التطبيع يفجر المشهد السياسي

التطبيع يفجر المشهد السياسي
  • 06 فبراير 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

فجر لقاء رئيس مجلس السيادة برئيس الوزراء الإسرائيلي المشهد السياسي وأعاد الخلافات السياسية بين مكونات الحكومة من جديد بعد أن كادت أن تختفي ،فمن لحظة اعلان نتينياهو المستعجل عن اللقاء مع البرهان وضح ان البرهان في ورطة وانه لن يسنده الا الجيش وبعض التكنوقراط والاحزاب الصغيرة ، وكان واضحا أن معظم القوى الفاعلة في الحرية و التغيير لن تقف معه في هذه الخطوة وعلى راسها تجمع المهنيين ، وهذا ما حدث .

مع تسارع الاحداث واللقاءات توقعت من قوى الحرية و التغيير في لقاءها بالأمس مع البرهان ومجلس الوزراء ان تطوي هذه الصفحة وتعيد الامر الى الوثيقة الدستورية ويتفرع الجميع مجددا للتوجه نحو استكمال هموم الدولة الانتقالية التي تنوء بحملها الجبال ، ولكن عودة البرهان للجيش ومساندة الجيش له وتعالي بعض الاصوات من بعض كوادر فصائل الحرية والتغيير بمحاسبة البرهان وطرده او إدخال المكون العسكري في ( فتيل ) أعادت الاحتقان مجددا للمشهد السياسي وأصبح على جمر ولهب.

لم يكن ينقص الوضع الراهن احتقان جديد يشل حركة الدولة مجددا او يباعد الشقة بين مكوناتها فالبلاد اصلا ( ماشة بالبركة ) ولكن يبدو ان قدر هذه الفترة الانتقالية المعقدة ان تختبر في مسيرها كل الأزمات والانواع المختلفة من المواقف الداخلية والدولية وهو ما قد يجر البلاد إلى انسداد أفق سياسي لا يمكن معالجته الا بالانتخابات المبكرة او الانقلابات .

آفة عدم استقرار الدولة السودانية تاريخيا ظل هو الصراع البعيد عن مصلحة الوطن بين مجموعتي السلطة والمعارضة او بين المجموعات داخل السلطة نفسها ، و هذا هو الذي فرخ الفساد و الخيانة الوطنية وتقويض الدستور والقبضة الأمنية و المذابح و الانقلابات ، تفكيك مفهوم الصدام التاريخي المزمن على السلطة بتبسيط الغرض الأساسي من السياسة وجعلها مجرد وظيفة يهتم شاغلها بتقديم الخدمات للمواطن من تعليم و صحة و طرق و ماء صحي و كهرباء و الخ ، وابعاد مفهومها عن الصراع الايدولوجي والثقافي والديني وتقريبها من مصلحة الوطن و المواطن قد يخفف من وطاة الصراع و الاحتقان الذي نشاهده دوما داخل الحكومات و بين السياسيين .

الأزمة ان الصراع دوما كان يتخذ المصلحة الوطنية باعتبارها الغاية من الصراع لدى الطرفين فتضيع بالتالي في زحمة التبريرات والمواقف الرؤية الواضحة لتبيان أين هي المصلحة الوطنية .

اذا كان البرهان يقصد بالتقارب مع إسرائيل المصلحة الوطنية كما ذكر فإن المصلحة الوطنية أعظم في التقارب مع كتل الحرية و التغيير والشارع السياسي بالشفافية والوضوح واحترام الوثيقة الدستورية والأحتكام إليها ، كذلك إن ظنت بعض قوى الحرية و التغيير في خطوة البرهان بأنها فرصة سانحة للانقضاض على المكون العسكري ، فان ذلك عكس مصلحة الوطن ، بل مصلحة الوطن العليا تكمن في الحفاظ على تماسك مكونات الحكومة الانتقالية بما فيها الجيش والعمل على تجاوز الخلافات متى ما ظهرت بالحوار فهذا هو الطريق الأسلم للعبور بالفترة الانتقالية نحو بر الامان .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.