كيف يستفيد المواطن السوداني من الحظر المنزلي ؟

كيف يستفيد المواطن السوداني من الحظر المنزلي ؟
  • 10 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

اضطرت معظم البلدان حول العالم إلى إغلاق المطارات والمدن وإيقاف الذهاب إلى الأعمال الخاصة والحكومية وفرض حظر التجوال كوسيلة صحية لتجنيب المواطنين خطر الإصابة بفيروس كورونا ، هذه المعالجات رغم قساوتها الا انها معالجات لحفظ الحياة ، وليس هناك اغلى على الإنسان من حياته .

الإغلاق الكامل حصر الناس داخل منازلها ، منعها من الخروج والتواصل مع الغير . البقاء بالمنزل لفترة قصيرة يمكن تحمله ، ولكن البقاء طويلا يحتاج لترتيبات ووسائل تجعله مفيدا ومرغوب فيه . صحيح في السودان هناك عدم تقيد كامل بالحظر والإغلاق، ولكن يظل هناك قطاع عريض ملتزم بالحظر وباق بالمنزل لا يبارحه ابدا ، وهذه الفئة تمثل السودانيين الحادبين على مصلحتهم وعلى مصلحة الغير ، وهؤلاء لابد من إيجاد وسائل تعينهم على البقاء في المنزل بصورة أطول ، عسى ولعل ان ينضم إليهم البقية .

مطالبة الحكومة الانتقالية بفرض حظر التجوال بالسوط والبندقية ، هي دعوة صحيحة ولكنها تحتاج لترتيبات مثل توفير معينات الحياة من خبز وغاز وغيره بالقرب من سكن المواطن . من بين هذه السبل وأكثرها أهمية مساعدة الناس على العمل من المنازل ، على تحويل جلوسهم بالمنزل من عطالة إلى عمل ، خاصة وأن هناك ضروب كتيرة من الأعمال يمكن إنجازها من المنازل بدون ان يخطو الشخص شبرا خارج المنزل ، وذلك عبر الاستفادة من الانترنت .

في عام ٢٠١٨ بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في السودان أكثر من ١٣ مليون مستخدم بينما بلغ عدد من يحملون الجوالات ٢٨ مليون شخص حسب التقارير الرسمية ، مع الثورة اتوقع ان هذا العدد تضاعف بصورة كبيرة ، هذا غير ان السودان به شركات إتصالات متعددة ، لها خبرة ، ويمكنها دعم مشاريع تساعد الناس على الإلتزام بالحظر من خلال تسهيل إنجاز الأعمال من المنزل .

الأعمال التي يمكن إنجازها من المنزل عديدة ، وأولها تمكين المواطن من الدفع عبر الإنترنت والجوال لجميع الفواتير الحكومية وفواتير الشراء من الاسواق والشركات الخاصة ، مع توفير خدمة التوصيل المنزلي في حالات الشراء .

التعليم عن بعد ، الانترنت موجود والأساتذة موجودون والطلاب كذلك ، فما الذي يمنع ؟ يمكن البدء بتنفيذ هذه الخطة على قطاع الدراسات العليا فوق الجامعية ، فهي اولا ذات أعداد بسيطة وثانيا الدارسين فيها على درجة من الوعي والقدرة تمكنهم من تغطية احتياج التعليم عبر تقنيات الفيديو والإنترنت ، ويمكن أن يكون نجاح هذا البرنامج هو مدخل لتطبيق التعليم عن بعد بصورة أوسع تدريجيا على الجامعات والثانويات .

هناك برامج متعددة يستخدمها العالم الآن للدراسة عن بعد من المنزل مثل برامج ويبيكس، زووم ويبنارzoom webinar ) ، وقوقل google meet وغيرها من برامج يمكن عبرها ان يتم تدريس الطلاب في منازلهم عبر الفيديو والصوت ، فيرى الطالب أستاذه كانه في محاضرة في الفصل ، هذه البرامج تحتوي على كل الوسائل المطلوبة للتدريس ، من السبورة حتى أداء الواجب العملي ، فلماذا لا تستفيد الجامعات في السودان من هذه الخدمة ؟

السودان مغطى إلى حد ما بالانترنت وبالتالي ليس من المنطق الاستسلام وعدم اقتحام هذا المجال لاكتساب الزمن والاستفادة من الحظر فيما ينفع ، ما يصرفه الطالب على مواصلاته وفطوره وسكنه في الجامعة فليصرفه على الإنترنت لحضور المحاضرات من منزله ، الجامعات عليها التفكير في هذا الأمر، فالواضح ان كورونا لن ينتهي قريبا وبالتالي لابد من التفكير في طرق جديدة للتدريس والتعلم .

المنافسات عبر الإنترنت هي أيضا وسيلة أخرى يمكن أن تستخدمها الدولة لإبقاء الناس في المنازل ، إطلاق منافسات متعددة ومتنوعة تستهدف الأطفال والكبار النساء والرجال سيكون مفيدا ، دورات ومنافسات في الألعاب والتصميم ، منافسات في الطبخ والتطريز والديكور للنساء ، منافسات في حفظ القرآن الكريم ، منافسات في فن الخطابة وفن التقديم والعرض ، منافسات في الابتكارات المنزلية ، منافسات في الرسم والتلوين والموسيقى ، منافسات في القراءة وفي كتابة الشعر والقصة وجميع فنون الأدب الكتابي ، وغيرها من عدد لا يحصى من المنافسات التي يمكن إطلاقها الكترونيا وتساعد الجماهير على البقاء في المنازل والاستفادة من وقتها بصورة مفيدة ، مع إطلاق دورات تدريبية مجانية للجماهير في نفس هذه المجالات تقدم بواسطة مختصين .

التطوع عبر الإنترنت سيكون ايضا مجالا خصبا للعمل أثناء البقاء في المنازل، هناك مؤسسات عالمية تبحث دوما عن المتطوعين الذين يعملون ساعات إضافية من المنازل بمقابل مادي او بدونه ، هناك عدد من الجمعيات التطوعية التي تبحث عن من يتطوع معها لتوصيل رسائلها التوعوية الخاصة ، هذا غير الالتحاق بدورات مجانية عبر الانترنت في مجال التخصص سواء في الهندسة او الحوسبة او العلوم البشرية او الفن او الطب والعلوم الصحية او غيره من مجالات.

الأفكار ستكون كثيرة ومفيدة لو دعت الحكومة الانتقالية إلى منتدى اسفيري يناقش المشاريع والخطط المفيدة التي يمكن إطلاقها عبر الإنترنت لمساعدة الناس على البقاء المفيد في المنازل في فترة الحظر .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.