صراع وزير المالية والصحافة

صراع وزير المالية والصحافة
  • 05 مارس 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

( كل من له القدرة على شراء ١٠ كيلو ذهب الباب مفتوح له للتصدير ) هذه الجملة التي قالها وزير المالية وكررها عسكوري في المؤتمر الصحفي ، إختصرت ( الجوطة ) ونسفت الحملة المنظمة لإقالة وزير المالية .

المؤتمر شرح أن وزارة المالية أعلنت سياسات للتصدير ، كما تفعل كل الحكومات المحترمة ، بموجبها فتح الباب للسودانيين جميعا للدخول في سوق الذهب ، عكس ما روجت له بعض الاقلام وبعض الجماعات بأن الوزارة شجعت الاحتكار .

المؤتمر الصحفي تحدث عن السياسات ، بينما أصر الصحفيون على السؤال المعلب سلفا ( وييين العطاءات؟ ) !!! . العطاءات لم تعد تستخدم الا في دلالات الخرد المستخدمة وأمثالها ، إصدار السياسات هو الطريقة الحديثة للعطاءات . السياسات تضع الشروط والمعايير والإجراءات التي يجب أن يتبعها الجميع ، بينما العطاءات صورة تقليدية متخلفة لهذا المفهوم . العطاءات تحصر الفرصة بيد أشخاص بعينهم في أوقات بعينها ، بينما السياسات تمنح الفرصة لكل الشعب وفي كل الأوقات .

السياسات واستخدام النوافذ الخدمية المفتوحة للجميع ، لا ترضي السادة كبار التجار وشعبة مصدري الذهب ، هؤلاء يريدون نوافذا مغلقة وعطاءات لا يدخلها سواهم ، يريدون احتكار الفرص وحرمان بقية الشعب ، كما كان يحدث في عهد الانقاذ . وهو ما يخالف روح الثورة والتغيير .

الصحفيون الذين اثاروا قضية الفاخر هم في الحقيقة يعلنون الحرب على عنوان الثورة الأبرز( التغيير ) ، وزير المالية يستهدف ترسيخ الحريات الاقتصادية كما يسعى الجميع لترسيخ الحريات العامة ، الحرية الاقتصادية جزء من حرية الإنسان، الحرية الاقتصادية هي عنوان عالم اليوم ، والاقتصاد الحر هو الذي يقود العالم الان . الصراع بين وزير المالية وهؤلاء الصحفيين هو صراع العصرنة والتقليدية الاقتصادية ، وهو صراع اذا لم تنتصر فيه العصرنة التي يدعو إليها الوزير فلا ينبغي الحديث عن ظهور ثورة في السودان ، فالثورة هي التغيير والمستقبل الجديد ، وليس استجلاب المفاهيم والأساليب من الماضي .

الحضور المحتشد في قاعة المؤتمر الصحفي ، لم ياتيء للحوار العقلاني الإقتصادي ، جاؤوا من أجل احراج الوزير وإثبات فساده ، ولكنهم رجعوا بخفي حنين ، ولم يثبتوا سوى المستوى الضحل والأسلوب الهمجي والفوضوي الذي يملكونه . الهرجلة والضجة والتصفيقات والقهقهات وطبيعة الأسئلة التي طرحت، أشعرت جميع السودانيين بالخجل والأسى على حال الصحافة في بلادنا .

الوزير المهذب الذي يحمل دكتواره في الاقتصاد وله دراسات ورؤى معلنة ومنشورة في الشان الاقتصادي السوداني وكيفية إصلاحه ، كان هادئا ومرتبا في شرحه للواقع الاقتصادي ، لم يتجمل ولم ينتصر لنفسه ، بل انتصر للعلم والكفاءة الاقتصادية ولعلماء الاقتصاد الثوار في مواجهة صحفيين لا يملكون في الاقتصاد شرو نقير .

السياسة التي أصدرتها وزارة المالية في تصدير الذهب ، هي سياسة شجاعة ، لا تخاف من الشركات ولا التجار ولا من جهاز الامن . هي سياسة علمية ، لا تحابي أحدا ولا تستهدف آخر، هي فقط تستهدف إصلاح الاقتصاد من خلال تشجيع التصدير وفتح الباب للجماهير والاستفادة القصوى من هذه سلعة الذهب .

مجلس الوزراء أشاد بهذه السياسة وتبناها . المؤتمر الصحفي شرح للجماهير ان وزارة المالية مفتوحة لكل أبناء السودان وليست حكرا على أحد ، وأن الفيصل الوحيد هو السياسات المعلنة . بينما خلاصة المؤتمر الصحفي وضعت المهرجلين وصحافة الإثارة في ( فتيل ) .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.