سفينة بَوْح – أولويات (مدحورة) ..!

سفينة بَوْح – أولويات (مدحورة)  ..!
  • 17 مارس 2020
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل

ص

مُراهنة قوى الحرية والتغيير والحكومة الإنتقالية على حالة (الصبر المُتملمِّل)  للناس في ما شاب الحياة من صعوبات تخطو بخطى ثابتة نحو أن تصبح (إستحالات) ، إن كان المُستهدف بها النُخبة وطبقة المُثقفين فلا ضير في ذلك على أنهم (أقلية) ، لأن هؤلاء لهم القدرة على التحليل (العميق) والنظر بإستفاضة إلى آفاقٍ بعيده ربما بدا من خلالها بريقٌ للأمل ، أما المُراهنة على (الصبر المُوجِع) الذي بات غريماًً لـ (الأمل) في حياة البُسطاء من عامة الناس وهُم (الأغلبية) ، هو بالتأكيد رهانٌ على الخُسران ، والشواهد في ذلك لا تُحصى ولا تُعد على مدى التاريخ القديم والمعاصر في باب (فقدان ثقة الناس) في مَنْ يبيعونهم السراب بإسم الشعارات البرَّاقة.

وبعيداً عن التوغُل في (تقديس) الشعارات التي لا نشكُ في أنها مِعبر أساسي نحو تحقيق معظم قيَّم ومطلوبات إستقرار المسار الديموقراطي ، ظللنا نُردِّد عبر الكثير من المنابر الإعلامية  أن هذه الشعارات و في مقدمتها (إعطاء الأولوية لملف توقيع السلام مع حركات الكفاح المًسلَّح) وعلى أهميتها الإستراتيجية في مسار تحقيق الإستقرار السياسي والرخاء الإقتصادي والسلم والأمن الإجتماعي ، إلا أنها من وجهة نظري وكثيرٌ من المهتمين لا يمكن إعتبارها (أولوية) على الملف (الأخطر) على بقاء الثورة نفسها ومعها حكومتها الإنتقالية والمُتمثِّل في (معاش الناس) وصعوبات حياتهم اليومية التي لا تخرج البتة عن الضروريات المُلِّحة لا أكثر ولا أقل.

لقد ظل التباطؤ والتلكؤ في تعيين الولاة المدنيين بالولايات ، وتكوين وتفعيل دور المجلس التشريعي في تقويم وترجيح كفة الكثير من إتجاهات الحلول والمخطَّطات المُختلف حولها داخل قوى الحرية والتغيير ، واحداً من التداعيات السلبية لإصرار الحكومة الإنتقالية على تقديم ملف السلام رغم تعقيداته وما يحتاجهُ من وقت ليس بالقليل ،  على (واجباتها) الأساسية المُتعلِّقة بإصلاح معاش الناس والقضاء على الكثير من الصعوبات التي تواجههم في الحصول على ضرورياتهم الأساسية ، تعيين ولاة الولايات المدنيين من شأنه (تعظيم) شعور أهلنا في الأقاليم بحدوث تغيير حقيقي بعد إنتصار ثورة ديسمبر المجيدة ، ومن شأنه إزالة كل أوجُه التمكين الإداري والإقتصادي فيها لصالح عمليات التنمية وتصحيح المسار ، وهو في ذات الوقت أداةً حاسمة في لجم الشكوك والإتهامات الموجَّهة للوُلاة العسكريين الحاليين والذين أبدى معظمهم (تملمُلهُم) من الصعوبات والتعقيدات التي تواجههم ، أما المجلس التشريعي فتأجيل تكوينهُ حتى الآن عمل على حرمان الحكم الإنتقالي من أداةِ ترجيحٍ نافذة تعمل على حسم ما يتم الإختلاف حولهُ من موجِّهات ومُخططات وبرامج ، خصوصاً ما بين المكونَّين المدني والعسكري وما بين أحزاب وتنظيمات ومؤسسات قوى تجمع الحرية والتغيير ، هذا فضلاً عن دوره الرقابي والتشريعي، ليتهم أعطوا الأولوية لمعاش الناس ففي ذلك وجهٌ من أوجُه السلام وداعمٌ له لا يُشقُ له غُبار.

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.