الحكومة تعدل سعر الجنيه وخبراء يحذرون

الحكومة تعدل سعر الجنيه وخبراء يحذرون
  • 09 أغسطس 2020
  • لا توجد تعليقات

الخرطوم - التحرير :


تقرير خاص: هالة حمزة

رصدت (التحرير) تسريبات حول نية الحكومة الانتقالية السودانية إجراء تعديلات على السعرالرسمي للجنيه السوداني مقابل الدولار من (55) الى (120) جنيهاً للدولار.

وبررت التسريبات التوجه بمحاولة الحكومة السيطرة على العجز الكبير في الموازنة العامة لأسباب عدة أهمها توقف النشاط الاقتصادي، والحظر الشامل الذي فرضته الحكومة، الذي تجاوز الـ (3) أشهر بسبب جائحة كورونا.

ورجح مراقبون تحدثوا لـ(التحرير)أن يكون ذلك بالونة اختبار حكومية للوقوف على ردود الأفعال المرتقبة حولها
وزاد العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي 2020 بواقع 181.2 مليار جنيه عن المخطط له (254.3 ) مليار جنيه بنسبة زيادة بلغت 248%، ويشكل هذا العجز 12.4% من الناتج المحلي الإجمالي لارتفاع الإنفاق العام المقدر لمبلغ 635.4 مليار جنيه بنسبة زيادة 8% عن المخطط في الموازنة المجازة رغم تخفيض الإيرادات بنسبة كبيرة.

وأشار مديرو عموم مصارف تحدثوا لـ(التحرير) لعدم صدور قرار رسمي من بنك السودان المركزي حول تعديل قيمة الجنيه ،غير أنهم أكدوا أن توحيد قيمة الجنيه والدولار الجمركي من ضمن اشتراطات صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي والذي ظل يوجه به الحكومة .

وحذر مدير مصرف فضل عدم ذكر اسمه لـ(التحرير) من آثار كارثية محتملة من تطبيق بنك السودان المركزي لقرار كهذا.

وقال إن تعديل قيمة الجنيه السوداني من (55) الى (120) جنيه للدولار يعني المزيد من الارتفاع في التضخم والأسعار، مشيراً الى أنه قد يحقق جزءاً من مقاصد وزارة المالية في سد العجز في الموازنة، ولكنه يزيد من الضائقة المعيشية للمواطنين، لافتاً الى أهمية تأجيل إنفاذ هذا القرار الى حين استقامة الوضع الاقتصادي وزيادة الانتاج.

وألمح الى أن القرار إن تم تطبيقه فسيكون بإيعاز من صندوق النقد الدولي.

ورصدت (التحرير) استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار في الارتفاع في السوق الموازي إلى( 145 )جينها، وتراجع في نسبة المعروض مقابل انتعاش الطلب على الدولار عقب انقضاء عطلة عيد الأضحى، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي محافظا على ثباته في خانة الـ( 55 ) جنيها للشراء و55.27 جنيها للبيع. و(55,13) في سعره المتوسط دون ظهور بوادر حتى الآن تشير لاحتمالات ارتفاعه للنحو المذكور من قبل بنك السودان المركزي.

واستنكرمديرالبنك السابق ،المحلل المصرفي د.كمال الزبيرفي حديث لـ(التحرير ) عدم وضوح الموقف الرسمي حول سعر صرف الجنيه السوداني سواء النقدي او الجمركي، وأجازت الحكومة الانتقالية السودانية في ديسمبر الماضي، ميزانية العام 2020 بإيرادات 568.3 مليار جنيه (12.59 مليار دولار)، ومصروفات 584.4 مليار جنيه ((12.95 مليار دولار، والعجز 16.1 مليار جنيه (360) مليون دولار.

وقال، في كل الأحوال: إن أي تعديل في سعر الصرف في ظل العجز الراهن في ميزان المدفوعات سيؤدي إلى ارتفاع مماثل في سعر الصرف في السوق الموازي، مبيناً أن الحل الأمثل هو أن يتم التعويم الكامل لسعر الصرف بشرط أن يكون لدى بنك السودان المركزي احتياطي بالنقد الأجنبي يسمح له بتوفير احتياجات الاقتصاد الآنية، و لمدة ستة أشهر على الأقل، و يتم خلال هذه الفترة إدارة سليمة لحصائل الصادر ومكافحة تهريب سلع الصادر وزاد: الشيء المثالي هو توحيد كل الأسعار إذا كان هنالك فارق كبير بين السعرين النقدي والجمركي، مع وجود سعر سوق موازٍ فان هذا يؤدي لتشوهات اقتصادية مضرة بالعمليتين الانتاجية و التجارية

وقال المحلل الأكاديمي أبوالقاسم أبراهيم لـ(التحرير) إن هذا القرار إن تم ّ، فهو انتحار اقتصادي مع سبق الإصرار والترصد وتدمير للفترة الانتقالية، ويمكن أن تدفع لحدوث مواجهات عنيفة بين الشعب وحكومة حمدوكز

وأشار إلى أن رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك قال إنه سيكون هنالك رفع تدريجي لقيمة سعر الصرف الرسمي مقابل العملات الأجنبية خاصة وأن السعر المعتمد في الميزانية التي تم تعديلها (55) جنيها للدولار لكن التصريحات حول التعديلات الطارئة على ميزانية 2020 كانت بعيدة عن الشفافية وسرية لم يملك الرأي العام تفاصيلها سوى معلومة واحدة برفع الدعم عن المحروقات (الجازولين والبنزين) لتغطية العجز حسب تصريحات رئيس الوزراء مع الإعلاميين.

وقال إبراهيم إن رفع السعرالرسمي لـ(120) جنيه للدولار لم يحدث من قبل خاصة الدولار الجمركي، وهذه صدمة لا يمكن أن يتحملها أقوى اقتصاد في العالم (الأميركي)، لأن السبب الوحيد الذي أطاح بالنظام السابق هو تحريك سعر الدولار الجمركي من (6 ـ 18) جنيها وأدى إلى تعطل مشروعات التنمية كافة، والتي لا تزال متوقفة تماماً حتى في الميزانية الحالية رغم مرور عامين على تطبيقه إلا أن آثاره لا تزال ممتدة بسبب مضاعفة التكلفة لـ(3) أضعاف وزيادتها بالقرار الجديد لـ(8) أضعاف مما يصعب تحمل تكلفة المعيشة خاصة وأن السودان يعتمد بنسبة (80)% على المدخلات وسلع مستوردة من الخارج.

ووصف المبررات التي راجت حول سد العجز الذي خلفته جائحة كورونا بغير الدقيقة لأن الميزانية في الأساس تمت مضاعفتها بأكثر من (3) أضعاف عن ميزانية 2019 من دون وجود أي موارد حقيقية، وكذلك تم رفع الايرادات الجمركية والضريبية بنسبة (59)% وهي لا تتناسب مع النشاط الاقتصادي بالبلاد وإعتماد الميزانية على منح وقروض تعادل ثلثي الميزانية مع فشل توقعات مؤتمر شركاء السودان الأمر الذي أدى لانهيار الموازنة وزاد الطين بلة زيادة الرواتب للقطاع العام مما رفع من معدلات التضخم بنسب غير مسبوقة خلال الأعوام الـ(10) الماضية.

وقال: “ان زيادة سعرالصرف والدولارالجمركي يؤديان لزيادة معدلات التهرب الجمركي والضريبي وانخفاض الايرادات الجمركية والضريبية معاً، وندرة بعض السلع لتوقف الاستيراد، وطوفان التضخم يؤدي إلى تضخم كبير في ميزانية التسيير للمؤسسات الحكومية خاصة للسلع والخدمات؛ مما يرفع من تكاليف إنتاج السلع المصنعة داخلياً، ويقلل تنافسيتها خارجياً بما فيها الصادرات”.

التعليقات مغلقة.