الأرض … استريحي

الأرض … استريحي
  • 10 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

عواطف عبداللطيف

ملايين السنوات التي لا تعدّ ولا تحصى مارس علي سطحك، وربما بين طبقات جزئيات ترابك كل صنوف المعقول واللامعقول.. استباحوا كل ذراتك ومكوناتك المرئية، وتلك التي عجز حتى عباقرة التاريخ والجيولوجيا أن يفندو ا هيئاتها نوعيتها وكمياتها واحتياجاتها للإنسان والحيوان وكل مخلوقات العلي القدير.

والتغول علي أمنا الارض لم يقف عند حدود الظاهر من ناطحات السحاب الشاهقة والمباني الذكية وشق الطرقات وبناء الجسور والكباري، بل وصل التنافس لتلميع ظاهر الارض وتقشيرها لصالح البشر، والجماعات الانسانية والراسمالية بحسب ميولهم وامزجتهم وتسهيل حراكهم وارضاء غرورهم بالتباهي والمظهرية والتزاحم الحميم للتميز، فهؤلاء اقتلعوا الغابات، ودمروا الاحراش، وآخرون قطعوا النباتات، واعداموا المتسلقات، ودفنوا عيون الماء وغيروا مجرى الانهار والبحيرات، وغاصوا بالغوصات والبوارج في باطن المحيطات، ودفنوا في جوفها السميات والمتفجرات .

تم القضاء علي كثير من الحيونات البحرية والبرية و الهوام والحشرات من سكن ظاهر الارض، وتلك التي تسكن الجحور والمخابيء والعالقة في الهواء بالآلات والجرارات وبالمبيدات والسموم لتهيئة الظروف التي تتناسب مع البشر.أعدم كثير من مخلوقات الله المنظورة وغير المحسوسة العالقة بالهواء والسارحة في البراري، وتلك التي تسكن المحيطات والانهر والصحارى.

لم يقف الامر والجور والتعدي علي أمنا الارض عند حدود تغيير ملامحها وتشكيلها وفق مستحدثات العصر ومستجداته ومتطلبات الاقوام والنافذين ومخططي المدن وملمعي سياسات الاستثمار، وبكل مغرياتها التي جعلت من بقاع كانت صحراء جرداء جدباء مدناً جاذبة تدار بالريموت كنترول وجعلت الغابات والبراري منتجعات واستراحات مغرية تبهج الاعين وتنعش القلوب، ليس هذا فحسب فالبشر وعلي اختلاف صنوفهم وميولهم استمتعوا بكل هذه الخيرات التي هيأتها قطاعات الصناعات المتسارعة والابتكارات المتلاحقة، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل نفث كثيرون آهاتهم واحزانهم وأفرغوا قاذوراتهم وبقايا فضلاتهم وكثيراً من سمومهم.. افرزوا تحرشاتهم، وقامت الحروب، تسابقوا لاستعمال احدث ما وصلت اليه الالة العسكرية المدمرة التي لم تعتمد فقط علي قوة عضلات المتحاربين والقدرة علي المواجهة والاقدام والشجاعة، بل بأسلحة خفية تعبر المحيطات وتطوي المسافات
واكثر من ذلك، ربما ضاقت الارض بالإفرازات السلبية التي يبثها البشر هنا وهناك من الفاظ بغيضة تارة تؤطر للعنصرية، وتارات اخرى بالتنافس لحيازة الاموال وتكدس الثروات.

ضاقت أمنا الارض بالحزازات الكريهة والمشاكسات التي ينفثها البعض في وجوه أقربائهم تارة، ولعابري الطريق تارات، وعلي الضعفاء والمستكينين وما يقع كثير منه علي الفقراء وعابري السبيل الجوعى والعطشى وعلى من غادروا ديارهم واوطانهم وحضن امهاتهم.

أمنا الارض جاء هذا الزائر القاتل كورونا كوفت19 كأنه اصطفاف لصالحها، ح فقد حير العلماء و الباحثين لمعرفة وأكتشاف حقيقته. انه فيروس صغير الحجم شديد الانتقال لزج، وربما هلامي متحزلق صعب الاقتلاع .بعضهم قال انه نتاج طبيعي لتسلسل نمو الفيروسات ودورتها واآخرون قالوا انه بفعل فاعل من خبراء الجراثيم، وآخرون ذكروا انه نتيجة لتسريب مبيدات متعمدة، وبعضهم جزم انها سموم قاتلة اطلقت عن عمد لتشكيل العالم، وتوسيع الشقة بين الاغنياء والفقراء. فيا تري اين الحقيقة؟ هل هي حرب اقتصادية ام سياسية؟ وهل هي حرب ابادة دون مواجهة؟ وكيف لهذا الفيروس الضعيف وغير المنظور أن يخترق الحدود ويقطع المسافات البعيدة ليحط رحاله كيفما شاء وأينما شاء؟ وما الحكمة ان لا تستطيع دول الجبروت والتكبر ان تتغلب عليه، ويعجز الاغنياء عن تحييده؟ وما الحكمة من ان يكون تحاشي هذا الوباء والتخفيف من هجمته وانتشاره فقط بالابتعاد عن أي تجمعات وبايقاف أي تلاق بشري؟

اذن هي سانحة تهيأت من قوة خفية وارادة ربانية لأمنا الارض لكي تعيد رونقها وبهاء طلتها، وهي رسالة ايضا كي يقف كل شخص مع نفسه ليشذبها ويعيد توازنها، وحسن رونقها؛ لان الارض والسماء والمحيطات والانهر هي من نعم الله علي البشر، فأحسنوا استغلالها وأبقوا في منازلكم.
Awatifdear1@gmail.com

التعليقات مغلقة.