المؤتمر الجامع لقضايا الدين والدولة

المؤتمر الجامع لقضايا الدين والدولة
  • 05 سبتمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

أصدر مجلس الوزراء بيانا مساء الأمس الجمعة قال فيه إن اتفاق حمدوك- الحلو هو اتفاق ( مبدئي ) وأنه سوف يعرض على الجهات المعنية للنقاش حوله. كما تطرق البيان المشترك بين حمدوك والحلو إلى أقامة ورش غير رسمية لمناقشة القضايا الخلافية بين الطرفين. إلى هنا يكون الاتفاق الذي وقع بين حمدوك والحلو مجرد اتفاق حسن نوايا غير ملزم وليس فيه إكراه على فرض رؤية احادية من طرف او اثنين على بقية القوى السياسية والجماهير، وهذا يفتح الباب للحوار العقلاني حول قضية الدين والدولة بين جميع فئات الشعب.

قضية الدين والدولة هي قضية حساسة لا يمكن الفتوى فيها عبر لقاءات تفاوض بين حركة مسلحة وحكومة انتقالية، لأن تحديد هوية الشعب هي من صميم حقوق الشعب، وإكراه الشعب على تبني خيار فوقي من سلطة حاكمة لن يقود إلى السلام بل سيفجر الحرب مجددا، وهو ما يستوجب الإقتناع بأن قضية الدين والدولة يجب أن تناقش في إطار قومي وليس ثنائي، في اطار دستوري وليس في ثنايا بنود اتفاق سلام، وهذا يتأتى عبر اقامة مؤتمر جامع لمناقشة قضايا الدين والدولة في السودان، يستهدف تحقيق الإجماع على صيغة متوافق عليها لهوية البلاد تعصمها من الحروب والفرقة والشتات.

هناك ثلاث معسكرات في قضية الدين والدولة في السودان، معسكر العلمانية، معسكر الدولة المدنية، ومعسكر الدولة الدينية، وجميعهم أبناء هذا الوطن ولا يمكن أن يفرض أحدهم رؤيته على الآخرين، بل يجب أن يجلس أصحاب المشاريع الثلاثة مع بعض ويتفقوا على رؤية قومية يتم اقرارها عبر المؤتمر الدستوري الجامع. إن كان في السودان علمانيون يرفعون السلاح من أجل تطبيق العلمانية، واستجاب لهم حمدوك وقام بإعلان السودان دولة علمانية، فإن هذا سيغري الدينيين ايضا برفع السلاح لتطبيق الشريعة وسيحاربون الدولة ايضا، ونكون قد خرجنا من حرب لندخل حرب أخرى و( كانك يا ابوزيد ما غزيت). لذلك يجب استصحاب الجميع في هذا المؤتمر الجامع بما فيهم الإسلاميين. مع ضرورة اطلاق حوارات مجتمعية حول قضية الدين والدولة، وإثارة هذا الموضوع على مستويات شعبية متعددة، ترفد المؤتمر الجامع بالأفكار والرؤى. ليخرج الجميع من الحوارات والنقاش والمؤتمر الجامع حول هذه القضية بمشروع وطني موحد، يوحد الشعب ويغلق الباب أمام الفتن والحروب والانفصال.

اشير كذلك الى انه لابد من تجاوز سوء التقدير الذي حدث بعد إسقاط نظام البشير الاسلاموي المتمثل في الظن بان التيارات الإسلامية قد سحقت وتفرق شملها، تيار الإسلاميين السلفيين موجود وتيار الإسلام السياسي موجود، وهم شريحة سياسية لا يستهان بها. إكراه هذه التيارات الاسلامية على العلمانية، سيقودهم إلى التشدد، وقد تنفذ هذه الجماعات عمليات إرهابية داخل مدن السودان تستهدف قادة الحكم ودعاة العلمانية وتزعزع استقرار البلاد الذي يعاني اصلا من الهشاشة، وهو سيناريو لا يجب التشكيك بسذاجة في إمكانية حدوثه، مع الإشارة إلى أن هذا السيناريو اذا حدث سيفتح الباب مجددا لانقلاب عسكري يعيد البلاد إلى نفق الشمولية بحجة محاربة الإرهاب واستعادة الامن. لذلك لابد من استباق كل هذه السيناريوهات بإدارة حوار لا يستثنى منه أحد حول قضية الدين والدولة، من اجل الوصول إلى توافق سوداني- سوداني يغلق باب المزايدات والاحتقانات والحروب.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.