لجان المقاومة والصراع السياسي

لجان المقاومة والصراع السياسي
  • 14 مايو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

أعلنت عدد من لجان المقاومة في بيانات حملتها الأسافير عن غضبها واستنكارها لخبر إقالة وزير الصحة الذي ورد في صفحة مجلس السيادة واعلنت دعمها له ، بينما اعلنت عدد من لجان المقاومة في وقت سابق بيانات شديدة اللجهة تطالب بإقالة وزير المالية . بالنظر إلى الموقفين المتناقضين أعلاه يظهر ان هناك خلل في لجان المقاومة ، فهي من ناحية تطالب بإقالة وزير ومن ناحية أخرى تطالب بإبقاء وزير !!

المواقف المتناقضة أعلاه لا تحمل سوى تفسير وحيد وهي ان هناك أجندة سياسية حزبية أصبحت تحرك بعض لجان المقاومة وتسوقها بوعي منها او بدون وعي نحو طلب إقالة زيد من الوزراء او عدم إقالة عبيد من الوزراء ، وهذا سلوك خطير قد يقود الى حدوث استقطاب حاد في الشارع يمهد إلى انقسام حقيقي في أوساط الجماهير التي تمثلها لجان المقاومة .

لجان المقاومة لا تملك حق إقالة او عدم إقالة وزير ، هذا شأن منصوص عليه في الوثيقة الدستورية ومخول به رئيس الوزراء او جلسه مشتركة لمجلسي السيادة والوزراء او المجلس التشريعي الذي لم يتم تكوينه بعد ، لذلك هياج لجان المقاومة ضد او مع وزير هو مجرد اصطفاف شعبي إما ان يكون مصدره عاطفي او سياسي ، وفي كلا الحالتين هذا موقف مبني على مرجعية خاطئة ولا يجب الاحتفاء به بل يجب تقويمه وتعديله حتى لا تصبح لجان المقاومة لعبة في يد الأحزاب السياسية او الميديا والوسائط وهيجانها العاطفي.

قضية وزير الصحة وقضية وزير المالية هي قضايا متخصصة خير من يفتي فيها هم الأجسام المتخصصة الطبية والمالية ، على التوالي ، ولا علاقة للجان المقاومة بها من قريب أو بعيد ، الأجسام المتخصصة اذا أقرت تخصصيا بأن هذا الوزير ناجح في عمله فيجب دعمه من مجلس الوزراء ، بينما اذا أقرت بأن هذا الوزير فاشل في عمله فيجب على رئيس الوزراء إقالته بلا اي تردد وبلا أي إستجابة لضغوطات من الشارع او لجان المقاومة .

رئيس الوزراء لديه مسؤلية ان يكون وزراءه ناجحين وقادرين على القيام بواجباتهم ، فنجاح وزراءه هو نجاح حكومته ، بينما كذلك لديه مسؤلية ان يحاسب الوزير المقصر ويعاقب الوزير الفاشل في اداء مهامه ، ففشل الوزراء هو فشل حكومته بالكامل . لذلك ممارسة ضغوط من الشارع بطريقة غير تخصصية من قبيل مسيرات للجان المقاومة تطالب بإقالة وزير او مسيرات للجان المقاومة تطالب بإبقاء وزير ، لا يجب ان تشكل عائقا أمام قرار رئيس الوزراء بالإقالة او عدمها .

عدم تمثيل لجان المقاومة في هياكل السلطة الانتقالية جعلها غير ملمة بالتفاصيل وحقيقة العمل الذي يدور داخل أروقة الوزارات ، وجعلها عرضة للاستغلال السياسي والعاطفي، وشحنها من هؤلاء ومن هؤلاء ، وبالتالي لابد من تصحيح هذا الوضع الشائه وضمان تمثيل لجان المقاومة داخل هياكل الحرية والتغيير بما يجعلها قادرة على إستقاء المعلومات من معايشتها اليومية للأحداث ومن وجودها الفعلي داخل مطابخ الفعل والقرار ، وفي هذا الصدد فإن الدعوات التي تنادي بإعادة هيكلة قوى الحرية والتغيير وإضافة لجان المقاومة إليها تبدو بالفعل انها الأصوات الوحيدة الصادقة والعنقاء التي ترى ما لا يرى الاخرون من الاشكالات التي يمكن ان تنجم عن عدم هذه الهيكلة ، وعن مساؤي اختطاف لجان المقاومة بواسطة الأحزاب.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.