين الحلو و عقار و وصل ذروته بإقالة مجلس تحرير جبال النوبة لرئيس الحركة مالك عقار و تنصيب عبدالعزيز الحلو رئيسا ، و وقتها اندهش المتابعين لوصول الصراع إلى نقطة العزل من الرئاسة بين رفاق الحركة الشعبية ، إذ أن الأوضاع كانت هادئة لامد بعيد ، و انفجار الصراع فيها فجاة و بهذه الحدة اظهر ان نيران كثيفة كانت تشتعل تحت الرماد ، كان أبرز ما استند عليه مجلس التحرير في أسباب إقالة مالك عقار هو عدم تضمينه لمبدأ حق تقرير المصير في المفاوضات مع حكومة المخلوع ، و الذي أشار مجلس التحرير إلى أنه حق اتفق عليه في مؤتمر كاودا ٢٠٠٢ و هو ما ضحده لاحقا القيادي تلفون كوكو في مقال انتشر وقتها في الاسافير .

في مفاوضات السلام التي تجري في جوبا واصلت الحركة الشعبية جناح الحلو مطالبتها بتقرير المصير او بدولة ديمقراطية علمانية ، بينما لا تشترط الحركة الشعبية جناح عقار هذه الشروط ، و الجميع يعلم أن هذه الشروط هي العقبة التي تقف أمام المفاوضات الآن.

تحالف نداء السودان و الذي ضم الحركة الشعبية الموحدة بكامل فصائلها تجاوز هذه الشروط و اتفق الجميع فيه على دولة مدنية ديمقراطية ، و كذلك نص اعلان الحرية و التغيير على دولة مدنية ، مما يجعل الحركة الشعبية شمال جناح الحلو هي الفصيل الوحيد الذي يطالب بتقرير المصير .

حمدوك مطالب في زيارته هذه ان يرسل التطمينات اللازمة لشعب جبال النوبة بأن ثورة ديسمبر هي ثورة الجميع و ان الوطن وطن الجميع ، و أن حسم قضايا السلام و الحكم و المركز و الهامش يلزمها ان تطرح امام جميع السودانيين في مؤتمر دستوري و مؤتمر للسلام و التعايش لا يستثنى منه احد ، يعالج بصورة منهجية كل أزمات البلاد التاريخية و يتكاشف فيه السودانيين بكل صراحة و يعيدوا فيه وحدة بلادهم على أسس صحيحة و جديدة تمهد لشراكة متساوية بين جميع ابناء و بنات السودان في كل بقعة من تراب الوطن ، لا تفريق بينهما و لا تمييز باسم الدين او العرق أو اللون أو الجهة .

ثورة ديسمبر كما وحدت وجدان شعب السودان ، يمكنها أن توحد إرادتهم للاتفاق حول آليات تعالج مشاكل الحرب و السلام بصورة جادة و شفافة تضع حدا للالام و الاقتتال الكارثي بين أبناء الشعب الواحد ، و تفتح الباب لنهضة وطن متعدد و متنوع ، ثراءه في تعدده و قوته في تنوعه .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.