هذه أسباب إحباط الجماهير من حكومة الثورة

هذه أسباب إحباط الجماهير من حكومة الثورة
  • 27 يوليو 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

الجماهير تشعر بالإحباط مما يجري في الساحة السياسية، أسباب الإحباط هي، تدهور الواقع الاقتصادي وغلاء الأسعار الطاحن، خلافات تجمع المهنيين، تأخر توقيع اتفاق السلام، استمرار نزيف الدم في دارفور، والمحاصصات الحزبية في مناصب الحكومة .

الواقع الاقتصادي محبط جدا، رئيس اللجنة العليا للطواريء الاقتصادية حميدتي في الاحتفال بتصدير شحنة الذهب ذكر بأن معنوياتهم في ( الواطه ) وأنه ( غلبهم البسووهو ) وأن هناك تعطيل متعمد للحلول من مافيا اقتصادية. رغم أنها تصريحات مليئة بالشفافية وتكشف الواقع للجماهير ولكنها كذلك ترسم صورة قاتمة للمستقبل في ظل عجز الحكومة العسكرية المدنية عن مواجهة هذه المافيا، الاقتصاد السوداني اذا لم يدعمه الأصدقاء والشركاء لن يستطيع أن يخرج قريبا من هذا النفق الاقتصادي المظلم، ومع ذلك يمكن للحكومة الانتقالية ان تعتمد على موردين سهلين للعملة الصعبة هما الذهب وتحاويل المغتربين.

حصائل الذهب السنوية تقدر بأربعة مليار دولار، محاربة تهريب الذهب وضبط التعدين وشركات التعدين سوف يوفر عملة صعبة حقيقية، مهمة الدولة أن لا تستسلم لهذه المافيا وأن تضرب بيد من حديد. تحاويل المغتربين تدخل عبر السوق الموازي لسعره المجزيء، وتذهب العملة الصعبة ليد مافيا الدولار، تحفيز المغتربين عبر حزم حكومية تشجيعية، أراضي ومباني بالاقساط، حزم تعليم جامعية لأبناء المغتربين، ،شركات مساهمة، والخ، مقابل تحويل أموالهم عبر المصارف السودانية سيجذب المغتربين ويحقق احلامهم ويوفر عملة صعبة للحكومة.

غلاء الأسعار محبط وفوق كل احتمال، وعيد الأضحى على الأبواب، فإذا كانت إحصائيات الاتحاد الأوربي في ٢٠١٨ تقول ان ٥٨% من السودانيين يأكلون وجبة واحدة في اليوم، فكم عدد من يأكلون وجبة واحدة في اليوم من السودانيين الان؟! بالتأكيد سترتفع النسبة وربما تبلغ أكثر من ٧٠% من الشعب السوداني. وهو واقع مخيف ومحبط، ورغم ان الحكومة وعدت بتقديم عون نقدي يغطي ٨٠% من السكان على مراحل، الا ان قبول استقالة وزير المالية ابراهيم البدوي قد يلغي هذا البرنامج مما يجعل الفقراء تحت رحمة غول السوق الذي لا يرحم.

من محبطات الجماهير كذلك انشقاق تجمع المهنيين، اختطاف مجموعة حزبية للتجمع واستخدامه واجهة حزبية آثار الاستياء، الجماهير في استغراب فالمهنيين تركوا تكوين النقابات واتجهوا لمزاحمة الأحزاب السياسية في ادوارها، تركوا البناء المهني الذي ينتظره الشعب واتجهوا إلى البحث عن فصل الدين عن الدولة وحقوق المرأة!! الجماهير كانت تنتظر بعد انتصار الثورة انطلاق التجمع في ميادين البناء والتعمير والتطوير، الأطباء في المستشفيات، المهندسين في الطرق، المعلمين في المدارس، الزراعيين في المزارع، الكل يتسابق ويتنافس من اجل إبداع الحياة الجديدة وبناء الوطن، ولكن التجمع سيطرت عليه العقيدة السياسية وضل الطريق.

من محبطات الجماهير تأخر توقيع اتفاق السلام واستمرار نزيف الدم في دارفور، بالأمس القريبة راح ضحية هجوم غادر في منطقة مستري بالقرب من الجنينة ستون قتيلا وعشرات الجرحى، وتم تقييد الجريمة حتى هذه اللحظة بأنها مليشيا مسلحة مجهول، الدم السوداني غالي، وأبناء الوطن في كل مكان يجب أن يجدوا الأمن والامان، والقتلة من المليشيات يجب أن تردع بصورة حازمة، والسلام يجب أن يوقع من أجل إنهاء مظاهر وجود السلاح لدى المواطنين وجعله فقط في يد الجيش السوداني الموحد.

المحاصصات السياسية سببا اخر لإحباط الجماهير، اعلان الحرية والتغيير دعى الى حكومة انتقالية قومية، ولكن تسلل عناصر حزبية إلى السلطة التنفيذية وشعور الأحزاب التى لم تشارك بانه قد تم إستغفالها جعلها تفكر في المشاركة الآن، الأحزاب السياسية لا يجب ان تحكم الا بعد انتخابها، الركوب على ظهر الثوار للحكم هو طريقة منكرة.

الجماهير كانت مليئة بالأمل في المستقبل وهي تخرج بالملايين للشوارع شاهرة هتافها في وجه الطاغية البشير، كان الجميع يحلم بالدولة السودانية التي ستنهض بعد إسقاط البشير، كانت الصورة وردية في عيون الجماهير، ولكنها لم تكن سوى اضغاث احلام، أكثر المتشائمين لم يكن يجول بخاطره ما يحدث الان. استمرار الحكومة الانتقالية بهذا الشكل لن يقود البلاد الا إلى الهاوية، هناك حوجة عاجلة لمؤتمرات جامعة لاصلاح الحال، مؤتمر لاصلاح قحت، مؤتمر اصلاح وتوحيد تجمع المهنيين، تحقيق السلام، عقد المؤتمر الاقتصادي، مؤتمر السلام، مؤتمر التعليم. إذا تعذر إجراء هذه الإصلاحات في خلال الستة شهور القادمة فلا مناص من اللجوء مباشرة لانتخابات مبكرة تفرز قيادة شرعية منتخبة تقود البلاد رسميا وتتحمل المسؤلية .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.